قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء اليوم الخميس، إن بلاده قدمت للسلطات الألمانية 4500 ملف تتعلق بأشخاص مرتبطين بمنظمة “بي كا كا” الإرهابية، دون أن تتلقى رداً من برلين.
جاء ذلك في كلمة لأردوغان خلال منتدى “تي أر تي وورد” للسياسة والإعلام، المنعقد منذ أمس في مدينة إسطنبول، برعاية إعلامية.
وانتقد الرئيس التركي ألمانيا لعدم إرسالها أي ردود بخصوص ملفات الإرهابيين التي أرسلتها أنقرة.
وقال إن “هؤلاء جميعًا يتجولون بحرية في ألمانيا وأوروبا، رغم أن المنظمة مصنفة إرهابية على قوائم الاتحاد الأوروبي”.
وعلى صعيد آخر، صرّح أردوغان “نعيش في عالم يُقدَم فيه القوي وكأنه صاحب الحق، وليس بإمكاننا قبول مثل هذا العالم”، مضيفاً “مع الأسف لا عدالة في العالم”.
من ناحية ثانية، أشار الرئيس التركي إلى أن تنظيمي “ب ي د” و”ي ب ك” الإرهابيين، يتخذان الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانبهما ضد التنظيم الإرهابي المسمى بـ”داعش”.
وتابع بهذا الصدد، “وجهت سؤالا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ هل من الحكمة القضاء على تنظيم إرهابي عبر تنظيم إرهابي آخر؟”.
وأشار أردوغان إلى أن بلاده عرضت على الولايات المتحدة القضاء على “داعش” سويًا، وجهّزت من أجل ذلك لواءين عسكريين، إلا أن واشنطن قالت إنها ستقوم بذلك مع “ب ي د”، و”ي ب ك”.
وبيّن أن 3500 شاحنة محملة بالعربات المصفحة والأسلحة دخلت شمالي سوريا (كدعم أمريكي إلى ب ي د)، وأردف بهذا الصدد “أين ذهبت تلك الأسلحة؟ إلى 13 قاعدة بينها 5 جوية، وغيرها تم إعطائها للتنظيم الإرهابي”.
وأكد أردوغان أنه لا أحد يمكنه إنكار أن تلك الأسلحة ستشكل خطر على تركيا مستقبلًا.
ولفت إلى أن أحداث مشابهة حصلت إبان ترأس جورج بوش الابن للولايات المتحدة أثناء غزو العراق، وقال “أخبرونا عندما دخلوا العراق أنهم أخذوا الأرقام التسلسلية للأسلحة (دعم أمريكي للأكراد) وسيستعيدونها عند الانتهاء، إلا أن الأحداث انتهت، والأسلحة الأمريكية والروسية ضبطناها بأيدي (رئيس الإقليم مسعود) بارزاني و(منظمة) بي كا كا لاحقًا”.
وشدد على أن “ب ي د” و “ي ب ك” تمثل منظمة “بي كا كا” الانفصالية، وتركيا ستواصل بكل حزم مكافحتها للإرهاب حتى القضاء عليه.
وفيما يتعلق بأزمة التأشيرات التي ظهرت مؤخراً مع الولايات المتحدة، قال أردوغان “إذا كان السفير (الأمريكي) في أنقرة (جون باس)، يمكنه البدء بحديثه حول العلاقات مع شريك استراتيجي (تركيا) بعبارة أوقفنا التأشيرات، إذا حينها أنا أضع هذه الشراكة الاستراتيجة على طاولة الدراسة”.
ولفت أن بلاده أعلنت خلال ساعتين بعد القرار الأمريكي عن قرار مماثل بخصوص الأمريكيين، موضحا أنهم قاموا بذلك لأنه أمر تتطلبه العدالة.
وفي الثامن من أكتوبر/ تشرين أول الجاري، أعلنت سفارة الولايات المتحدة في أنقرة تعليق جميع خدمات التأشيرات في مقرها والقنصليات الأمريكية في تركيا “باستثناء تأشيرات الهجرة”.
وعلى الفور ردت السفارة التركية لدى واشنطن على الخطوة الأمريكية بإجراء مماثل يتمثل بتعليق إجراءات منح التأشيرات للمواطنين الأمريكيين في مقرها وجميع قنصلياتها لدى الولايات المتحدة.
ويأتي التوتر الدبلوماسي بين البلدين، بعد أيام من صدور حكم قضائي تركي بحبس “متين طوبوز” الموظف في القنصلية الأمريكية العامة في إسطنبول، بتهم مختلفة بينها “التجسس”.
وخلال التحقيقات، تبيّن للنيابة العامة ارتباط “طوبوز” بالمدعي العام السابق الفار “زكريا أوز”؛ ومديري شرطة سابقين، متهمين بالانتماء لمنظمة “فتح الله غولن” الإرهابية التي قامت بمحاولة انقلاب فاشلة في 15 يوليو/تموز 2016.
وفي رده على سؤال من مقدم المنتدى حول الدول التي تقدم تركيا لها مساعدات، قال أردوغان إن “العادات والأعراف والتقاليد التركية قائمة على مفهوم تقديم العون للمظلومين والمضطهدين”.
وأشار إلى أن بلاده تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في تقديم المساعدة للبلدان الأقل نموًا في العالم، وأنها الأولى في حال النظر إلى الدخل القومي، فيما أكد استمرار تركيا في مساعدة تلك الدول، والوقوف إلى جانب المظلومين حول العالم.
وتطرق الرئيس التركي إلى أزمة مسلمي إقليم أراكان في ميانمار (الروهنغيا)، مبينًا أن قرابة 600 ألف شخص يقتلون على يد بعض الإرهابيين البوذيين أو يضطرون إلى ترك أراضيهم تحت التهديد.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع مليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة التي تمثل حوالي 15% من السكان، بحسب تقديرات غير رسمية، ما أسفر عن مقتل آلاف منهم، بحسب ناشطين محليين.
ودفعت هذه الانتهاكات الواسعة نحو 582 ألفًا من المسلمين الروهنغيا للجوء إلى الجارة بنغلادش، بحسب أحدث أرقام الأمم المتحدة.
وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهنغيا “مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش”، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم”.
وبموجب قانون أقرته ميانمار في 1982، حُرم نحو 1.1 مليون مسلم روهنغي من حق المواطنة، وتعرضوا لسلسلة مجازر وعمليات تهجير، ليتحولوا إلى أقلية مضطهدة بلا جنسية في ظل أكثرية بوذية وحكومات غير محايدة.
الاناضول