من ابتكارات القطاع السياحي في تركيا، نجد “المزارع البيئية”، كخيار مغاير لثقافة الفنادق الفخمة، حيث بإمكان السائح استئجارها، لقضاء عطلته، في أجواء طبيعية، تتيح له أيضا، تجربة أعمال مثل الفلاحة والرعي.
ومؤخرا، شهدت “المزارع البيئية” في ولايات أنطاليا (جنوب) وموغلا (غرب) وبوردور (جنوب غرب)، إقبالًا كبيرًا من السياح، الذين يتحاشون ضجيج المدن.
ومع شروق الشمس، يسرع السيّاح للعمل في المزراع، فمنهم من يتولى مهمة العناية بالحيوانات، ومنهم من يرعى الغنم، وآخرون يتفرغون لجني الخضروات والفواكهة، أو تعلّم فنون حلب المواشي.
والأهم من ذلك، يحظى هؤلاء السياح بفرصة استهلاك المواد الغذائية الطبيعية، الخالية من المواد الكيميائية والصناعية، التي باتت خطرًا يهدد حياة الملايين من البشر.
وفي حديثه للأناضول، قال البيطري التركي “أوزتورك صاريجا”، المسؤول عن مركز “ليسينا” للحياة البرية في ولاية بوردور، إنهم يستقبلون سنويًا، حوالي ألف سائح، معظمهم أجانب.
وأشار صاريجا إلى أن السياح يزورون المركز، ليس بغرض السياحة، وإنما بهدف تطوير أنفسهم والمساهمة في الحياة الطبيعية وأنشطة حماية البيئة من التلوث، وهذا الأمر يشعرهم بالارتياح الشديد.
ويُشارك السياح المتطوعون، بحسب مدير المركز، في أنشطة مختلفة، مثل العناية بالحيوانات، وإنتاج النباتات العطرية ومشتقاتها، وهناك أشخاص يفضلون الدورات والدروس الخاصة بالطبيعة والحياة البرية.
أما “علي جان أوشار”، وهو طالب في قسم علم الوراثة، بجامعة الشرق الأوسط التقنية، في أنقرة، فقد جاء إلى مركز “ليسينا” متطوعًا، منذ 10 أيام، لقضاء العطلة بعيدًا عن “ضجيج المدن”.
وخلال حديثه للأناضول، قال أوشار إنه يهتم بالحيوانات البرية في المركز، ويُشرف على نظافتها ومأكلها ومشربها، معربًا عن سعادته حيال المساهمة في حماية الحياة الطبيعية، بدلًا من تهديدها.
من جهتها، قالت “بوسة أويصالر”، الطالبة في قسم الرياضيات، بجامعة الشرق الأوسط التقنية، بأنقرة، إنها تحب الطبيعة، وجاءت إلى المركز لتخوض تجارب جديدة في حياتها.
وفي تعليقها للأناضول، أضافت طالبة الرياضيات، أنها تتولى مهمة العناية بالحيوانات البرية في المركز، مثل النسور والذئاب والبومة والعاسوق وغيرها، الأمر الذي يبعث السرور والارتياح في قلبها.
وتهدف الطالبة من زيارتها لـ”التعلّم، وخوض التجارب، والتمعن في الطبيعة، بشكل عميق، فضلًا عن اكتساب خبرات جديدة يستحيل القيام بها في المدن”.
أمّا “فيكتوريا كلاسينا”، فجاءت من شبه جزيرة القرم، وقالت للأناضول إنها “تشعر بالحرية المطلقة، والهواء الطلق، بعيدًا عن الإجهاد والتعب النفسي من العمل الروتيني”.
وفي منطقة “سيدي كمر”، بولاية موغلا التركية، أنشأت المواطنة التركية، “بوكيت أولوكوت”، مزرعة لتربية الماعز وإنتاج الألبان والأجبان، قبل 5 أعوام، وباتت تستضيف الراغبين بخوض التجربة ذاتها.
بينما تُدير المواطنة التركية، “عائشة ديريكمان”، مزرعة بيئية في منطقة “كيمير” في ولاية أنطاليا، على مساحة 13 دونم من الأراضي، وهي تستقبل السياح المحليين والأجانب، ممن يعشقون الطبيعة.
وقالت ديريكمان إن المزرعة البيئية “تؤسس روابط عميقة بين السياح والطبيعة، حيث تجعلهم ينشغلون بأمور مختلفة، تُساهم في حماية الطبيعية، وتزيد من خبراتهم وتجاربهم في الحياة”.
بدوره، قال المواطن التركي، “باقي ميرت كيالار”، إنه جاء إلى مزرعة “ديريكمان” لقضاء العطلة، لمدة 3 أيام، لكنه لم يستطع مغادرتها منذ 20 يومًا، لـ”شدة تعلقه بالطبيعة، وإعجابه بالحياة هناك”.
وبالنسبة إلى كيالار فإن “الأعمال التي نقوم بها، في المزرعة، قد تكون متعبة وشاقة، من الناحية الجسدية، لكننا لا نشعر بالتعب إطلاقًا، لكوننا في محيط طبيعي، بل على العكس تمامًا، نشعر بالارتياح والهدوء، على وقع أصوات العصافير”
الاناضول