قال نائب رئيس الوزراء التركي، فكري إشيك “في الوقت الذي نكافح فيه من أجل بغداد والقدس، يأتي أحد المعتوهين ليقوم بإقحام الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) في معرض إساءته لـ”فخر الدين باشا” المدافع عن المدينة المنورة” ضد الإنجليز (إبان الحرب العالمية الأولى).
وأوضح إشيك، في كلمة له خلال افتتاح “الندوة الدولية في الذكرى المئوية لانتصار بغداد وكوت العمارة”، في إسطنبول اليوم الأربعاء، إن الإساءة إلى فخر الدين باشا، لا يمكن تفسيرها على أنها مجرد جهل وعدم معرفة بالتاريخ، مضيفا “بل هي أيضًا عمل استفزازي ينم عن سوء نية، ويُظهر بشكل جلي أن لورانس لا زال على رأس عمله”.
والعقيد توماس إدوارد لورنس الشهير بلورنس العرب (1888 – 1935)، هو ضابط مخابرات بريطاني كُلف بمهام تأليب القبائل العربية وزعمائها ضد الدولة (الخلافة) العثمانية، ودفعهم للتمرد عليها خلال الحرب العالمية الأولى، وقطع خطوط إمداد الجيش العثماني وشغله، حتى قال عنه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل عندما كان وزيرًا للمستعمرات البريطانية: (لن يظهر له مثيل مهما كانت الحاجة ماسه له)”.
وأضاف إشيك “إعادة وزير خارجية الامارات (عبد الله بن زايد) نشر تغريدة مسيئة للأتراك والرئيس أردوغان، أمر مخجل، وأؤكد على ضرورة عودته عن خطئه، وألّا يكون أداة لمثل هذه الحركات الاستفزازية”.
وشدد إشيك، على أن البشرية تستخلص العبر من التاريخ من أجل الاسترشاد به في بناء المستقبل، مشيرا إلى معركة كوت العمارة (جنوب بغداد) التي سجّل فيها الجيش العثماني ثاني أكبر انتصاراته خلال الحرب العالمية الأولى، وأدت إلى هزيمة ساحقة للجيش البريطاني بالكامل، وقوامه 13 ألف جندي، واستسلامه للعثمانيين، وإجبار الحكومة البريطانية على دفع مليون جنيه إسترليني كتعويضات للدولة العثمانية.
وتابع إشيك “لقد حققنا العديد من الانتصارات على البريطانيين في الحرب العالمية الأولى، مثل كوت العمارة، وجناق قلعة، ومعركة الدفاع عن المدينة المنورة. ليس من الصواب الافتخار فقط بانتصاراتنا، لكن أيضا علينا أخذ العبر من الهزائم والتعامل معها على أساسٍ علمي وجاد؛ ومناقشة أسباب الهزائم والانتصارات بلا انفعال ودون عكسها على الحاضر وتحويلها لحالة عداء”.
كان وزير خارجية الامارات، عبد الله بن زايد أعاد، أمس الثلاثاء، تغريدة لمستخدمٍ أساء فيها إلى أردوغان وإلى الأتراك، حيث ادّعى ارتكاب فخر الدين باشا (القائد العسكري التركي الذي دافع عن المدينة المنورة أثناء الحرب العالمية الأولى) جرائم ضدّ السكان المحليين.
وردا على ذلك، شدد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، على أنه “من المعيب” أن يقوم وزير الخارجية الإماراتي بنشر مثل هذه التغريدة الكاذبة الاستفزازية، التي من شأنها إلحاق الضرر بالعلاقات بين العرب والأتراك.
يشار إلى أن “عمر فخر الدين باشا”، والذي لقبه الإنكليزي بـ”نمر الصحراء التركي”، اشتُهِر بدفاعه عن المدينة المنورة جنبًا إلى جنب مع سكانها المحليين، طوال سنتين و7 أشهر (ما بين 1916-1919) رغم إمكانياته المحدودة في مواجهة الإنكليز إبان الحرب العالمية الأولى.
ورغم الأوامر من إسطنبول والضغط من الإنكليز حول تسليم المدينة المنورة وتركها، رفض فخر الدين باشا ترك مدينة الرسول محمد (خاتم المرسلين) واستمر في المقاومة، حتى اعتُقِل كأسير حرب من قبل الإنجليز، وأُرسِل كأسيرٍ إلى مالطا لمدة ثلاث سنوات، وبفضل جهود حكومة أنقرة جرى إطلاق سراحه عام 1921، ثم تعيينه لاحقًا سفيرًا لتركيا في أفغانستان.