واشنطن تتوعد بـ”تدمير” النظام الكوري الشمالي وتدعو كل الدول إلى مقاطعته
دعت الولايات المتحدة كل الدول إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كوريا الشمالية، بحسب ما قالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، التي حذرت من أن النظام الكوري الشمالي “سيُدمَّر بالكامل” إذا “اندلعت حرب”.
وأثناء جلسة طارئة لمجلس الأمن، عُقدت أمس الأربعاء، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، للبحث في أحدث عملية إطلاق صاروخية كورية شمالية، قالت هايلي إن بيونغ يانغ من خلال إطلاقها صاروخاً بالستياً عابراً للقارات “اختارت العدوان” بدلاً من العملية السلمية. وأضافت هايلي أن “سلوك كوريا الشمالية بات لا يُطاق بنحو متزايد”.
وقد دعت السفيرة الأميركية الصين إلى الامتناع عن تزويد بيونغ يانغ بالنفط، وقالت إنّ كوريا الشمالية لا تزال “تحصل على مشتقات البترول بفضل عمليات نقل من سفينة إلى أخرى في البحر”. وأضافت “يجب أن نواصل التعامل مع كوريا الشمالية باعتبارها (بلداً) منبوذاً”.
وكانت واشنطن أعلنت بُعيد إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً جديداً عابراً للقارات رغبتها في فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، غير أن هايلي لم تتطرق خلال مداخلتها في مجلس الأمن إلى مسألة العقوبات.
أما السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نبنزيا، فقد أقرّ بأن هناك “استفزازاً” من جراء إطلاق الصاروخ، غير أنه شدَّد على أن “لا حل عسكرياً” للأزمة مع كوريا الشمالية. وقال “روسيا لا يمكنها القبول بالوضع النووي لكوريا الشمالية”.
والأربعاء اختبرت كوريا الشمالية نوعاً جديداً من الصواريخ، يستطيع استهداف القارة الأميركية برمتها، وأعلنت أنها باتت دولة نووية بالكامل.
وهذه التجربة الأولى التي تقوم بها بيونغ يانغ، منذ 15 سبتمبر/أيلول، وتشكل ضربة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان أكد أن تطوير هذه القدرات “لن يحدث”.
وبُعيد إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي العابر للقارات، الذي بلغ ارتفاعاً غير مسبوق، أعلنت واشنطن أنها تريد عقوبات دولية جديدة، بينها “الحق في حظر الملاحة البحرية، التي تنقل سلعاً من كوريا الشمالية وإليها”.
وفرض مجلس الأمن ثماني رزم من العقوبات على كوريا الشمالية، لإجبارها على تعليق برنامجيها البالستي والنووي. وأقر الرزمتين الأخيرتين بعد إطلاق صواريخ عابرة للقارات وإجراء تجربة نووية سادسة. الأولى في الخامس من أغسطس/آب لحظر استيراد الفحم والحديد ومنع الصيد البحري، والثانية في 11 سبتمبر/أيلول، لحظر استيراد المنسوجات، والحد من تزود بيونغ يانغ بالنفط.
وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، واستناداً إلى قرار الخامس من أغسطس/آب، منعت الأمم المتحدة 4 سفن من الرسو في موانئ عالمية، بعد الاشتباه بأنها خرقت هذا الحظر، في سابقة بتاريخ المنظمة الدولية.
وقال الرئيس الدوري للمجلس السفير الإيطالي سيباستيانو كاردي “لا يزال ثمة هامش لعقوبات جديدة”، على أن يقدم إلى زملائه تقريراً فصلياً عن تطبيق العقوبات على بيونغ يانغ.
وأضاف “الأمر ليس مثالياً لكنه يسير في شكل جيد”، علماً أن موقف الصين، أول شريك اقتصادي لكوريا الشمالية، أساسي في هذا المعنى.
ومن أبيدجان، ندَّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “بشدة”، بإطلاق الصاروخ، وقال: “علينا الآن أن نشدد العقوبات”.
وأضاف في مقابلة مع فرانس 24، وإذاعة فرنسا الدولية “أعوّل بشكل كبير على الصين وروسيا، لفرض عقوبات تكون الأكثر فاعلية بحق كوريا”.
عقوبات أحادية
تملك موسكو وبكين حق الفيتو في مجلس الأمن. وكان القراران الأخيران اللذان تضمّنا عقوبات قد صدرا بالإجماع. لكن في منتصف سبتمبر/أيلول، اكتفى المجلس بإدانة إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً من دون أن يقر عقوبات.
ووعدت واشنطن الأربعاء بعقوبات أحادية جديدة، خصوصاً أن ضمان صدور قرار أممي يلحظ فرض عقوبات يتطلب مزيداً من الوقت. وتطلب صدور قرار الخامس من أغسطس/آب مفاوضات مع روسيا والصين استمرت شهراً كاملاً، لكن أسبوعاً واحداً كان كافياً لواشنطن لضمان صدور قرار 11 سبتمبر/أيلول.
وأطلت ري تشون-هي، مقدمة البرامج المفضلة لدى النظام الكوري الشمالي عبر شاشة التلفزيون الرسمي لإعلان خبر إطلاق الصاروخ الجديد.
وقالت: “لقد أعلن كيم جونغ أون بفخر أننا حققنا في نهاية المطاف هدفنا التاريخي الكبير، وهو استكمال القوة النووية للدولة”. وتابعت أن “النجاح الكبير لتجربة الصاروخ هواسونغ-15 هو نصر لا يُقدَّر، حققه الشعب الكبير البطل”.
وأشارت الصحف الرسمية إلى أن الصاروخ هو السلاح الأكثر تطوراً حتى الآن.
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية، أن صاروخ “هواسونغ -15 البالستي العابر للقارات مزود برأس حربي كبير جداً، قادر على ضرب القارة الأميركية برمتها”.
وقالت بيونغ يانغ إن الصاروخ حلَّق حتى علو 4,475 كلم، قبل أن يتحطَّم على بعد 950 كلم من مكان الإطلاق.
وقال خبير غربي إن مسار الصاروخ العمودي يحمل على الاعتقاد بأن مداه 13 ألف كلم، أي أبعد صاروخ تختبره كوريا الشمالية، وبالتالي فهو قادر على بلوغ كبرى المدن الأميركية.
وعمَّت أجواء الفرح بيونغ يانغ، حيث نزل السكان إلى الشوارع، وتسمّروا أمام شاشة عملاقة لمتابعة الأخبار.
ولا يزال يتعين على بيونغ يانغ إثبات أنها تملك تكنولوجيا عودة الصواريخ إلى الغلاف الجوي من الفضاء، لكن الخبراء يعتقدون أنها باتت على وشك تطوير قوة ضاربة عملانية عبر القارات.
وتؤكد كوريا الشمالية أن برامجها للتسلح التقليدي والنووي تهدف إلى ردع أي هجوم عليها. وكان دونالد ترامب توعد في سبتمبر/أيلول، بـ”تدمير” هذا البلد إذا تعرَّضت الولايات المتحدة لهجوم.
وبين الحلول الممكنة اقترحت بكين وموسكو تعليق المناورات العسكرية المشتركة بين واشنطن وسيول، مقابل تجميد البرامج العسكرية لكوريا الشمالية. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين رفضوا هذا الاقتراح.