تركيا والسعودية.. 7 أيام من التحركات المكوكية تتوّج بـ”شراكة نموذجية”

بدأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مساء أمس، زيارة للعاصمة السعودية الرياض، وهي ثاني محطة في جولة خليجية بدأها في البحرين، أول أمس الأحد، ويختتمها بزيارة لقطر تنتهي غدا الأربعاء.
وتأتي زيارة الرياض ضمن سلسلة تحركات مكثفة قام بها مسؤولان في الدولتين، خلال سبعة أيام، ضمن جهود يبذلها الجانبان بهدف الارتقاء بالعلاقات المشتركة إلى “شراكة نموذجية”.
وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية على مدار العامين الماضيين، خصوصا بعد تولي الرئيس أردوغان رئاسة تركيا، في 28 أغسطس/ آب 2014، وتولي الملك سلمان حكم المملكة، في 23 يناير/ كانون ثان 2015.
وخلال سبعة أيام، شهدت العلاقات بين تركيا والسعودية 4 محطات مهمة مثلت دفعة قوية لهذه العلاقات، التي تزاد متانة يوما بعد آخر، وفق تصريحات مسؤولي البلدين.

** المجلس الإستراتيجي
عقدت الدورة الأولى من مجلس التنسيق التركي السعودي، في العاصمة التركية أنقرة، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، برئاسة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ونظيره السعودي، عادل الجبير.
وتأسس مجلس التنسيق خلال زيارة العاهل السعودي إلى مدينة إسطنبول التركية، في أبريل/ نيسان 2016، حيث تم خلالها توقيع محضر إنشاء المجلس، بحضور الرئيس أردوغان والملك سلمان.
وقبيل بدء جولته الخليجية الراهنة، وخلال مؤتمر صحفي في مطار “أتاتورك” بإسطنبول، أول أمس الأحد، لفت الرئيس التركي إلى أهمية هذا المجلس وتلك الزيارة بقوله إن “زيارة أخي الملك سلمان إلى تركيا في نيسان/أبريل الماضي كانت بمثابة منعطف مهم في العلاقات الثنائية في كافة النواحي، كما أن مجلس التنسيق التركي السعودي الذي تم تأسيسه، أكسب علاقات البلدين بعدا جديدا”.

** وزير الدفاع بالرياض
بالتزامن مع ختام الدورة الأولى من مجلس التنسيق التركي السعودي في أنقرة، شهدت الرياض، الأربعاء الماضي، مباحثات بين ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، ونظيره التركي، فكري إشيق.
وجرى خلال الاجتماع “استعراض أوجه التعاون القائم بين المملكة وتركيا، خاصة في الجانب الدفاعي، وسبل مواصلة تطوير مسارات التعاون العسكري خاصة في المجال الصناعي”، إضافة إلى “تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة في محاربة الإرهاب”، وفق الوكالة الرسمية السعودية للأنباء.
وفي اليوم نفسه، تفقد وزير الدفاع التركي مصنع الأجهزة اللاسلكية، الذي أسسته شركة “أسيلسان” التركية المتخصصة في الصناعات الإلكترونية العسكرية، بالتعاون مع المؤسسة السعودية العامة للصناعات العسكرية في الرياض، في ديسمبر/ كانون أول الماضي.
وجرى تأسيس هذا المصنع لتلبية متطلبات القوات المسلحة والقوى الأمنية السعودية، من حيث التجهيزات والبرمجيات، وهو أحد أبرز ملامح البعد الجديد والمنعطف التي شهدته العلاقات بين البلدين، الذي تحدث عنه أردوغان.
وخلال زيارته للمصنع، لفت الوزير إشيق في تصريحات له إلى أنه جرى استكمال مشروعات بينما توجد أخرى قيد التخطيط والتنفيذ مع السعودية.
وأشاد الوزير التركي بمصنع الأجهزة اللاسلكية، مشددا على أنه يمثل انطلاقة مهمة للغاية في التعاون بين البلدين على صعيد الصناعات العسكرية المتعلقة بالتصدي للحروب الإلكترونية.

** وزيرة الأسرة في جدة
مباحثات تعزيز التعاون بين تركيا والسعودية شملت أيضا مجالات التنمية الاجتماعية، وذلك خلال مشاركة وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية، فاطمة بتول قايا، في مؤتمر “تعزيز قيم مؤسسة الزواج والأسرة”، الذي نظمته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، بالتعاون مع هيئة حقوق الإنسان، ومنظمة التعاون الإسلامي، في مدينة جدة يومي الأربعاء والخميس الماضيين.
وعلى هامش المؤتمر، استقبل وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي، علي بن ناصر الغفيص، الوزيرة التركية، حيث بحثا عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في مجالات التنمية الاجتماعية، وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم البلدين.
وأكد الغفيص، خلال اللقاء، عمق العلاقة بين البلدين في عدد من المسارات التنموية والحضارية.

** أردوغان في المملكة
بدأ الرئيس التركي، مساء أمس، زيارة للعاصمة السعودية، يجري خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين، في مقدمتهم الملك سلمان.
وكان العاهل السعودي في مقدمة مستقبلي أردوغان في مطار قاعدة الملك سلمان الجوية، إضافة إلى أمير منطقة الرياض، الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، وسفير السعودي لدى أنقرة، وليد الخريجي، وسفير تركيا لدى الرياض، يونس ميرار، فضلا عن مسؤولين آخرين.
وعقب وصوله، استقبل أردوغان، في مقر إقامته، مساء أمس، ولي العهد السعودي، وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، في لقاء استمر 25 دقيقة، بعيدا عن عدسات الصحفيين.
وتكتسب زيارة الرئيس التركي للرياض أهمية خاصة لأكثر من سبب، أولها أنها أول زيارة له بعد عقد الدورة الأولى لمجلس التنسيق التركي السعودي في أنقرة قبل أيام.
كما أنها أول قمة بين الزعيمين بعد تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحكم في 20 يناير/ كانون ثان الماضي، وهو ما يستلزم تنسيقا بين قائدي أكبر وأهم دولتين إسلاميتين بشأن المرحلة المقبلة.
والقمة المرتقبة بين الزعيمين هي أول قمة بينهما خلال العام الجاري، بعد 8 قمم تركية سعودية خلال عامي 2015 و2016، جمعت الرئيس أردوغان بقادة السعودية، وهي: 5 قمم مع الملك سلمان وقمتان مع ولي العهد، وقمة مع ولي ولي العهد.
وزيارة الرئيس التركي الراهنة للرياض هي الثالثة له في عهد الملك سلمان، إلى جانب زيارة منفصلة قدم خلالها العزاء في وفاة العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبدالعزيز، في يناير/ كانون 2015.
وأشاد السفير السعودي لدى أنقرة، وليد الخريجي، في تصريح للأناضول، الأحد، بالعلاقات الثنائية التي تجمع البلدين في كافة المجالات، مشددا على أن “الرياض وأنقرة من أهم القوى الإقليمية المؤثرة في المنطقة”.
الخريجي أضاف أن زعيمي البلدين يحرصان على تطوير التعاون في الجانب العسكري والدفاعي والمجالات الاقتصادية والتبادل التجاري.
وشدد السفير السعودي على أن الرياض وأنقرة “تتناغم مواقفهما السياسية في العديد من القضايا، لاسيما في سوريا والعراق”، وأنها “حريصتان على التعاون الوثيق بينهما لنزع فتيل الأزمات وأسباب الصراع في الشرق الأوسط”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.