قال قانونيون فلسطينيون، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، يعد كسراً للإجماع الدولي، وتشجيعاً على شرعنة الاحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدسة.
وأوضح القانونيون في أحاديث منفصلة مع وكالة “الأناضول”، أن الولايات المتحدة أحدثت بقرارها انقلاباً على قرارات الشرعية الدولية، وانتهاكاً للقانون الدولي.
من جانبه، قال حنا عيسى، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت(غير حكومية)، إن الولايات المتحدة الأمريكية “تحدث انقلاباً على الشرعية الدولية والقانون الدولي، وتتصرف بعربدة”.
وأضاف لوكالة الأناضول:” على المجتمع الدولي أن يقف ضد هذه الخطوة، وأن يعزل الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية”.
ولفت إلى وجود “أوراق قانونية” يمكن للفلسطينيين العمل بموجبها، ومنها التوجه لمجلس الأمن ليحمّل الولايات المتحدة مسؤولياتها الأخلاقية.
وتابع: “على الجانب الفلسطيني، بالشراكة مع العرب والدول الإسلامية والصديقة، ملاحقة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، بتقديم مشروع قرار بهذا الشأن، باعتبار أن قرارها يخلق حالة عدم استقرار في المنطقة والعالم”.
ويحذّر الفلسطينيون ودولاً عربية وإسلامية، من أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، من شأنه “إطلاق غضب شعبي واسع، كما يعتبر كثيرون أن هذه الخطوة ستعني نهاية عملية السلام تماماً”.
وأشار عيسى إلى أنه بإمكان الفلسطينيين دراسة التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبار أن القرار يخالف قرارات صدرت عن الجمعية، لإجبار الولايات المتحدة على التراجع عن قرارها.
ودعا إلى البدء بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، من خلال تمكين المصالحة الفلسطينية لمواجهة التحديات التي باتت تعصف بالمشروع الوطني الفلسطيني.
واتفق باسل منصور، أستاذ القانون الدولي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس مع سابقه، على أن الخطوة الأمريكية، تمثل “ضربة واستخفافاً بالقانون الدولي، ولقرارات الشرعية الدولية”.
وأضاف في حديثه مع وكالة الأناضول: “على القوى في العالم، والقيادة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية العمل عبر المسارات القانونية من أجل إجبار الولايات المتحدة التراجع عن ذلك”.
وتابع: “اليوم المؤسسات الدولية كمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة أمام اختبار كبير، يتمثل في إجبار الولايات المتحدة الالتزام بالقرارات الدولية”.
بدوره، قال ياسر العموري، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت، إن “مدينة القدس بموجب أحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية أرض محتلة، ويمنع للدولة المحتلة أن تفرض أي مظهر من مظاهر السيادة على الإقليم المحتل”.
وأضاف: “نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة إسرائيل يعتبر شراكة أو اشتراكاً في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني”.
وتابع: “تطبيق القانون الدولي الإنساني وقواعد القانون الدولي هي مسؤولية مشتركة لأعضاء المجتمع الدولي، وعليهم احترام نفاذ القواعد القانونية ذات العلاقة، والولايات المتحدة بهذه الخطوة تعمل على مساعدة إسرائيل والشراكة معها في تكريس الانتهاك الجسيم، وهي انتهاكات تشكل جرائم حرب بموجب نظام روما لمحكمة الجنايات”.
وبيّن أستاذ القانون الدولي إمكانية مساءلة الولايات المتحدة قانونيا من خلال المؤسسات الدولية.
وقال:” على الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والإسلامية صياغة مشروع قرار يقدَّم للجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار أن الولايات المتحدة قد خالفت القرارات كافة التي صدرت عن الجمعية بشأن مدينة القدس”.
وتشير تلك القرارات بحسب العموري إلى أن القدس أرض محتلة، ولا يجوز تغيير وضعها الجغرافي وفرض السيادة عليها، من أجل تحميل الولايات المتحدة المسؤولية القانونية والسياسية عن خطوتها”.
وبيّن أنه يمكن اللجوء إلى مجلس حقوق الإنسان، كون الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل يؤدي للمساس بحقوق الإنسان في القدس، كما أن مدينة القدس لها حماية خاصة بالقانون الدولي ومن منظمة التربية والثقافة (اليونسكو) لما تحتويه من أماكن دينية مقدسة.
وأشار “العموري” إلى إمكانية تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي ليقف أمام مسؤولياته، باعتبار أن الاعتراف الأمريكي بالقدس يعمل على إثارة النزاع من جديد مما يجعله يهدد الأمن والسلم الدولي.
ومضى بالقول:” بموجب ميثاق الأمم المتحدة يتوجب على مجلس الأمن المحافظة على الأمن والسلم الأهلي، ويتخذ قرارات ضد الخطوة الأمريكية”.
وقال:” يجب ألا نخاف من حق النقض(الفيتو)، لا سيما أن تكراره يتيح للجانب الفلسطيني تحويل المسألة للجمعة العامة للأمم المتحدة تحت بند (الاتحاد من أجل السلام)”.
وطالب “العموري” العمل مع الشركاء الدوليين وخاصة في الاتحاد الأوروبي لتشكيل ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية.
ومساء أمس الأربعاء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب متلفز من البيت الأبيض، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت لاحقاً ضمها إلى القدس الغربية، معلنةً إياها “عاصمة موحدة وأبدية” لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.
ومنذ إقرار الكونغرس الأمريكي، عام 1995، قانونًا بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل المصادقة على هذه الخطوة لمدة ستة أشهر؛ “حفاظًا على المصالح الأمريكية”.
المصدر: الاناضول