تأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى الولايات المتحدة في مرحلة تعيش علاقات البلدين خريفًا، جراء قضايا عالقة بين الطرفين، مثل دعم واشطن لتنظيم “ب ي د” الإرهابي بالسلاح، وتسليم زعيم الكيان الموازي “فتح الله غولن”،
ورفض الغرب شراء تركيا منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية “إس- 400”.
ومن المقرر أن يشارك أردوغان في إطار زيارته إلى الولايات المتحدة، التي تستمر نحو أسبوع، في اجتماع الجمعية العامة الـ 72 للأمم المتحدة في نيويورك، يلتقي فيها نظيره الأمريكي دونالد ترامب، وعدد من رؤساء حكومات دول العالم،
ومملثي منظمات مجتمع مدني ومؤسسات إعلامية والجالية التركية في أمريكا، ويشارك في عدد الفعاليات الهامة.
وفي زيارته يحمل أردوغان في أجندة أعمال، قضايا كبير وهامة، يناقشها مع ترامب والمسؤولين الأمريكيين، وفي مقدمتها تسلح واشنطن تنظيم “ب ي د” الامتداد السوري لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية.
–تعمّق أزمة الثقة
أسفر توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 20 مايو/ أيار الماضي، على قرار يتيح تسليح تنظيم “ب ي د” الإرهابي بشكل مباشر، عن تعمق أزمة الثقة بين تركيا والولايات المتحدة، التي بدأت في فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما.
لكن ينبغي الحديث عن ترامب الموقع قرار التسليح، والذي لم يتمكن من تثبيت هيمنته في واشنطن بعد، يواجه أزمات داخلية مثل تحقيقات علاقاته مع روسيا، وتدخل الأخيرة في الانتخابات لصالحه، وعدم تحقيقه التوازن مع
أعضاء الكونغرس الأمريكي، بما فيهم أعضاء الحزب الجمهوري، الذي ترشح عنه للانتخابات.
ترامب، الذي أقصى عددا كبيرا من المقربين منه خلال فترة 9 أشهر من توليه لمنصب الرئاسة، لم يتمكن طوال هذه الفترة من تثبيت أركان طاقمه في البيت الأبيض.
وإلى جانب هذه التطورات، وضع ترامب عملية صنع السياسة الخارجية إلى حد كبير في يد وزير الدفاع جيمس ماتيس، والقرارات العسكرية مثل تسليح “ب ي د”، في يد القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”. ويتوجب التشديد
أن أولى حلقات مسلسل تسليح “ب ي د” بدأ في فترة باراك أوباما، وما تزال سلسلة حلاقاته تجر سابقتها إلى يومنا.
ومما هو جلي في هذه الصورة السوداء، لا يصحّ التعويل على حل أزمة تسليح “ب ي د” في الوقت القريب، في ظل تسليم ترامب أوراق القرار العسكري بيد الجيش، إلى جانب رغبة البنتاغون في العمل مع التنظيم الإرهابي؛
لذا فإن توقع خروج أردوغان بنتائج ملموسة بعد لقاء ترامب في هذا الخصوص لن يكون واقعيًا جدًا.
– تسليم فتح الله غولن
لا يبدو أن المسؤولين الأمريكيين استوعبوا مدى تأثير قضية تسليم “غولن” لأنقرة، على العلاقات الأمريكية التركية على المنحى السلبي؛ سيما وأن الإدارة الأمريكية لم تتمكن حتى اليوم من قراءة خيبة الأمل التي أصيب به
المجتمع التركي وحكومته من موقفها حيال تسليم “غولن”، علاوة على عدم تمكنها من إزالة جميع الشبهات عن علاقاتها بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
ولا شكّ أن الرئيس أردوغان سيجدد لترامب، عزم بلاده على مقاضاة “غولن” على أراضيها؛ غير أن المؤشرات القادمة من أروقة وزارة العدل الأمريكية والبيت الأبيض، لا توحي بإجراءات ملموسة تجاه حل هذه القضية، في الوقت الراهن.
– منظومة الصواريخ “إس- 400” الروسية
اعتزام تركيا شراء منظومة الصواريخ الدفاعية “إس- 400” الروسية، هي أحد أهم النقاط المطروحة على طاولة مباحثات أردوغان وترامب، وذلك وسط اعتراض وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكتين على حصول تركيا على هذه المنظومة من روسيا.
أما أنقرة، تؤكد أن بإمكانها تطوير سياسات مستقلة مع الولايات المتحدة، حينما يتعلق الموضوع بمصالح تركيا القومية، وتعتبر مرحلة شراء المنظومة الروسية إحدى النماذج الملموسة لما سبق.
لا شك أن قلق وزارة الدفاع وماتيس، سيصل أردوغان عبر ترامب؛ وفي المقابل سيضطر الأمريكيون سماع قلق أنقرة من تسليح واشنطن لتنظيم “ب ي د” تحت ذريعة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، وأهمية حصولها على منظومة “إس- 400” في هذا الإطار.
عند وضع هذه القضايا الساخنة جنبا إلى جنب، من الصعب التنبؤ أو توقع نتائج سريعة وملموسة من لقاء أردوغان وترامب؛ لكن إجراء لقاء إيجابي بين الطرفين، يمكن أن يكون الخطوة الأولى لرأب الصدع في علاقات البلدين.
الاناضول