تلقّت منظمة “بي كا كا” الإرهابية في الآونة الأخيرة، ضربات موجعة بسبب تكثيف قوات الأمن التركية حملاتها ومداهماتها ضدّ مصادر دخل المنظمة التي تتمثّل في تهريب البشر وتجارة المخدرات والأسلحة وجمع الإتاوات من أصحاب المحلات ورجال الأعمال، وهي أهم مصادر دخلها.
وتستمر “بي كا كا” المدرجة في لوائح الإرهاب العالمية، بعملياتها الإرهابية داخل المدن، بعد أن كانت تقتصر عملياتها في القرى والأرياف في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
ولا تكتفي المنظمة الإرهابية بموارد دخلها الموجود في تركيا، بل تقوم بجمع المال في دول القارة الأوروبية عبر تهريب البشر وتجارة المخدرات، وتبييض الأموال وبعض الجمعيات والمنظمات التي تدّعي القيام بأنشطة مدنيّة.
وضمن الحملات التي تقوم بها قوات الأمن التركية لتجفيف مصادر الدخل للمنظمة الإرهابية، أنزلت القوات التركية ضربة موجعة ضد عناصر “بي كا كا” في قضاء ليجة بولاية دياربكر التي تعتبر من أهم المناطق التي تعتمد عليها المنظمة في إنتاج وتجارة المخدرات.
وتقدّر عائدات المنظمة الإرهابية من زراعة “القنب الهندي” (البانجو) المخدر بـ 500 مليون ليرة تركية (نحو 170 مليون دولار)، فيما وصلت أرباحها من تجارة كافة أنواع المخدرات خلال 2016 إلى 1.5 مليار دولار، بما في ذلك الكميات التي باعتها المنظمة في الدول الأوروبية.
وعمدت المنظمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة إلى تجارة المخدرات لزيادة مصادر تمويلها، وأصبحت عائداتها من المال الناجمة عن إنتاج ونقل وتوزيع وبيع المخدرات، المصدر الأول لتمويلها.
وأوضحت مصادر في أجهزة الاستخبارات التركية للاناضول، أنّ المنظمة الإرهابية تجمع مبالغ نقدية في عدد من بلدان القارة الأوروبية تقدّر بـ 30 مليون يورو سنوياً تحت اسم “التبرع الخيري”، وذلك رغم إدراج تلك الدول لـ “بي كا كا” على قوائم المنظمات الإرهابية لديها.
وتُنفق قسما من هذه الاموال على النشاطات التي تقوم بها جمعيات تابعة للمنظمة الإرهابية في عدد من الدول الأوروبية، بينما يتم تخصيص قسم آخر لفعاليات إعلامية تدعم نشاطات “بي كا كا”، ويخصص الجزء الأخير لتوفير الدعم اللوجستي لعناصرها التي تحمل السلاح.
كما تعتمد المنظمة الإرهابية على عمليات تهريب البشر والبضائع، كمصدر هام من مصادر دخلها، فقوات الأمن التركية استطاعت خلال حملاتها ضبط كميات كبيرة من السجائر والشاي المهربة التي تقوم المنظمة بإدخالها بطرق غير قانونية من العراق وإيران وسوريا إلى تركيا.
وتقوم المنظمة الإرهابية بأخذ الضرائب والإتاوات عنوة من أصحاب المحلات ورجال الأعمال، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية من تركيا، وتخطف كل من يرفض دفع الحصة المخصصة له من قِبل قيادات “بي كا كا”.
وكشف تقرير وزارة الداخلية التركية أن المنظمة الإرهابية تعمل على إنتاج الهيروين في مختبرات أنشأتها داخل المعسكرات التابعة لها بشمال العراق، وأنها تجني ضرائب من منتجي المادة ذاتها في القرى المحاذية للحدود الإيرانية والعراقية، بحسب كمية الإنتاج.
وأوضح أن المنظمة ذاتها تقوم بشحن المخدارت التي تنتجها في شمال العراق إلى الدول الأوروبية، وتتقاضى نسبة من المال من المجموعات العاملة في عملية الشحن، في حين يلعب عناصرها دورًا فاعلا في توزيع وبيع المخدرات داخل تلك الدول.
وفي هذا الصدد قال الأستاذ الدكتور مسعود حقّي جاشين، المدرس في جامعة أوزيغين، لمراسل الأناضول، إنّ مصادر تمويل “بي كا كا” ليست في الداخل التركي فقط، بل توجد مصادر في سوريا والعراق وإيران أيضاً تقوم بتمويل هذه المنظمة الإرهابية.
وأوضح أوزيغين أنّ تردّي الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، وغياب سلطة الدولة في العديد من بلدان هذه المنطقة، مهدت الطريق لـ “بي كا كا” لتوسيع نطاق نفوذها والتمدد أكثر والسيطرة على مساحات أوسع، الأمر الذي ساهم في زيادة مصادر تمويلها.
وأشار أوزيغين أنّ أفضل وسيلة لمكافحة منظمة “بي كا كا” وشل نشاطاتها الإرهابية، تتمثّل في تجفيف مصادر دخلها ومنع تمكّنها من الوصول إلى الأموال التي من خلالها تقوم المنظمة بشراء الأسلحة وضمّ عناصر جديدة إلى بنيتها.
من جانبه أوضح الدكتور “أراي غوجلو أر” الخبير في مجال مكافحة الإرهاب بجامعة كمربورغاز أنّ “بي كا كا” تأخذ حصصاً من عمليات التهريب التي تحصل في بعض النقاط الحدودية، وتقوم بتهريب المخدرات عبر الحدود أيضاً.
ولفت غوجلوار أنّ أفغانستان تعد من أكثر البلدان التي تنتج المخدرات بـ 500 مليون طن سنوياً، وأنّ منظمة بي كا كا الإرهابية تأخذ ضرائب من صادرات هذه المادة اثناء إدخالها إلى بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط.
وعملت منظمة “بي كا كا” الإرهابية على إخفاء أنشطتها في تهريب المخدرات، الذي يعد مصدر تمويل هام بالنسبة لها، وذلك للحيلولة دون تشويه سمعتها، كون المخدرات جريمة إنسانية معترف بها دولياً، إلا أن جهودها في هذا الإطار باءت بالفشل.
ويورد العديد من التقارير الدولية اسم منظمة “بي كا كا” الإرهابية كمثال على المنظمات الإرهابية المُموَّلة من تجارة المخدرات، وتؤكد التقارير انخراط قياداتها وعناصرها في جميع مراحل هذه التجارة بدءاً من الإنتاج حتى البيع.