تركيا نموذج يحتذى به في الاعتدال

قال الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري، إن التجربة التركية ناجحة، وينظر إليها الجميع بإعجاب في التوافق والبناء واحترام كافة المكونات الداخلية للمجتمع.

وأعرب الفاعوري في مقابلة مع الأناضول، عن احترامه وتقديره لتجربة تركيا في الوسطية والاعتدال، التي أصبحت نموذجا يحتذى به في المنطقة.

واعتبر الفاعوري أن تيار الوسطية “ليس تنظيما أو مذهبا أو حزبا، وإنما هو منظومة قيمية فكرية عابرة للأحزاب والجماعات والسياسات والقيادات الفكرية”.

وأضاف أن “الوسطية تشكل ميزانا عنوانه الاعتدال والرشد والتوازن”.

ولفت إلى أن المنتدى العالمي للوسطية يهدف إلى جعل الوسطية “ميزانا للأفراد والمؤسسات والجماعات والدول، يقوم على معايير الحكمة والبناء والوحدة”.

والمنتدى العالمي للوسطية، هيئة فكرية إسلامية عالمية تتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرا لها، تسعى إلى التجديد في حياة الأمة، وإعادة صياغة المشروع النهضوي الإسلامي، من خلال امتلاك وسائل عملية واقعية تجديدية في إنتاج خطاب إسلامي مستنير، يهدف إلى الفهم السليم للإسلام وقيمه وتشريعاته.

ويضم المنتدى في عضويته “نخبة من العلماء وقادة الفكر الإسلامي”، ونظم مؤتمره الأول في عمان عام 2004، وتم توقيع اتفاقية تأسيسه مع الحكومة الأردنية.

ورأى الفاعوري في حديثه للأناضول أنه “لن يكون هناك نهوض للأمة إذا لم يكن لديها مشروع جامع يركز على مفاهيم الوسطية والاعتدال، ويبتعد عن لغة الصراع، ويعتمد الحوار والاحترام لكافة المكونات الداخلية”.

وشدد على أن “تيار الوسطية يجب أن يمتد في العالم الإسلامي، لأنه يشكل جهاز المناعة أمام كل الأخطاء والأمراض التي تصيب الأمة وجسدها الطاهر”.

وأردف: “نسعى أن يمتد هذا التيار الذي يسير على مقدرات حركة الرسول الأكرم في الدعوة والتأثير، ليصافح تيار الاعتدال في العالم كله”.

وتطرق إلى وجود “شعور بالوسطية في المجتمعات الإسلامية ونماذج لدول رائدة”، قائلا: “هناك تجارب كثيرة للوسطية الفكرية أو السياسية، وتبقى تركيا نموذجا رائدا، إضافة إلى تجارب إيجابية للأردن والمغرب وتونس”.

وأعرب عن أمله أن “تستمر هذه التجارب وتنجح ويبنى عليها لتكون مثالا يحتذى به”.

وأشار إلى أن “المجتمعات الإسلامية بطبيعتها ترفض العنف والتطرف، لذلك يبقى هذا التيار هو الأصيل والمتجذر في الأمة”.

وزاد: “سيكون المستقبل لتيار الوسطية إذا وجهنا تركيزنا إلى مقاومة التيار المتطرف، واستئصال الفكر الشاذ الذي يستند إلى فكر الخوارج الذي يستثمره أعداء الأمة من الطغاة والغزاة للإيقاع بالأمة في منزلقات خطيرة”.

ودعا الفاعوري إلى “التصدي بحزم للتيار الإقصائي المتطرف الذي يتمثل في حركات ودول وأفكار (لم يسمها)”.

ومؤخرا، عقد المنتدى العالمي للوسطية مع جامعة الحسن الثاني في المغرب (حكومية)، وجمعية المسار المغربية (غير حكومية)، مؤتمرا دوليا حول “السيرة النبوية وتعزيز فكر الوسطية والاعتدال” في مدينة الدار البيضاء.

وهدف المؤتمر إلى “البحث عن سبل إحكام توثيق السنة النبوية، وتحديد الوسائل العملية التي يمكن للإنسان العادي من خلالها التمييز بين الثوابت والمتغيرات ضمن نصوص الأحاديث الصحيحة”.

وأوضح الفاعوري أن “انعقاد فعاليات تدعو إلى الوسطية في عواصم كثيرة في العالم الإسلامي له فوائد وإيجابيات ونتائج منظورة، من أهمها تشكيل فضاء لتبادل الأفكار وتصحيح المفاهيم، وتقديم علاج للمعضلات التي تواجه الأمة”.

ولفت إلى أن “المنتدى يحاول أن يأخذ مساحة متفقا عليها بين الجميع”.

ونوه أن “الأمة تعاني من إشكالات مرجعها الأساس دائما يكون معضلة فكرية، لذلك تبدو الحاجة ملحة لبلورة مشروع فكري لتحديد البوصلة والأولويات والبحث عن الكليات والبعد عن الجزئيات”.

وارتأى أن “الأمة في حاجة إلى لقاءات الوسطية التي تعتبر مدارس توحد الأفكار، وتجمع قادة الرأي والتفكير لتوجيه الشباب، وبعث رسالة واضحة مفادها ضرورة البحث عن المشتركات ووحدة الأمة ومحاربة التطرف والغلو”.

وتابع موضحا: “لا بد من محاربة فكر الغلو وتيارات العنف والإقصاء التي تنال من الأمة، حتى نبلور مشروعا استراتيجيا يكون عماده طليعة مجددة متنورة تقود الأمة وتجمع مكوناتها من حكام وعلماء وقادة الرأي على نهضة قادمة لهذه الأمة”.

وتحدث عن قدرة مدرسة الوسطية على “مجابهة تيار العنف والتطرف”، بالقول إن “الوسطية هي المنهج الجامع لسواد الأمة رغم أن الإعلام لا يسلط الضوء بشكل كبير على التيار الوسطي، لأن تيار التطرف صوته عالٍ وضجيجه كبير وآثاره المدمرة تستقطب الإعلام الذي يبحث عن الإثارة ويبحث عن العنف”.

واختتم بالقول: “تيار الوسطية هو التيار الأصيل في الأمة، أما تيار الغلو يبقى تيارا ضعيفا، حتى وإن كان صوته عاليا وآثاره مدمرة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.