أخرج الكاتب والباحث التركي، عارف أمره كوندوز، وثيقة من الأرشيف العثماني، تنص على استنفار مسلمي أراكان (الروهنغيا) لمساعدة الدولة العثمانية في حروب البلقان (1912 – 1913).
وقال كوندوز، إنه بذل جهودًا كبيرة للعثور على الوثيقة، بعد تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان، أشار فيها إلى وجودها.
وكان الرئيس أردوغان قد لفت في تصريحات سابقة إلى وجود وثيقة تؤكد حشد مسلمي أراكان طاقاتهم لمساعدة الدولة العثمانية خلال حروب البلقان.
تلك الحروب شنتها بلغاريا وصربيا واليونان ورومانيا، بهدف السيطرة على أراضي الدولة العثمانية في أوروبا (مقدونيا ومعظم تراقيا).
وأضاف كوندوز، أن الوثيقة المذكورة مؤرخة في 9 يونيو/ حزيران 1913، وتحمل توقيع وزير الخارجية العثماني آنذاك، الأمير المصري، سعيد حليم باشا.
ونصّت الوثيقة على أنه أثناء حروب البلقان، قام العديد من مسلمي بورما (ميانمار حاليًا) بجمع الأموال وإرسالها للدولة العثمانية عبر جمعية الهلال الأحمر التابعة لمسلمي بورما، بحسب كوندوز.
وأشار الكاتب التركي إلى أن الأموال التي جمعت من قبل مسلمي ميانمار، أرسلت إلى حساب وزارة المالية في الدولة العثمانية بإسطنبول، عن طريق القنصلية العثمانية العامة في عاصمة بورما يانغون.
ولفت كوندوز أن الأرشيف العثماني يزخر بكثير من الوثائق والمعلومات المتعلقة بمسلمي ميانمار، وأن دراستها كلها وإماطة اللثام عمّا تحتويه من معلومات يحتاج الى عمل مكثف.
وأضاف أنه وحسب الوثيقة التي أخرجها إلى النور، فإن مسلمي ميانمار جمعوا فيما بينهم تبرعات أرسلوها إلى إسطنبول، لصالح الأرامل واليتامى من رعايا الدولة العثمانية، الذين تضرروا بفعل حرب البلقان التي فُرضت على الدولة العثمانية واستهدفت اقتطاع أراضيها في البر الأوروبي.
وتابع كوندوز، موضحًا أن مسلمي بورما، التي كانت وقتئذ مستعمرة تابعة للهند البريطانية، استشعروا حاجة الدولة العثمانية للمساعدات خلال الفترة العصيبة التي مرت بها إبان حروب البلقان.
واستطرد في ذات السياق “لذلك اتحدوا لجمع المساعدات والتبرعات نصرة لإخوانهم رعايا الدولة العثمانية، وشكلوا جمعية حملت اسم الهلال الأحمر، برئاسة شخصيتين من مسلمي أراكان، هما الملا عبد الرحمن وعبد الرحيم”.
واستدرك الباحث التركي قائلًا “قامت جمعية الهلال الأحمر بتسليم القنصلية العامة للدولة العثمانية في العاصمة البورمية رانغون (حاليًا يانغون) شيكًا بقيمة 220 جنيهًا استرلينيًا، لإيداعه في حساب وزارة المالية العثمانية بالعاصمة إسطنبول (الأستانة).
وتذكر الوثيقة أن وزير الخارجية العثماني، سعيد حليم باشا، أمر بتوزيع ذلك المبلغ على الأيتام والأرامل الذين تضرروا جراء حرب البلقان على وجه الخصوص.
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان، في تصريح له يوم الجمعة الماضي “خلال حروب البلقان عام 1912، أعلن مسلمو أراكان النفير العام من أجل إخوانهم في الدولة العثمانية”.
وتابع قائلا “ونشروا إعلانًا في إحدى الصحف التي كان يصدرها مسلمو الهند، عقب المأساة التي تعرض لها جيشنا في البلقان”.
وذكر أن الإعلان كتب فيه “كثير من الجرحى الأتراك تركوا ليواجهوا مصيرهم في العراء، فلا تتركوا المسلمين للجوع والموت”.
وأشار أردوغان إلى أن “مسلمي الروهنغيا الذين أبت نفوسهم قبل قرن من الزمان تركنا في براثن الجوع والموت يعانون معاناة مماثلة لتلك التي عانيناها قبل قرن. لذلك لا نستطيع أن ندير ظهورنا لهم ولمعاناتهم كما يفعل العالم معهم اليوم”.
ومنذ 25 أغسطس/آب المنصرم، يرتكب جيش ميانمار إبادة جماعية ضد المسلمين الروهنغيا في أراكان.
ولا تتوفر إحصائية واضحة بشأن ضحايا تلك الإبادة، لكن المجلس الأوروبي للروهنغيا أعلن، في 28 أغسطس/آب الماضي، مقتل ما بين ألفين إلى 3 آلاف مسلم في هجمات جيش ميانمار بأراكان خلال 3 أيام فقط.
فيما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس أول الثلاثاء، فرار أكثر من 123 ألفا من الروهنغيا من أراكان إلى بنغلاديش بسبب الانتهاكات الأخيرة بحقهم.
المصدر : وكالة الأناضول