اعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن “العلاقات بين تركيا وألمانيا تستند إلى تاريخ طويل، ولا يوجد سبب منطقي لقطعها الآن”.
جاء ذلك في مقال نشره الثلاثاء في صحيفة “دايلي صباح” التركية الناطقة بالإنجليزية بعنوان “تركيا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟”
وأضاف: “إقامة علاقة أساسها الثقة والمصالح المتبادلة والمساواة والاحترام أمر ممكن وضروري بين تركيا وأوروبا. على الأتراك والألمان والأوروبيين أن يعملوا بجد لتجنب المواقف غير العقلانية والسياسات غير المسؤولة التي تلحق في نهاية المطاف الأذى بالجميع”.
وأشار قالن أنه “في الوقت كان الجميع يتوقع فيه نشوء مناخ جديد أكثر إيجابية فيما يتعلق بالعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وألمانيا بعد لقاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالزعماء الأوروبيين في قمة العشرين التي عقدت في ألمانيا (في وقت سابق من الشهر الجاري) أعلن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن تغير كبير في سياسة بلادة إزاء تركيا”.
ولفت قالن إلى أنه “تم الحديث عن سببين أساسيين لهذا التغيير؛ الأول هو اعتقال مواطن ألماني في تركيا بتهمة التورط في أفعال مخالفة للقانون، والثاني هو الإدعاء بأن تركيا تُجري تحقيقات حول شركات ألمانية على أراضيها ضمن التحقيقات المتعلقة بمجموعة فتح الله غولن الإرهابية، وذهبت الحكومة الألمانية إلى حد الادعاء بأن المواطنين والشركات الألمانية ليسوا في أمان في تركيا”.
وأكد قالن أن الاتهامين ليس لهما أي أساس من الصحة؛ حيث أن “المواطنين الألمان أو غيرهم من الأجانب غير معرضين لأي تهديد خلال زيارتهم لتركيا أو عملهم بها. وواقعة اعتقال المواطن الألماني التي يشار إليها تأتي ضمن عملية قضائية، والمحاكم فقط هي المخولة بالبت فيها. كما أنه لا توجد قائمة سوداء بشركات ألمانية يتم التحقيق بشأنها أو استهدافها بأي شكل”.
وأشار إلى أنه رغم معارضة ألمانيا لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والخلاف بين البلدين على مسائل من قبيل الاندماج، والانصهار، والتعددية الثقافية، والحرب السورية، فإن “الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة، الذي تم التوصل إليه بقيادة ألمانيا، نجح في وقف تدفق اللاجئين من سوريا والمنطقة إلى أوروبا. كما أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين استمرت بشكل جيد حتى في الأوقات المضطربة”.
وجاء موقف ألمانيا من الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أجري في تركيا في 16 إبريل/نيسان الماضي ليفاجئ الجميع، كما أشار قالن؛ “ففي الوقت الذي يشتكي فيه الإعلاميون والسياسيون الألمان من مدى حرية التجمع في تركيا، منعت السلطات الألمانية السياسيين من حزب العدالة والتنمية والمسؤولين الأتراك وعلى رأسهم (الرئيس رجب طيب) أردوغان من عقد لقاءات مع الناخبين الأتراك في ألمانيا، في حين سمحت للمعارضين للتعديلات الدستورية بتنظيم عدد كبير من البرامج”.
وبالإضافة إلى ذلك، سمحت السلطات الألمانية – حسب قالن – لعناصر منظمة بي كا كا الإرهابية “بعقد تجمعات ليس فقط لدعم التصويت بـ(لا) في الاستفتاء، وإنما كذلك للترويج لأيديولجية المنظمة وتبرير أعمالها الإرهابية. كما سمحت ألمانيا للعديد من المشتبه بانتمائهم لمنظمة غولن الإرهابية الذين توجد بحقهم مذكرات اعتقال في تركيا بدخول أراضيها”.
وأضاف قالن أن “هاجس أردوغان لا يزال يسيطر على وسائل الإعلام الألمانية، والتي تبدو كتاباتها عن أردوغان كما لو كانت أفكارا صادرة عن أشخاص مضطربين عقليين وليست كتابات سياسية جادة”.
وأشار قالن إلى تصريح الحكومة المانية أنها ستنقل القضية إلى بقية أوروبا، قائلا إنه “يعني أنها ستستخدم نفوذها لتعبئة دول أوروبية أخرى ضد تركيا”.
وتساءل قالن: “هل يبدو هذا فعلا كسياسة؟ هل يعتقد أيا كان أن تركيا فقط هي التي ستتضرر من هذا النهج غير العقلاني؟ إلى متى ستستمر ألمانيا في غض الطرف عن مخاوف تركيا الأمنية المشروعة المتعلقة بتواجد بي كا كا ومنظمة فتح الله غولن الإرهابية ومجموعات أخرى تشترك في عدائها الصريح لتركيا؟ كيف كانت ألمانيا، أو أي دولة أخرى، ستتصرف لو أن تركيا سمحت لأفراد ومنظمات معادية لها بشن هجمات مستمرة عليها؟”.
واعتبر قالن أن “الانتخابات البرلمانية المزمعة في ألمانيا في سبتمبر/أيلول المقبل تلعب دورا في الموقف الألماني، حيث أن الشعبوية المناهضة لتركيا تجتذب الأصوات، كما أن البعض يرون أردوغان وتركيا باعتبارهم (آخر) يمكنهم من خلاله صرف الاهتمام عن مشاكلهم الداخلية عبر التركيز على عدو بعيد متخيل. بعض الدوائر السياسية في أوروبا تستخدم تركيا كمشكلة لتجنب النظر لأنفسهم في المرآة”.
وأضاف: “علينا أن نواجه الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن تحويل تركيا إلى آخر عدو قد يؤدي على المدى القصير إلى مكاسب للانتهازيين السياسيين واليمين المتطرف العنصري في أوروبا، إلا أنه لن يحل مشاكل أوروبا ولن يوفر خريطة طريق سياسية وأخلاقية للمستقبل، وإنما سيقوم فقط بتعميق الشعور بانعدام الثقة الذي يسمم العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي من ناحية والمجتمعات الإسلامية والغربية من ناحية أخرى”.
الاناضول