حذر نائب رئيس الوزراء، متحدث الحكومة التركية، نعمان قورتولموش، من ارتكاب قوات “الحشد الشعبي” (مليشيات شيعية موالية للحكومة العرقية)، محزرة ضد السكان السُنّة بمدينة الموصل، التي تشهد حاليًا معركة لاستعادتها من قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المسؤول التركي، خلال استضافته، أمس الأربعاء في برنامج “بلا حدود” على قناة الجزيرة القطرية الفضائية، أعرب خلالها عن خشية بلاده من “تنفيذ الحشد الشعبي والمليشيات الشيعية مجزرة ضد السنة بالموصل”.
وأكد أن “القوات التركية لن تنسحب من معسكر بعشيقة (شمالي العراق) الذي دخلته باتفاق مع الحكومة العراقية وليس بنيّة الاحتلال، فوجودها هناك ضمانة للموصل”.
وبدأت تركيا تدريب متطوعين من سكان الموصل في معسكر بعشيقة الذي يبعد 12 كلم شمال المدينة، بطلب من السلطات العراقية نهاية 2014، وتلقى الآلاف من الأهالي تدريبات عسكرية على يد 600 عسكري تركي حتى اليوم.
وجدد قورتولموش إصرار بلاده على المشاركة في معركة استعادة الموصل من “داعش”.
وذكر أن الموصل “متعددة الأعراق ومتجذرة في التاريخ، وعندما يتغير توازنها يتغير توازن المنطقة كلها، وعلينا العمل على الإبقاء على تركيبتها السكانية متماسكة”.
وفي ذات السياق وجه المسؤول التركي، سؤالا للحكومة العراقية فحواه “لماذا سلمت الموصل لداعش قبل عامين (يونيو/حزيران 2014) دون أن تطلق رصاصة واحدة؟!”
وقال إنه “لو بدأت حرب مذهبية في الموصل فإنها ستؤثر على المنطقة كلها”.
ودعا قورتولموش دول الخليج لـ”دعم تركيا في معركة الموصل ورفع أصواتها عاليا من أجل التوصل إلى حل كي لا تتحول معركتها إلى صراع طائفي”.
وانطلقت، فجر الإثنين الماضي، معركة تحرير الموصل مركز محافظة نينوى، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بقوات الحشد الشعبي، وقوات حرس نينوى (سنية)، إلى جانب قوات “البيشمركة ” (الإقليم الكردي)، وإسناد جوي من جانب مقاتلات التحالف الدولي.
وبدأت القوات الزحف نحو مدينة الموصل من محاورها الجنوبية والشمالية والشرقية من أجل استعادتها من قبضة “داعش”، الذي يسيطر عليها منذ 10 يونيو/حزيران 2014.
يأتي ذلك وسط تحذيرات حقوقية من ارتكاب ميليشيات “الحشد الشعبي” “انتهاكات” ضد أهالي الموصل؛ حيث سبق أن واجه اتهامات بارتكاب “انتهاكات” ضد أهالي مدن سنية خلال تحريرها من “داعش”، وهي الاتهامات التي يرفضها الحشد.
الأوضاع في سوريا
وبشأن سوريا، قال قورتولموش إن لـ”تركيا خطوطا حمراء تتمثل في تطهير الحدود الجنوبية لنا مع سوريا من المنظمات الإرهابية وعلى رأسها داعش”.
وأشار أن أن تركيا لن تسمح لتنظيم “ي ب ك” (الجناح المسلح لتنظيم “ي ب د” الذراع السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية) بأن تحكم أي منطقة على الحدود مع سوريا.
وأوضح أن مساحة عمليات “درع الفرات” التي تقوم بها القوات التركية شمالي سوريا، يبلغ عرضها 90 كم بطول يتراوح بين 65 إلى 68 كم.
واعتبر أن “داعش” هو الخطر الأكبر للعراق وسوريا، مشيرا إلى أن تنظيمي “ي ب ك” و”ي ب د” يقومان بعمليات تطهير عرقي في سوريا.
ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.
ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس وإعزاز السوريتين، وبذلك لم يبقَ أي مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.
“سايكس بيكو” جديدة
وحول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، قال قورتولموش إن ما يجري بها “هو حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة، وقد وصلت إلى أعلى سقفها في سوريا والعراق، ولا شك أن أن مدينتي حلب (السورية) والموصل ستحددان مصير المنطقة”.
وأضاف أنه “بعد مرور مئة عام، هناك سايكس بيكو جديدة (الأولى تم توقيعها عام 1915) حيث تجري عمليات تقسيم على أسس عرقية وطائفية”. ودعا شعوب الشرق الأوسط إلى الاستيقاظ.
وأوضح نائب رئيس الحكومة أن بلاده “مفتاح منطقة الشرق الأوسط، وتجاوزها سيفتت المنطقة”، ودعا الولايات المتحدة إلى أن “تختار بين تركيا وأعدائها”.
كما وصف علاقات بلاده بروسيا وإيران بأنها “تاريخية”. وأوضح أنها “سياسية واقتصادية ولا تتضمن نوايا خفية”.
وأشار أن “المرحلة القادمة من تقارب تركيا وروسيا ستكون من أجل سوريا”.