لا تخطط المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر إنهاء مقاطعة قطر في أي وقت قريب، ويمكن أن تزيد من الضغط عليها. إذ أكدت الدول الأربع في بيان مشترك، مساء الثلاثاء، على “استمرار إجراءاتها الحالية إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة التي تضمن التصدي للإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.”
وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، قد قال الأسبوع الماضي عقب رفض قطر الامتثال لقائمة مطالب الدول الأربع: “الخطوات القادمة ستزيد من عزلة قطر، وموقعها سيكون مع إيران والعديد من المنظمات الإرهابية المارقة، أين الحكمة في هذا التهاون مع التطرف والإرهاب؟”
ولكن ما هي الإجراءات التي يمكن للدول الأربع اتخاذها الآن؟
قال فاروق سوسا، كبير الاقتصاديين في “سيتي بنك” في الشرق الأوسط: “ليس واضحاً على الإطلاق ما يمكن أن تفعله الدول العربية لزيادة الضغط على قطر.. نعتقد أن إضفاء طابع رسمي على مستوى عزلة قطر الحالية هو الخيار الأرجح.”
اختيار طرف دون الآخر
ويقول سوسا ومحللون آخرون إن دول المقاطعة قد تحاول زيادة الضغط عبر محاولة إقناع شركاء قطر التجاريين العالميين بتخفيض علاقاتهم مع الدوحة.
إذ قال توربجورن سولتفدت، المحلل الرئيسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “مابلكروفت”، وهي شركة استشارية عالمية للمخاطر: “من المرجح ألا ترغب الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا بالانجرار إلى الخلاف، بيد أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها قد يحاولون إجبار الشركات والدول الاجنبية على اختيار طرف دون الآخر.”
وقد يكون لذلك تداعيات على اقتصاد قطر.
إذ قالت آمي ماكاليستر، الخبيرة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط في “أكسفورد إكونوميكس”: “سيعاني القطاع المالي بعد ذلك من عدم رغبة البنوك الإقليمية في التعامل مع قطر، أو قد يختارون حتى سحب الودائع بالكامل.”
ويشعر المستثمرون بالقلق بالفعل، إذ انخفض مؤشر سوق الأوراق المالية في الدوحة بنسبة 10 في المائة منذ قطع العلاقات في 5 يونيو/ حزيران الماضي. ولكن هناك لا توجد مؤشرات قوية على أن الشركات الدولية الكبرى تشعر بالخوف.
وكانت شركة “توتال” الفرنسية أعلنت، الثلاثاء، تدشين أعمال تطوير “حقل الشاهين” البحري في قطر، بالشراكة مع شركة “قطر للبترول” الحكومية. وقالت الشركة الفرنسية في بيان إن “توتال ملتزمة تماماً بتطوير شراكتها مع قطر للبترول سواءً في قطر أو على الصعيد الدولي، وإنها مستعدة لمواصلة توسيع تعاونها خصوصاً في مشاريع جديدة في قطر.”
مجلس التعاون الخليجي
ومن العقوبات الأخرى المحتملة هي سحب عضوية قطر من مجلس التعاون الخليجي، الذي تأسس في عام 1981 لتنسيق السياسات بين دول الخليج. ومن المفترض أن يكون مواطنو الدول الأعضاء قادرون على السفر والعمل بحرية في أي من الدول الأعضاء.
وقال سولتفدت: “طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي سيكون تصعيداً كبيراً، يُخاطر بدفع قطر إلى مدار إيران.” كما أن ذلك سيتطلب دعم الكويت التي تحاول التوصل إلى حل للأزمة الراهنة.
وهناك جهود دبلوماسية أخرى جارية. إذ زار وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الدوحة، الثلاثاء، لتوقيع مذكرة تفاهم مع قطر حول مكافحة الارهاب.
وقال تيلرسون: “أعتقد أن قطر كانت واضحة تماماً في مواقفها، وأعتقد أنها معقولة للغاية، ونريد أن نتحدث الآن عن كيفية المضي قدماً في الأمور.”
ويعقد تيلرسون، اليوم الأربعاء، اجتماعاً مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين، في جدة، لحث الأزمة.
نزاع طويل قد يُؤلم
لم تظهر قطر أي مؤشرات بالاستجابة إلى مطالب دول المقاطعة التي تشمل إغلاق شبكة الجزيرة التي تمولها الدولة وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إيران ووقف بناء قاعدة عسكرية تركية في قطر.
وأعلنت قطر، الأحد، عن تدشين لجنة المطالبة بالتعويضات عما وصفته بـ”الأضرار التي نتجت عن الحصار”.
وحتى الآن، لم تسفر العقوبات عن أضرار تُذكر للاقتصاد الأوسع. وبفضل موارد الغاز الضخمة، تُعد قطر واحدة من أغنى دول العالم. كما أن لديها صندوق ثروة سيادية بقيمة تبلغ 335 مليار دولار ولديها استثمارات ضخمة في الخارج.
ولكن المقاطعة المطولة والتدابير الأكثر صرامة يمكنها أن تتسبب بأضرار.
إذ قالت ديما جردانة، المديرة التنفيذية للبحوث الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “ستاندرد تشارترد”: “(قطر) لديها القدرة على تخفيف واحتواء (المخاطر الاقتصادية والمالية)، شريطة ألا تتأثر صادراتها الهيدروكربونية بالأزمة. لكن تكاليف التشغيل والأعمال التجارية في قطر يمكن أن تصبح صعبة ومكلفة بشكل متزايد طالما أن استمرت العزلة.”
وحذرت وكالة “موديز” للتصيف الإئتماني من أن قطر ستُعاني دون حل سريع للأزمة. وسيؤثر إغلاق المنافذ الجوية من قبل جيران قطر على السياحة وغيرها من صناعات الخدمات ويضر بأرباح الخطوط الجوية القطرية وغيرها من الشركات. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تتعطل جهود الحكومة لتنويع الاقتصاد.
وأضافت “موديز” في مذكرة، الأسبوع الماضي: “ترى موديز أن احتمالية استمرار حالة من عدم اليقين لفترة طويلة تمتد إلى عام 2018 قد ازدادت، ومن غير المحتمل حل النزاع بسرعة خلال الأشهر القليلة القادمة، ما يحمل مخاطر تأثر أسس الائتمان السيادي في قطر سلبي”
سي ان ان