قال الدكتور التركي فؤاد شاهين، ابن الضابط العثماني السابق في الجزائر محمد صالح، إن أنظار العالم الإسلامي كافة ما زالت تتجه نحو تركيا.
جاء ذلك في مقابلة أجراها شاهين، أو “العثماني الأخير في الشمال” كما يلقبه أبناء الجالية التركية في كندا، مع مراسل الأناضول لدى استضافته له في منزله ببلدة “نياجرا أون ذا ليك” الكندية.
وُلد شاهين في العاصمة الليبية طرابلس عام 1922، وهاجر الى كندا عندما كان في الـ 36 من عمره، حيث كسب هناك محبة الجالية التركية والمسلمة من خلال أدائه دور الريادة في إنشاء وتأسيس الكثير من الجوامع والجمعيات والأوقاف.
وقال شاهين: “لا أشعر بالانزعاج من مخاطبة الآخرين لي بالعثماني، وعندما يسألوني أنت من أين؟، أجيبهم أنا عثماني، فجنودنا كانوا ذاهبين لتحرير مدينة إزمير عندما وُلدت، كما أن أبي وأمي وأصلي عثماني”.
وشدد على “أن أنظار العالم الإسلامي كافة ما زالت موجهة نحو تركيا حتى اليوم، وهذا التقليد يعود إلى زمن الخلافة”.
ولفت شاهين إلى أن “الحجاج الأتراك يحظون بالاحترام الأكثر بين الشعوب خلال أداء فريضة الحج، وإن الشعب التركي هو الأكثر خدمة للمسلمين، لا أحد يشبه هذا الشعب، فالله وهبه مزايا خاصة”.
وأشار شاهين إلى أن حياته تعتبر امتدادا لحياة والده، حيث أفاد: “أبي هو حفيد الأتراك الذين سافروا إلى الجزائر طوعا في زمن السلطان بيازيد الثاني لصد هجمات الإسبانين وطردهم”.
وتابع: “جاء أبي عندما كان في الـ 17 إلى إسطنبول لتلقي التدريب العسكري بهدف محاربة الفرنسيين، ومن ثم توجه إلى طرابلس الغرب بشكل طوعي عام 1911 للمشاركة في الحرب، ومكث هناك لغاية 1922 في العام الذي وُلدت فيه”.
وأردف: “مع انعدام إمكانيات العثمانيين هناك في نفس العام، قرروا الانسحاب، حيث أرسلني والدي برفقة أمي على ظهر جمل إلى مصر، في حين واصلوا هم الانسحاب وهم يقاتلون”.
وأوضح أن والده عُين لاحقا في مدينة حلب، حيث بدأ شاهين فيها بتلقي دروس في القرآن الكريم بينما كان في الـ 5 من عمره.
ولفت شاهين إلى أن والده جاء به إلى إسطنبول عام 1937، وسجله في ثانوية غلطة سراي، ومن ثم تلقى التعليم في كلية الطب وتخرج منها بعد 6 أعوام”.
وبيّن أنه حينما كان يؤدي الخدمة العسكرية سنحت له فرصة الحصول على منحة أمريكية إلا أنه رفضها بسبب النقص في عدد الأطباء في تركيا في ذلك الوقت”.
وعقب تعيينه طبيبا في ولاية شانلي أورفة جنوب شرق تركيا، لاحظ أن هناك نقصا في عدد الأطباء الجراحين، فالتحق بكلية الطب في جامعة إسطنبول ثانية للاختصاص في الجراحة.
وأضاف شاهين: “عندما رأيت عدم كفاية مجال الاختصاص لدينا قررت السفر للخارج، وكنت حينها قد تأثرت كثيرا بالموقف الإنساني للمندوب الكندي في الأمم المتحدة من العدوان الثلاثي على مصر”.
وتابع بأنه تقدم بطلب للسفر إلى كندا، وعقب تلقيه الموافقة سافر إليها في 1958، حيث بدأ العمل في مشفى كنيسة كينغستون.
ومع إعجاب إدارة المشفى بأدائه قررت إرساله إلى مشفى في مدينة ليفربول البريطانية لمواصلة الاختصاص في الجراحة، ثم عاد بنتيجتها إلى كندا.
وأكد شاهين على أنه كان ينوي العودة من ليفربول إلى تركيا، إلا أن الفرصة لم تسنح له، فرجع إلى كندا حيث توظف في عدة مدن إلى أن استقر في مدينة نياجرا فولز.
وأشار إلى أن المدينة لم تكن تحتوي في ذلك الوقت إلا على عائلة مسلمة واحدة من البوسنة، ولكن مع مرور الزمن أخذ توافد المسلمين إليها يزداد.
وتابع: “كنا نقيم صلوات الجمعة والأعياد في منزلي، كما كنا نقيم دروسا دينية للأطفال في عطلة نهاية الأسبوع، ومن ثم حصلنا على قطعة أرض في المدينة وأنشانا عليها جامعا”.
وأوضح شاهين أنه بعد جمعهم لمجتمعات المسلمين في كندا، أنشأوا جامعا واحدا في كل مدينة يقطن فيها المسلمين.
ولفت إلى أنهم عززوا من نشاطاتهم إثر اتصالاتهم مع الحكومات، ومن ثم أنشأوا وقفا تحت اسم “وقف التنمية الدولية والدعم”.
وأردف أن الوقف يقدم ملايين الدولارات إلى جانب الكثير من الخدمات للمسلمين حول العالم.
ولفت إلى أنهم أقاموا علاقات جيدة مع المسيحيين أيضا، حيث يجتمعون إليهم مرة واحدة شهريا، للتحدث حول الإسلام والمسيحية والإنسانية.
وأشار شاهين إلى أنه لم يعد يشارك إلا في الفعاليات الهامة للغاية بسبب تقدمه في العمر.
وختم شاهين: “قال لي أحد أصدقائي من الأطباء السوادنيين، بأن منزلي هو منزل الأمة، حيث يزورني الكثير من الأتراك والمسلمين من الدول الأخرى، وهذا الأمر يجعلني أشعر بسعادة كبيرة”.
الاناضول