يعمل التركي كهرمان يلديز من أجل أن ينقل للأجيال الشابة الحرفة التي تعلمها عبر عقود والمتمثلة في تعليق اللافتات “المَحْيا” أو “mahya” بين مآذن المساجد خلال شهر رمضان.
والمحيا هي لافتات ضوئية تعلق في شهر رمضان بين مآذن العديد من المساجد الكبيرة في تركيا، وتحمل عبارات دينية تتغير على مدار الشهر، ويرجع تاريخها إلى العهد العثماني.
ويلديز مسؤول عن فرق الكهرباء والمحيا في الإدارة العامة للأوقاف بإسطنبول، ورغم تقاعده عام 2013، طلب منه العودة مرة ثانية لعمله الذي يؤديه بمحبة كبيرة، إلا أنه يعتقد أنه في حال لم تبد الأجيال الشابة اهتماما كافيا به فإنه قد ينتهي إلى الاندثار.
ونتيجة خبرته ومهارته الكبيرة التي لم يتبق من يجاريه فيها أصبح يطلق عليه “المحياجي” الأخير، ويعمل يلديز من أجل أن لا يصبح فعلا الشخص الأخير الذي يقوم بهذه الحرفة.
وقال يلديز للأناضول إنه بدأ العمل كصبي كهربائي عام 1971، ومن ثم أصبح خبيرا في الحرفة وبعدها في حرفة إعداد وتعليق المحيا، التي تلقاها على يد “المحياجي” العثماني الآخير “حاجي علي جيهان”.
وأشار يلديز أن المحيا اختفت في فترة ما خلال طفولته، لكنها عادت لتزين المساجد عام 1975، عندما علق هو لافتة محيا تهنيء بذكرى فتح إسطنبول بين مآذن مسجد السلطان أحمد.
ويخشى يلديز من اندثار مهنته مع الزمن، إذ يقول إن الشباب لم يعودوا يهتمون بحرفة تعليق المحيا وهو ما جعله يستمر في العمل رغم وصوله سن التقاعد.
ويشير أن إعداد وتعليق المحيا ليست عملية سهلة إذ تتطلب إجراء العديد من الحسابات لضبط الكتابة وارتفاعها، وعند تعليق لافتات المحيا يقوم الفريق بصعود المآذن والنزول عدة مرات ليتمكن من ضبط اللافتة.
ويعود تقليد المحيا إلى ماقبل (450) عاما، حيث علقت أولى لافتات المحيا في عهد السلطان العثماني، “أحمد الأول”، بين مآذن جامع “السلطان أحمد” الشهير.
وكانت لافتات “المحيا” تصنع في العهد العثماني، من المصابيح الزيتية، وتعلق بشكل متناسق ليكون جملا معينة، وكان يتطلب المحافظة عليها موقدة طوال الشهر الكريم مهارة خاصة.
ومع بداية العهد الجمهوري بدأ استخدام المصابيح الكهربائية في لافتات “المحيا”، وهو ما جعل مهمة تعليقها، وإيقادها أسهل.
وتتغير الجمل التي تحملها “المحيا” خلال الشهر، ففي بدايته تكون جملا مرحبة بقدوم رمضان، ثم تتغير إلى جمل مذكرة بفضائله، وفي العشر الآواخر تذكر “المحيا”، بأهمية الليالي المباركة خاصة ليلة القدر.
ومع اقتراب نهاية الشهر تودع “المحيا”، “سلطان الشهور الأحد عشر” – كما يصفه الأتراك -، سائلة الله أن يتقبل عبادات المسلمين.
الاناضول