بحافلته الصغيرة التي حوّلها إلى مطعم جوال، يجوب مصطفى فاضلي قرمان، ورفاقه أزقة وشوارع إسطنبول، ليوزّع كوباً من الحساء الساخن ويرسم به البسمة على وجوه من لم يحالفهم الحظ في الظفر بمأوىً، يقيهم برد الشتاء القارس.
قرمان ورفاقه بدأوا هذا العمل الخيري، منذ أكثر من عامٍ كامل، وذلك عملاً بمبدأ الواجبات الإنسانية المفروضة، على عاتق كل إنسان، ومتطلبات الأخوة الاجتماعية التي تفرض على كل شخص التفكير بالمحتاجين.
وبحسب قرمان، فإن معاناة والده في مراحل الدراسة، وقضائه الليالي الباردة في الطرقات ومحطات حافلات النقل والحدائق، دفعه إلى الإقدام على هذا العمل الخيري.
وعن حافلته الصغيرة التي حولها إلى مطعم متنقّل، أفاد قرمان للأناضول بأنّ تصميم هذه الحافلة استغرق عاماً كاملاً، وألبسوها من الداخل بـ 500 كيلو غرام من مادة الكروم حفاظاً على النظافة.
وتابع قرمان قائلاً: “نستهدف من عملنا هذا، الوصول إلى الذين لم يحالفهم الحظ بالظفر في مأوى يقيهم برد الشتاء، واضطروا للبقاء في الشوارع والحدائق، فهؤلاء يشعرون بأنّهم مستبعدين من المجتمع”.
“كل يوم ننطلق من منطقة قاضي كوي في الطرف الأسيوي من مدينة إسطنبول ونوزّع الحساء للمحتاجين في عدد من المحطات، لينتهي بنا المطاف في منطقة الفاتح بالجانب الأوروبي من إسطنبول”، هذه هي نطاق عمل الفريق، وفق قرمان.
ولا يكتفي قرمان، بتوزيع الحساء للمحتاجين، بل يحاول من خلال المسامرة معهم التعرف على معاناتهم ومشاكلهم والأسباب التي دفعتهم للعيش في الشوارع والحدائق.
فالهدف الحقيقي من وراء هذه الخطوة، بحسب قرمان، هو تعزيز روح التآخي ونشر الألفة والمحبة والتفكير بالآخرين على أوسع نطاق، وإحياء مفهوم التضامن الاجتماعي الموجود أصلاً داخل المجتمع التركي.
الخطوة آتت مفعولها وأصبحت مثالاً يحتذي بها العديد من الأشخاص، حيث أصبح هناك، وفق قرمان الذي كشف عن وجود 25 مطعماً متنقلاً في تركيا يقوم بتوزيع الحساء والطعام للمحتاجين.
وأردف: “في الحقيقة عندما نوزع الحساء على المحتاجين ونؤمّن بعض احتياجاتهم، نكون قد قدّمنا المساعدة لأنفسنا، لأننا بهذه الخطوة نشعر بأننا نقوم بوظائفنا الإنسانية ونغذّي روحنا ووجداننا، ولهذا فإننا لا نشعر بالملل ولا نشتكي من عملنا هذا، وسنستمر في هذا العمل وسنسعى لنشره على نطاق واسع”.
من جهته قال بارش درتسيز الذي يحاول الاستمرار في الحياة عبر جمع العبوات البلاستيكية وبيعها، إنّ توزيع الحساء في الطرقات والشوارع يعدّ خطوة مهمة بالنسبة لهم، حيث أعرب عن امتنانه من القائمين على هذا العمل الخيري.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن أعداد المشردين في تركيا، إلا أن تقديرات غير رسمية تشير إلى أنها قليلة.