قالن: نأمل من إدارة “ترامب” انتهاج سياسة إقليمية تليق باستراتيجية بلدينا

قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، معلقًا على فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالرئاسة الأمريكية إن “تركيا تأمل من إدارة ترامب انتهاج سياسة إقليمية تولي أهمية للاستراتيجية التي تخاطب بها أنقرة الولايات المتحدة”.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المسؤول التركي، خلال حوار أجرته معه قناة محلية، وتطرق خلالها للحديث عن التطورات الإقليمة والدولية الراهنة.

وأضاف قالن “بعض الدول والسياسيين وأصحاب الرأي وجهات إعلامية في أوروبا (لم يحددها)، حاولت خلق رأي مغاير عما يجري في تركيا عبر تلفيق الأحداث فيها، ورأينا مواقفهم خاصةً فيما يتعلق بتوقيف نواب عن حزب الشعوب الديمقراطي (معارض)”.

وتابع في هذا الصدد “آمل أن تقرأ إدارة ترامب هذه الصورة بشكل صحيح، وتنتهج سياسة إقليمية من خلال فهم الأهمية الاستراتيجية التي تخاطب بها أنقرة، الولايات المتحدة الأمريكية”.

يذكر أن القضاء التركي، أصدر الجمعة، والسبت الماضيين، قرارات بحبس 10 نواب من “الشعوب الديمقراطي” بينهم الرئيسان المشاركان للحزب، على ذمة التحقيق، فيما قرر إطلاق سراح 3 آخرين – بعد توقيفهم – مع وضعهم تحت المراقبة، ولا يزال اثنان فارّان.

ويواجه المعتقلون تهمًا عدة تشمل “الترويج لمنظمة بي كا كا الإرهابية، والإشادة بالجريمة والمجرمين، وتحريض الشعب على الكراهية والعداوة، والانتساب لمنظمة إرهابية مسلحة، ومحاولة زعزعة وحدة الدولة”.

وهنأ قالن، ترامب لفوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، مبينا أن الأخير سيباشر عمله بعد شهرين ونصف.

وأشار إلى أن الأولوية التي تنتظرها تركيا من الولايات المتحدة الأمريكية خلال المرحلة المقبلة هي “التعاون الذي يليق بالتحالف فيما بيننا، لا سيما بخصوص مواصلة مكافحة الإرهاب معا”.

وعن سؤال حول رأيه في تصريحات ترامب حيال تركيا ورئيسها، رجب طيب أردوغان، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو/تموز الماضي قال المسؤول التركي “كانت تصريحات إيجابية”.

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن”، حاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.

ولفت قالن إلى أن “ترامب أدلى بتصريحات مهمة وواضحة حول القيادة القوية التي تحلى بها رئيس جمهوريتنا (أردوغان)، وكذلك حول شجاعة الشعب التركي، وانحيازه للديمقراطية”، واستطرد “هذا أمر يثير الإعجاب، ويدل على متابعة ترامب لتركيا عن كثب”

وحول ما إذا كان الرئيس أردوغان يخطط لإجراء زيارة إلى الولايات المتحدة كما جرت العادة، لفت قالن إلى أنه “لا توجد حاليا خطة في هذا الصدد، لكن الأمر سيتضح خلال الشهرين الأولين من العام المقبل 2017”.

الخلاف حول تنظيم “ب ي د”

في شأن آخر ذكّر قالن أن بلاده “لديها خلاف جذري مع إدارة (الرئيس باراك) أوباما (المنتهية ولايته)، فيما يخص التعامل مع تنظيم ب ي د(الجناح السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية)”.

وأفاد أن أنقرة “ترى أنه من الخطأ السماح بانخراط (ب ي د/ وجناحها المسلح ي ب ك) ضمن عمليات مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، لأن هذا من الممكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل الأخرى في سوريا والمنطقة عموما”.

وعن تصريحات مسؤولين أمريكيين حول أن واشنطن وأنقرة ستديران معا عملية الرقة بمحافظة حلب شمالي سوريا، أوضح قالن”قلنا في آخر لقاء مع مسؤولين أمريكيين إننا لن نكون ضمن أية عملية يوجد فيها (ب ي د)، فهذ السياسة خاطئة من الأساس”.

واستطرد “مقترحنا بشأن الرقة، هو أن هناك قوات محلية، والجيش السوري الحر، وقوات عربية يمكنها إدارة العملية هناك، وهؤلاء يمكنهم تطهيره المدينة من داعش من خلال دعمنا لهم، لا نحتاج إلى “ب ي د/ ي ب ك” هناك”.

وشدد قالن على أن بلاده مصرّة على إخراج ما تبقى من عناصر “ي ب ك” في مدينة منبج بمحافظة حلب، وأن الولايات المتحدة أكدت على أنها ستفي بوعودها التي قطعتها لتركيا في هذا الخصوص.

تجدر الإشارة أن تنظيم “ب ي د” يسعى إلى تشكيل حزام على امتداد الحدود التركية في الشمال السوري، وقطع الصلة بين البلدين.

وبدأ التنظيم الإرهابي بانتشار سريع عبر تلقي الدعم من نظام بشار الأسد من حين لآخر، إضافة إلى تلقيه دعماً أمريكياً قوي ومستمر.

وبرغم تصنيف الولايات المتحدة وتركيا لتنظيم “بي كا كا” في قائمة الإرهاب، إلا أنها تواصل التعامل مع امتداده السوري “ب ي د” وجناحه العسكري “ي ب ك” في مكافحة تنظيم داعش داخل سوريا.

وكانت واشنطن قد وعدت أنقرة بأن “قوات سوريا الديمقراطية” (مدعومة أمريكيا، ويشكل مسلحو ب ي د الامتداد السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية، عمودها الفقري) ستنسحب من المنطقة نحو شرق الفرات عقب الانتهاء من عملياتها ضد “داعش”.

وأخلفت الولايات المتحدة بوعودها، فيما ذهب التنظيم الإرهابي إلى أبعد من ذلك، ليستغل فرار “داعش” من المنطقة، عقب عملية “درع الفرات”، لتوسع سيطرته على أطراف نهر الساجور، أحد روافد الفرات.

– درع الفرات

وعن مدينة الباب شمالي محافظة حلب، أشار قالن، إلى أن “تقدم قوات النظام السوري، وتحليق الطائرات الروسية فوق المدينة أدى إلى نوع من البطئ في (درع الفرات)، إلا أن أنقرة ستتابع عملياتها حتى الوصول إلى عمق 30 أو 40 كم في المنطقة، من ضمنها الباب، بهدف تحقيق أمننا”.

وأكد قالن أن بلاده ستقوم بطرد الإرهابيين من المنطقة وستجعلها “منطقة آمنة حقيقية”.

ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، يوم 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.

ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس واعزاز السوريتين، وبذلك لم يبقَ أية مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.

الموصل

وبخصوص العملية العسكرية الجارية حاليا لاستعادة مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق، من تنظيم “داعش” الإرهابي، قال الناطق الرئاسي إن هدف بلاده من المشاركة في العملية “هو دعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”،

واعتبر أن “جميع العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والمذهبية هم أخوة لتركيا”.

وأوضح في هذا الخصوص أن بلاده “تواجه تهديدات إرهابية مختلفة وغالبيتها من بي كا كا، ولا بد من اتخاذ تدابير مختلفة بشكل عاجل لعرقلة تلك التهديدات”.

وعن الوضع في قضاء سنجار غرب الموصل، قال قالن “سنجار بها مخاطر أمنية كبيرة، الأمريكيون والعراقيون يعلمون ذلك جيدا، وجود (بي كا كا) في سنجار يشكل تهديدا أمنيا لنا جميعا”.

وأضاف “إذا حاولت بي كا كا فرض الأمر الواقع هناك، عبر استخدام الإيزيدين كدروع بشرية وتظاهرت بأنها تحرر سنجار، فعندنا خطوات سنخطوها (لم يحددها) في هذا الخصوص، لن نسمح بتحول سنجار إلى قنديل ثانية”.

والإيزيديون مجموعة دينية، يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل (شمال)، ومنطقة جبال سنجار في العراق، فيما تعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وإيران، وجورجيا، وأرمينيا.

وفي 17 أكتوبر/تشرين أول الماضي، انطلقت معركة استعادة الموصل، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي (ميليشيات شيعية موالية للحكومة)، وحرس نينوى (سنة)، إلى جانب “البيشمركة” (جيش الإقليم الكردي)، وبغطاء من التحالف الدولي.

واستعادت القوات المشاركة في العملية خلال الأيام الماضية، عشرات القرى والبلدات في محيط المدينة من قبضة التنظيم الإرهابي، كما تمكنت من دخول الموصل من الناحية الشرقية، ووصلت إلى مشارفها الشمالية، كما سيطرت قوات البيشمركة على مدينة بعشيقة (20 كلم شمال شرق الموصل).

ولا يزال نحو 1.5 مليون مدني في المدينة وتسود المخاوف بشأن مصيرهم وسط المعارك واحتمال استخدامهم كدروع بشرية من قبل تنظيم “داعش”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.