وجَنت اللوحة -التي أعيد اكتشافها في الآونة الأخيرة وكانت آخر عمل لدافينشي مملوك لأشخاص- أكثر من أربعة أمثال تقدير دار كريسيتز قبل المزاد لقيمتها، وهو حوالي 100 مليون دولار. كما تزيد قيمة اللوحة بأكثر من ضعفي المبلغ القياسي المسجل لعمل فني في مزاد، وكان للوحة (نساء الجزائر) للرسام بيكاسو، التي بيعت مقابل 179.4 مليون دولار، في مايو/أيار 2015.
وبيعت لوحة (سالفاتور مندي) لمشترٍ لم تحدد هويته، شارك في المزاد عبر الهاتف.
استمرَّ المزاد لحوالي 20 دقيقة.
ولأن اللوحة يملكها شخص وليس متحفاً، فقد كان الاعتقاد السائد أن لوحة سالفاتور مندي قد فُقدت منذ قرون، وأنَّها دُمرت منذ فترةٍ طويلة، قبل أن تُوثَّق من جديد في عام 2011.
لوحة سالفاتور مندي (مُخلِّص العالم)، ولا تزال، هي واحدة من ضمن الـ15 لوحة الشهيرة بكونها إحدى لوحات دافنشي، وتعد عملاً فنياً بالغ الأهمية بسبب ندرتها. إذ تُعد الاكتشاف الأول للأعمال الفنية لليوناردو دافنشي منذ عام 1909، حسبما أوردت صحيفة الغارديان البريطانية.
وقال لويس غوزر، رئيس قسم الفن المعاصر ما بعد الحرب في دار كريستي للمزادات العلنية، إنَّ جلب تلك القطعة الفنية إلى الأسواق شرف “يأتي مرةً واحدة في الحياة”. وأضاف: “رُسمت لوحة سالفاتور مندي في نفس الإطار الزمني للوحة الموناليزا، وتحملان تشابهاً جلياً في البنية الأساسية. كان دافنشي قوةً إبداعية لا مثيل لها، وخبيراً في الأعمال المُبهمة والغامضة”.
وأضاف قائلاً: “بالوقوف أمام لوحاته، يُصبح من المستحيل لعقلٍ واحد الكشف والتعرُّف على اللغز الذي ينبعث من أعماله بشكلٍ تام، لوحتا الموناليزا وسالفاتور خيرُ مثالٍ على هذا. لا يُمكن لأحدٍ أن يكون قادراً على الفهم التام لسحر وغموض لوحات ليوناردو، تماماً مثل عدم مقدرة أي شخصٍ معرفة أصول الكون”.
تاريخ اللوحة
رُسمت اللوحة في الفترة ما بين عاميّ 1506-1513 للملك لويس الثاني عشر، ملك فرنسا، وتحمل تاريخاً ساحراً.
وأُدرجت اللوحة في منتصف القرن السابع عشر في قائمة جرد مجموعة الأعمال الفنية الخاصة بالملك تشارلز الأول، ملك إنكلترا، ويُعتقد أنَّها عُلِّقت في غُرفٍ خاصة بزوجته، الملكة هنريتا ماريا من فرنسا، وعُثر على اللوحة في وقتٍ لاحق ضمن ممتلكات ابنهما، الأمير تشارلز الثاني.
المرة الثانية التي أُشير فيها إلى تلك اللوحة كانت في عام 1769، عندما عُرضت في مزادٍ نظَّمه تشارلز هربرت شفيلد، الابن غير الشرعي لدوق باكنغهام.
وبعدها اختفت اللوحة لمدة 140 عاماً (حتى عام 1900)، عندما اشتراها السير تشارلز روبنسون باعتبارها أحد أعمال بيرناردينو لويني، أحد أتباع ومُحبي ليوناردو.
وذهبت اللوحة إلى مجموعة كوك في “Doughty House” في مدينة ريتشموند، جنوب غربي لندن، ومكثت هناك حتى تناثرت تلك المجموعة.
وظهرت اللوحة فيما بعد في مزادٍ علني بدار سوذبي للمزادات في العام 1958، حيث بيعت بمبلغ 45 مليون جنيه إسترليني (59.4 مليون دولار). ثم اختفت مرةً أخرى حتى اشترتها مجموعةٌ من رجال الأعمال من دار مزادات إقليمية صغيرة في الولايات المتحدة في 2005.
وبعد 6 سنواتٍ من البيع، وبعد البحث والتوثيق اللذين شارك فيهما أهم الخبراء الرواد في أعمال دافنشي في العالم، تم التأكيد على أنها اللوحة الحقيقية، وصارت نجم العرض بالمعرض الوطني.
وتنقل الصحيفة البريطانية، أن ألان وينترميوت، وهو أخصائي كبير في اللوحات الأصلية القديمة في دار كريستي للمزادات العلنية، قد أطلق على اللوحة اسم “الكأس المُقدَّسة” للأسياد القدامى. وقال: “إن رؤية تحفة مكتملة لدافنشي، أنجزها في أوج عبقريته، تظهر في 2017، لهو أقرب لأن يكون معجزةً في عالم الفن”.
وأضاف: “مضى ما يقرب من قرنٍ من الزمان منذ أن ظهرت اللوحة، وهذه الفرصة لن تتكرَّر ثانيةً في حياتنا. لا يمكنني أن أصف كم هو مثير بالنسبةِ لأولئك الذين شاركوا منَّا مباشرةً في بيعها”.
هاف بوست عربي