بعد أن اعترض كثيرون على قرار منع الحكومة التركية الكتابة باللغة العربية على لافتات محلاتهم ومطاعمهم، وفرضْ غرامات على من يخالفها، أصدرت اليوم 25 يناير/كانون الثاني، قراراً بالسماح بها لسكان مدينة شانلي أورفا، التي هي من أكثر المدن التي يعيش بها السوريون الهاربون من الحرب في بلادهم، وتقع في جنوب شرقي تركيا.
وما إن دخل السوريون إلى شانلي أورفا كعادتهم إلى أي مكان يذهبون اليه بدأوا بتأسيس أعمالهم الخاصة، مثل المطاعم والكافيهات وصالونات الحلاقة والبقالات وغيرها من الأعمال التي تسهل لهم الحياة.
وبالطبع ليسهل وصول الزبائن إلى محلاتهم لا بد أن تكون اللوحة أو اللافتة المعلقة أمام عملهم مكتوبة بلغة تستهدف الجمهور الموجهة إليه.
بلدية شانلي أورفا رأت غير ذلك، وأصدرت قراراً بوجوب تواجد اللغة التركية على اللافتات والإعلانات بنسبة 60%، وأن تتساوى بحجم ونوعية الخط مع اللغة العربية واللغة الإنكليزية، أو أي لغة أخرى، التي تكون نسبتها 40%.
وقالت صحيفة ملييتالتركية، إن هذا القرار يشمل جميع المحلات التجارية والمطاعم والمكاتب والملصقات الإعلانية، وجميع الإعلانات الترويجية، ليسهل بذلك معرفة جميع السكان بعمل وطبيعة هذا المشروع.
وقامت البلدية بإشعار جميع أصحاب المباني والمحلات التجارية بالالتزام بالقرار والعمل وفق المعايير المطروحة.
قضية ضد الدولة
وكان رجل الأعمال السوري محمد البيطار، صاحب سلسلة مطاعم سورية بتركيا، قد توجّه إلى محاكم مدينة إسطنبول، ورفع قضية ضد بلدية منطقة الفاتح بالمدينة، بعد قرار البلدية تغيير لافتات المحلات التجارية المكتوبة باللغتين العربية والتركية، واستبدالها بأخرى تحمل الأحرف اللاتينية فقط.
وفي تقرير نشرته صحيفة “حرييت” المحلية، يؤكد البيطار، صاحب سلسلة مطاعم “طربوش”، أو المطبخ السوري العثماني، كما يعرفه العرب المقيمون في تركيا، أنه رفض تغيير لافتات مطاعمه وقرَّر التوجه للمحكمة مباشرة بعد تلقيه إخطار البلدية؛ لتفادي الخسائر الكبيرة التي قد تلحق به في حال غيّر الحروف العربية المكتوبة على واجهة محاله.
وأضاف البيطار أنه قام بتسجيل علامته التجارية واسم مطعمه لدى الدوائر التركية المختصة بهذا الشأن، وأنه لم يتلقَّ أي إخطارات حول لافتاته العربية آنذاك، مشيراً إلى أن قرار البلدية الذي قبِل تطبيقَه أصحاب المحال المجاورة له، سيجعله يخسر أكثر من 70% من زبائنه القادمين من الدول العربية؛ لكونهم لا يتقنون اللغة التركية.
وبعد قبولها الدعوى، خاطبت المحكمة بلدية الفاتح عبر رسالة رسمية، لكن الأخيرة ردت بأن القرار جاء بتعليمات من وزارة الثقافة والسياحة، وأنها ليست الجهة المخول لها الرد على الدعوى؛ ما دفع المحكمة لمخاطبة الوزارة، ليتبين فيما بعد أنه لا علاقة للوزارة بالقرار، وأن بلدية الفاتح اتخذته بطريقة فردية دون استشارتها.
ومن المنتظر أن تصدر المحكمة حكمها النهائي في القضية خلال الفترة القادمة، بعدما رفضت في شهر مايو/أيار الماضي طلب صاحب الدعوى، رجل الأعمال السوري محمد البيطار، إلغاء قرار بلدية الفاتح.
وتستضيف تركيا نحو 3 ملايين سوري، وصلوا إليها بعد اندلاع الأزمة في بلادهم منتصف عام 2011. ويعيش أغلب السوريين في مخيمات اللاجئين التي أنشأتها السلطات التركية على طول الشريط الحدودي الفاصل بينها وبين الأراضي السورية.
وتشتهر مناطق السلطان أحمد، ويوسف باشا، ومنطقة تقسيم في مدينة إسطنبول، بوجود العديد من المطاعم العربية التي يقصدها السياح العرب طوال العام. الجدير بالذكر أن بلديات تركية أخرى قامت بخطوات مشابهة خلال الأعوام الماضية، كان في مقدمتها بلدية مدينة مرسين، التي أزالت كل اللافتات العربية من على واجهة المحلات التي يملكها العرب في المدينة.
وتبرر السلطات التركية إزالة اللافتات التي تحمل الأحرف العربية بسعيها للحفاظ على الإرث الحضاري التركي، ومنع محاولات التعريب.