إسطنبول .. حلم يُغيّر حياة شاب سوداني

خلال حضوره لدروس التاريخ في المرحلة الإعدادية، راح الشاب السوداني سيف الدين جاد الله يرسم في مخيلته صورة عن الدولة العثمانية وعاصمتها إسطنبول، فضلا عن مدن الأناضول، وثقافاتها العريقة الممتدة لقرون.

ومن فرط تأثره، رأى جاد الله (28 عاما) مدينة إسطنبول في منامه، ما ترك في نفسه أثرا كبيرا، لكنه حينها لم يتوقع أن يتحول حلمه إلى حقيقة يوما ما.

وبعد سنوات، وتحديدا عقب إتمام جاد الله، دراسته في جامعة أم درمان الإسلامية، بالخرطوم نصحه معلم اللغة العربية، بدراسة الماجستير في تركيا، ما أعاد إلى ذهنه حلمًا قديمًا كثيرًا ما راوده.

يقول جاد الله عن ذلك اليوم: “كنت أفكر بعمل ماجستير في تخصص اللغة الإنجليزية، لكنني كنت عاشقا لإسطنبول، وهذا بالتحديد ما دفعني لتقديم أوراقي للدراسة هناك(تركيا)، رغم أني لم أكن أجيد التركية”.

وأضاف في مقابلة مع “الأناضول”: “وافقت جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول على التحاقي بها لدراسة الماجستير في قسم اللغة التركية وآدابها”.

وتابع:” لم يمر وقت طويل، ووجدت نفسي أتجول في شوارع إسطنبول الساحرة”.

– بداية سريعة ونجاح غير متوقع

وعن مرحلة البداية والانطلاق، أشار جاد الله أنه التحق بدورة لتعليم اللغة التركية، فور استقراره بالمدينة العريقة، ونجح في اتقانها خلال 5 شهور، لدرجة تؤهله إلى قراءة الشعر باللغتين العثمانية والتركية الحديثة معًا.

وأوضح أن بيئة إسطنبول الثقافية والاجتماعية، ساعدته على الاندماج سريعا بين أفراد المجتمع، وتأسيس علاقات صميمية مع الأجانب والأتراك على حد سواء.

واستطرد قائلا: “تواصلت مع الجمعيات الطلابية الدولية، وشاركت في فعاليات عديدة”.

وأردف: “رحت أُمثل بلدي في عدد من البرامج والأنشطة، كما ترأست خلال فترة دراستي طاولة السودان في جمعية (باب العالم) الطلابية الدولية بإسطنبول”.

– الأناضول والسودان نفس الجمال

وحول رحلاته للأناضول(الجزء الآسيوي من تركيا)، قال جاد الله “زرت خلال إقامتي في تركيا على مدار ثلاث سنوات ونصف السنة، قرابة 20 مدينة، عشقتها جميعا، لاسيما مدينة بورصة (شمال غرب)، كما لم اشعر بأي نوع من أنواع الوحدة أو الغربة هناك”.

وأضاف: “يتمتع الأتراك عامة، وسكان الأناضول بشكل خاص، بعدد من الصفات والخصال الحميدة، لعل أبرزها كرم الضيافة وحرارة التعامل، والأخوة”.

وزاد بالقول “لم تفارقني حرارة الود الأسري التي تربيت عليها في السودان، خلال وجودي بين العائلات التركية”.

– تركيا والمستقبل

ولدى سؤاله عن أثر تركيا في المراحل التالية من حياته، لفت جاد الله إلى أن أساتذته ومُعلميه في الجامعة ساهموا بشكل ملحوظ في نضجه الفكري، وتطور شخصيته.

الشاب السوداني أشار أيضا إلى بدء اشتغاله بتدريس اللغة التركية لدى عودته من تركيا إلى السودان، بعد إتمام دراسة الماجستير.

وعن هذه المرحلة قال جاد الله “بدأت تدريس التركية لطلبة كلية الآداب في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، إلى جانب التدريس بمركز يونس أمره للثقافة التركية في العاصمة الخرطوم”.

وأضاف: “أنا وزوجتي تأثرنا كثيرا بالثقافة التركية، من ناحية طريقة التفكير والحديث، حتى في مطبخنا، الذي لم يعد خاليا من الأطعمة التركية الشهية”.

وختاما أكد جاد الله، أنه لا يتوقع أن ينسى أبدا الأدب والشعر التركي، وقال: “أعمال نجيب فاضل قيصا كوراك (1904-1983)، ومحمد عاكف آرصوي(1873-1936)، وتوفيق فكرت(1967-1915)، وحتى أغاني أورهان غانجاباي، غير قابلة للنسيان”.

تجدر الإشارة أن أكثر من 100 ألف طالب أجنبي يدرسون في مختلف المراحل بالمدارس والمعاهد والكليات التركية، منهم 16 ألف طالب مبتعث، والبقية يدرسون بإمكاناتهم الخاصة، بحسب إحصائات رسمية.

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.