رأى محللون فلسطينيون أن الولايات المتحدة الأمريكية، أجلت طرح خطتها لتسوية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”.
وقال المحللون إن أسباب هذا التأجيل، تتمثل في “الرفض الفلسطيني، والوضع الداخلي الإسرائيلي، وعدم وجود راع إقليمي يوافق عليها ويدعمها، ويقفز عن الفلسطينيين، إلى جانب العوامل الإقليمية التي طرأت مؤخرا مثل الملفات الكورية والإيرانية والسورية”.
وكان مسؤولون فلسطينيون قد قالوا لوكالة الأناضول إن الولايات المتحدة بصدد طرح خطة سلام في شهر مارس/آذار.
لكن وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، استبعد ذلك في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الأسبوع الماضي.
وقال المالكي لإذاعة صوت فلسطين “حكومية”، إن “الجهود التي بذلتها القيادة الفلسطينية أحبطت هذه الخطة”.
وأشار إلى أن اسرائيل غير متحمسة أيضا للخطة، في ظل رغبتها في “بقاء الأمور على حالها”.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، كذلك، عن وجود قرار أمريكي، بتأجيل طرح الخطة، دون ان يتبلور للآن موقف رسمي أمريكي واضح حول موعد إعلان الخطة.
وقالت القناة السابعة في التلفاز الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، إن الإدارة الأمريكية أبلغت إسرائيل نيتها تأخير الإعلان عن خطة التسوية المعروفة باسم “صفقة القرن”.
ونقلت القناة عن مسؤول كبير في الخارجية الإسرائيلية قوله، إنه لا توجد نية لدى الإدارة الأمريكية للإعلان عن الصفقة بسبب الصراع المتزايد مع السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية ترغب في تقديم الخطة وسط حالة من الهدوء.
كما نقلت عن مصدر مسؤول ف يالإدارة الأمريكية قوله إن التأجيل سيكون “طويلا جدا وربما يتم الانتظار لحين استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس من منصبه”.
بدوره، قال موقع “تيك ديبكا” الإسرائيلي في 16 مارس/آذار الجاري إن ترامب قرر تأجيل ما يعرف “صفقة القرن” إلى أجل غير مسمى، وربما يكون حتى العام المقبل 2019 أو 2020.
وأوضح أن قرار التأجيل الأمريكي يأتي تحسبا لقرارات متعلقة بكوريا الشمالية وإيران.
ونقل الموقع عن ممثل ترامب، المكلف “بالمفاوضات الدولية”، جيسون غرينبلات، قوله خلال مؤتمر عقد في واشنطن إن هذا التأجيل “لسنة واحدة على الأقل، إن لم يكن أكثر”.
ومن جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي رامي مهداوي لوكالة الأناضول بأن الإدارة الأمريكية تسعى إلى “ترتيب بعض الملفات قبل طرح هذه الخطة وهو ما يدفعها إلى تأخيرها”.
وأضاف:” واشنطن تريد الانتهاء من ترتيب أمور الضفة الغربية، فبعد إعلانها القدس عاصمة لإسرائيل، ومساعيها لإنهاء قضية اللاجئين، ستسعى إلى دعم فكرة ضم المستوطنات، لتطرح بعدها خطة تكرس السيادة الاسرائيلية على الضفة وتقيم دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط”.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون أول الماضي القدس عاصمة لإسرائيل، وفي وقت لاحق قرر تجميد نصف الدعم لوكالة الأونروا.
وقال مهداوي:” واشنطن ترتب الأمور بخباثة، بدأت بإخراج القدس من دائرة التفاوض، وتسعى للبحث عن حلف عربي ودولي يدعم رؤيتها لفرض حل غير عادل على الفلسطينيين”.
وكان صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد قال في تقرير قدمه لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني، في يناير/كانون ثاني الماضي، إن صفقة القرن، تعطي الفلسطينيين مساحات محددة من الضفة الغربية، على أن تكون عاصمة دولتهم هي بلدة أبو ديس الواقعة بجوار القدس.
وذكر أن الخطة تنص على “ضم المستوطنات للسيادة الاسرائيلية وعدم وجود أي سيادة فلسطينية على الحدود، وأن تكون فلسطين دولة منزوعة السلاح، ويتم تقديم تسهيلات اقتصادية ضخمة للفلسطينيين”.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل خليل شاهين، إن واشنطن وبعد عقد مؤتمرها الأخير (بخصوص قطاع غزة) في البيت الأبيض، ذهبت إلى اتجاه آخر، وهو القفز عن الفلسطينيين والبحث عن داعم إقليمي لأفكارها”.
وأشار شاهين إلى أن التوجه الأمريكي يميل أكثر نحو إقامة “دويلة في غزة على أن يتم إدارة بقايا الضفة تحت شعار دولة وحدود تدريجية”.
وعُقد في البيت الأبيض في الثالث عشر من هذا الشهر مؤتمر برعاية مبعوث الرئيس الأمريكي عملية السلام جيسون غرينبلات، بحث الوضع الإنساني في قطاع غزة بمشاركة ١٣ دولة بينها مصر، السعودية الأردن، الإمارات، و قاطعته السلطة الفلسطينية.
وفي أعقاب المؤتمر، حذر عريقات في تصريح صدر عنه في ١٥ مارس/آذار الجاري، من وجود مساع لإعلان دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط، ومن مساع أمريكية لفرض حلول اقليمية وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إغاثية.
وقال شاهين:” لا يوجد حاليا من يلتقط خطة ترامب ويستطيع التفاوض عليها فالرئيس ابو مازن يرفضها، ونتنياهو ليس في وضع داخلي يسمح له بالموافقة عليها”.
ويواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي تهما بالفساد، ويخضع للتحقيق من قبل الشرطة الاسرائيلية بتهم خيانة الأمانة وتلقي الرشاوى.
وأكد شاهين، أن المقاربة الأميركية تميل نحو القفز عن الفلسطينيين إلى حين ظهور من هو مستعد للتعامل مع الخطة والعمل على تنفيذها، أو قبول أجزاء منها دون الإعلان رسميا عنها.
وأضاف:” هذا الأمر ظهر من خلال اجتماع واشنطن الأخير لبحث موضوع غزة بدون الفلسطينيين، ولكن بمشاركة عربية واسرائيلية، ويبدو ذلك مريحا أكثر لأميركا وإسرائيل”.
بدوره، يرى المحلل السياسي من غزة، طلال عوكل، أن الولايات المتحدة “أجلت الإعلان عن الصفقة فقط، لكنها بدأت بتطبيقها على الأرض”.
وقال عوكل، إن واشنطن تسير باتجاه “التطبيق الفعلي فيما يجري الحديث عن موعد لطرحها، فالأمريكيون شطبوا ملف القدس من المفاوضات وشطبوا ملف اللاجئين قبل الإعلان عن طرح الخطة “.
وقال عوكل إن تردد بعض الدول العربية في قبول الصفقة، أدى أيضا إلى تأخيرها “رغم أن هناك من يدعمها بشكل خفي”.
وأشار إلى أن سياسة الرئيس الامريكي الحالية، تتسم بالفوضى.
وأضاف:” هناك إشكاليات في سوريا، ومع كوريا الشمالية، وعداء مع روسيا والصين وتوتر مع أوروبا على خلفية فرض ضرائب على الصلب والحديد وملف أيران المحوري، وأيضا الملف الفلسطيني الاسرائيلي، وبالتالي أي ملف أو صفقة تحرز تقدم، ويتم الانتهاء منه، سيعتبره ترامب إنجازا”.
أما الكاتب ابراهيم ابراش، من غزة، فيعتقد أن صفقة ترامب أو ما تسمى صفقة القرن لم تطرح بشكل رسمي، وكل ما جرى من تسريبات من قبل إدارة ترامب حول مكوناتها فيما يتعلق بالقدس واللاجئين أو وضع غزة كانت مقصودة لقراءة ردود الفعل.
وأضاف:” الادارة الامريكية من خلال قراءتها لردود الفعل وجدت ان الوقت غير مناسب لطرحها، وأيضا هي لم تطرحها صراحة بسبب الرفض الفلسطيني الصلب والمقاطع لها “.
ويقول ابراش إن بعض الدول العربية “أعلنت من حيث المبدأ موافقتها على الصفقة لكن بعدما تعارض ذلك مع الموقف الفلسطيني، حصل تغير في بعض المواقف العربية”.
ويرى براش أن هناك عوامل إقليمية أخرى، قد تكون دفعت لتأجيل الصفقة مثل الأزمة السورية، والخلاف الأمريكي مع كوريا الشمالية، والخلافات مع روسيا، والملف الإيراني.