ذكرت وكالة رويترز تفاصيلَ جديدة عن حادثة استهداف أميركا لمسلحين روس في سوريا، ونقلت عن مصادر مطلعة، أن نحو 300 رجل يعملون لصالح شركة عسكرية روسية خاصة مرتبطة بالكرملين، إما قتلوا أو أصيبوا في سوريا، الأسبوع الماضي.
وذكرت الوكالة روايات نقلتها مصادر عن مقاتلين روس نجوا من “المجزرة” التي تعرضوا لها في سوريا.
وقال طبيب عسكري روسي، إن “نحو 100 قتلوا”، بينما قال مصدر يعرف العديد من المقاتلين، إن عدد القتلى يتجاوز 80.
وهذا أكبر عدد من الضحايا الروس يسقط في معركة واحدة منذ وقوع اشتباكات ضارية في أوكرانيا عام 2014، عندما قُتل أكثر من 100 مقاتل.
وذكرت خمسة مصادر مطلعة، أن المصابين الذين جرى إجلاؤهم من سوريا في الأيام القليلة الماضية نقلوا إلى أربعة مستشفيات عسكرية روسية، وقال الطبيب العسكري، الذي يعمل في مستشفى عسكري في موسكو وشارك في علاج المصابين القادمين من سوريا، إن “المستشفى استقبل حتى مساء السبت الماضي أكثر من 50 من هؤلاء المصابين، و30% منهم إصاباتهم خطيرة”.
وذكر الطبيب أن زميلاً له كان قد توجه إلى سوريا في إحدى رحلات الإجلاء الطبي في الآونة الأخيرة، وأبلغه بأن قرابة 100 شخص من الروس قتلوا حتى نهاية الأسبوع
الماضي، وأن 200 أصيبوا.
وأوضح الطبيب الذي تحدث إلى رويترز أن معظم الضحايا متعاقدون عسكريون روس من القطاع الخاص.
“مشهد صعب”
وقال يفجيني شاباييف، رئيس الفرع المحلي لمنظمة “كوساك” شبه العسكرية، الذي له علاقات بالمتعاقدين العسكريين الروس، إنه زار معارف له أصيبوا بسوريا في المستشفى المركزي التابع لوزارة الدفاع في خيمكي على مشارف موسكو، الأربعاء الفائت.
وأوضح أن “المصابين أبلغوه أن وحدتي المتعاقدين الروس المشاركتين في المعركة قرب دير الزور تتألفان من 550 رجلاً”. وقال له المصابون إن نحو 200 من هذا العدد لم يقتلوا أو يصابوا.
وأضاف شاباييف “إذا كنت تفهم أي شيء عن العمل العسكري وإصابات القتال فسيكون بوسعك ساعتها تخيل ماذا يجري هناك… صراخ وصيحات مستمرة… إنه مشهد صعب”.
وقال شاباييف إن عدد الضحايا كان مرتفعاً لعدم وجود غطاء جوي لهذه القوة، ولأن من هاجمها لم يكن مسلحي المعارضة بتسليحهم الضعيف، بل قوة جيدة التسليح استطاعت شنِّ ضربات جوية.
ونقل شاباييف عن مصابين زارهم في المستشفى قولهم “بدأت القاذفات الهجوم، ثم استخدمت طائرات الأباتشي”، وهي طائرات هجومية أميركية الصنع.
وقال المصدر إنه فور بدء القصف لم يرد المتعاقدون على مصدر النيران لأنهم خشوا أن يدفع ذلك التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتوجيه مزيد من الضربات.
روسيا تنفي
ويتزامن توقيت سقوط القتلى الروس مع معركة، في السابع من فبراير/شباط 2018، قرب مدينة دير الزور السورية، حيث قال مسؤولون أميركيون وزملاء مقاتلين شاركوا في العملية، إن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هاجمت قوات متحالفة مع قوات نظام بشار الأسد، حليف موسكو.
وتظهر الاشتباكات أن مشاركة روسيا عسكرياً في سوريا أكبر مما تقول، وتجازف باستدراجها إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة هناك.
ونقلت رويترز عن مصدر آخر، قالت إنه تحدث لأشخاص شاركوا في اشتباكات السابع من فبراير/شباط، لرويترز إن أشخاصاً على صلة به أبلغوه أن أكثر من 80 متعاقداً روسياً قتلوا. وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أن ما يتردد عن مقتل وإصابة نحو 300 صحيح إلى حد بعيد.
ومن جانبهم، قال مسؤولون روس إن خمسة مواطنين ربما لقوا حتفهم، لكن لا علاقة لهم بالقوات المسلحة الروسية.
وأفادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن المعلومات الأولية تشير إلى أن خمسة من المواطنين الروس في منطقة المعركة قتلوا، لكنهم ليسوا من القوات الروسية. وشددت على أن التقارير التي تتحدث عن سقوط عشرات أو مئات القتلى والجرحى الروس، إنما هي تضليل من إيعاز خصوم روسيا.
ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على أسئلة رويترز بشأن الضحايا في سوريا. وسئل متحدث باسم الكرملين عن الضحايا الروس، أمس الخميس، فقال إنه ليس لديه شيء يضيفه للبيانات السابقة. وكان الكرملين قال في وقت سابق هذا الأسبوع، إنه لا يملك معلومات عن أي ضحايا.
حرب بالوكالة
وشنَّت روسيا عملية عسكرية في سوريا، في سبتمبر/أيلول 2015، حولت دفة الصراع لصالح الأسد.
وينفي المسؤولون الروس نشر متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص في سوريا، قائلين إن الوجود العسكري الروسي يقتصر على حملة من الضربات الجوية وقاعدة بحرية ومستشارين عسكريين يدربون القوات السورية وعدد محدود من جنود القوات الخاصة.
لكن أشخاصاً مطلعين قالوا إن روسيا تستخدم عدداً كبيراً من المتعاقدين في سوريا يسمح لموسكو بنشر مزيد من القوات على الأرض دون المجازفة بالجنود النظاميين الذين يتعين الإعلان عن مقتلهم.
وأضاف الأشخاص المطلعون على عملية النشر، أن المتعاقدين، ومعظمهم عسكريون سابقون، ينفذون مهام يوكلها لهم الجيش الروسي. ومعظم هؤلاء مواطنون روس، بيد أن البعض يحمل جوازات سفر أوكرانية وصربية.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وروسيا تساندان أطرافاً مختلفة في سوريا، فإنهما تبذلان جهوداً حثيثة للتأكد من تفادي حدوث صدام عارض بين قواتهما. لكن وجود المتعاقدين الروس يزيد من صعوبة التكهن بما قد يحدث.
وكان مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، قال الأسبوع الماضي، إن قوة متحالفة مع الأسد هاجمت في السابع من فبراير/شباط مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية التي تساندها الولايات المتحدة قرب ديرالزور بدعم من المدفعية والدبابات والصواريخ وقذائف المورتر.
وقال مسؤولون في واشنطن، إن قوات أميركية خاصة كانت ترافق قوات سوريا الديمقراطية، التي تعرَّضت لهجوم.
ورد التحالف الذي تقوده واشنطن في سوريا بقتل نحو 100 من القوات المتحالفة مع الأسد.
ومنذ هذه المعركة، قال زملاء للمتعاقدين العسكريين الروس، إن الروس كانوا ضمن القوة المتحالفة مع الأسد، التي شاركت في المعركة وكانوا ضمن الضحايا.
رويترز