منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى السلطة في تركيا، بدأت سياسة أنقرة الخارجية تتشكل على أسس جديدة، وأقرت قطيعة مع السياسات الانعزالية السابقة، في إطار مشروع يطلق عليه داخلياً اسم “تركيا الجديدة”.
ولا زالت أنقرة منذ ذلك الحين تبذل جهوداً مكثقة من أجل بناء الجسور مع مختلف دول العالم، على قاعدة التعاون الدولي والمصالح المشتركة، ومد يد المساعدة للدول التي تحتاج إلى المساعدة، حتى غدت تركيا على قائمة أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الإنسانية.
لكن المساعدات التركية الخارجية لم تقتصر على الدعم الإغاثي الإنساني، بل تعدت ذلك إلى المنح العسكرية المقدمة إلى جيوش الدول الصديقة والحليفة، ضمن استراتيجية تجمع بين الأبعاد الإنسانية والأمنية والسياسية في العلاقات الدولية.
وبينما شهدت السنوات القليلة الماضية ازدياد نقاط حضور الجيش التركي في عدد من دول العالم ولا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا، كانت المنح العسكرية التركية قد سبقت هذا الحضور بسنوات، وتمكنت أنقرة نتيجة لهذه المنح ولأسباب أخرى من تأسيس تحالفات عميقة أهلتها لتكون طرفاً خارجياً موثوقاً به ويعتمد عليه في المجال العسكري.
وكشف السفير التركي في بيروت، تشغاتاي اجيياس، الأسبوع الماضي عن برنامج تقوم الحكومة التركية بتنفيذه تحت اسم “المساعدة العسكرية الخارجية”، وذلك على هامش مشاركته في حفل تسليم الجيش اللبناني مساعدات عسكرية تركية.
ورغم أن السفير لم يوضح المزيد من التفاصيل حول هذا البرنامج، إلا أنه من خلال متابعة نشاط تركيا في تقديم المنح والمساعدات العسكرية إلى الدول الأجنبية تبين أنه هذه المساعدات توزعت خلال الفترة الماضية على 7 دول منفردة، بالإضافة إلى تكتل إقليمي يضم 5 دول بصورة مشتركة، وهي مساعدات آخذة بالتصاعد وجميعها تأتي في إطار اتفاقيات ثنائية مشتركة تفتح آفاق المستقبل على مزيد من الدعم والتعاون.
لبنان
وسلمت تركيا بتاريخ 21 آذار/ مارس الجاري الجيش اللبناني ما يقرب من 147 قطعة غيار للدبابات ولناقلات الجنود المدرعة، بحسب ما أعلنه السفير التركي في لبنان خلال حفل التسليم الذي أقامه الجيش اللبناني في مقره ببيروت.
وقال السفير إن هذه المنحة التي وصلت قيمتها إلى نحو مليون دولار أمريكي تأتي ضمن اتفاقية “المساعدات الخارجية العسكرية اللوجستية” المبرمة بين البلدين عام 2010، لافتاً إلى إدراج لبنان في “برنامج المساعدة العسكرية الخارجية التركي” عام 2015.
وتعهدت أنقرة خلال مؤتمر روما 2 بمنح لبنان معدات عسكرية بقيمة 7 ملايين دولار أمريكي، وتشمل التعهدات قيام تركيا بإنشاء “الفوج النموذجي” (قوات خاصة لبنانية) سيتم إنشاؤه في جنوب لبنان.
الصومال
افتتحت تركيا، بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2017 قاعدة عسكرية جديدة لها في الصومال، هي الأكبر لها في العالم، وقد كلف بناء هذه القاعدة حوالي 50 مليون دولار. وستتكفل القاعدة التركية بتدريب قرابة 10 آلاف جندي صومالي.
ومن خلال تلك القاعدة، تسعى تركيا إلى إعطاء جهاز الشرطة الصومالي طابعاً مؤسساتياً فضلًا عن إعادة هيكلته، وذلك بغية محاربة جماعة “الشباب” الإرهابية، وإحكام السيطرة على أنحاء البلاد.
السودان
خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017، إلى السودان أعلن البلدان عن توقيع اتفاقيات عسكرية تخص أمن البحر الأحمر، وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو: “لدينا توجيهات رئاسية لتقديم الدعم للأمن والشرطة والجانب العسكري للسودان (…) ونواصل تطوير العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية”.
أذربيجان
وقعت تركيا عام 2005 مع أذربيجان على اتفاق يقضي بتقديم أنقرة مساعدات على شكل منحة بموجب بروتوكول بقيمة 2.1 مليون دولار، إلى باكو.
وقالت السفارة التركية في باكو إن المنحة ستستخدم في تدريب العسكريين الأذرييجانبين بمراكز التدريب العسكري التابعة للقوات المسلحة التركية ولحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وكانت تركيا قد قدمت في وقت سابق من نفس العلم مساعدات عسكرية بقيمة 3.28 مليون دولار، شملت آليات وأجهزة اتصالات لاسلكية حديثة.
أوكرانيا
وقعت تركيا وأوكرانيا في 5 كانون الثاني/ يناير 2017 على بروتوكول للتعاون العسكري تمنح أنقرة بموجبه 3.1 مليون دولار مساعدات عسكرية للجيش الأوكراني تخصص لشراء معدات عسكرية تركية ومواد ذات استخدام مزدوج لتلبية احتياجات الجيش الأوكراني، وذلك بحسب ما ذكرت السفارة الأوكرانية في أنقرة.
وقال السفير الأوكراني في أنقرة، أندريه سايبيها، في تغريدة على موقع تويتر: “وقعنا على اتفاق مع الجمهورية التركية، وسيحصل الجيش الأوكراني على 3.1 مليون دولار. الشراكة الاستراتيجية تسير قدما”.
العراق
وصلت الى مطار المثنى في العاصمة العراقية بغداد الثلاثاء بتاريخ 3 آذار/ مارس طائرتا شحن من طراز C-130 تحملان مساعدات عسكرية تركية.
وقام السفير التركي لدى العراق، فاروق قايمقجي، بتسليم المساعدات إلى مسؤولي وزارة الدفاع العراقية.
كما ذكرت السفارة التركية في بغداد في بيان لها، أن ” تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب العراق الصديق والشقيق، حكومة وشعبا، في مكافحته للإرهاب، سواء في إطار التحالف الدولي ضد داعش، أو على المستوى الثنائي”.
إقليم شمال العراق
رسلت الحكومة التركية في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2014 عدداً من الشاحنات المحملة بالمساعدات العسكرية إلى إقليم شمال العراق، في حين أعلن الأمين العام لوزارة البيشمركة، القوات العسكرية التابعة للإقليم، أن تلك المساعدات تأتي لمساعدتها في معركتها ضد داعش.
وأعلن الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار الياور في تصريح صحفي أن “تركيا تساهم في تدريب قوات البيشمركة وتقديم بعض المستلزمات الضرورية لها”.
وذكر الياور أن “المساعدات عبارة عن بعض المستلزمات الضرورية لقوات البيشمركة، كاللباس الميداني العسكري”.
أفغانستان
منحت تركيا الجيش الوطني الأفغاني معدات عسكرية بقيمة 50 مليون دولار، ومساعدات صحية بقيمة 184 ألف، وذلك على مدار سنوات طويلة من مشاركة الجيش التركي في مهمة قوات الناتو في أفغانستان منذ عام 2001.
وشمل الدعم التركي تدريب 17 ألف و500 جندي أفغاني حتى هذا اليوم، 3500 منهم جُلبوا إلى تركيا وتلقوا تعليمهم فيها.
تكتل دول الساحل
خلال زيارته إلى موريتانيا في 3 آذار/ مارس الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نواكشوط مساهمة بلاده بـ5 ملايين دولار لتمويل القوة العسكرية التي شكلتها خمسة بلدان أفريقية.
وهذه الدول هي مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وشكلت القوة العسكرية المشتركة لمكافحة المجموعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل غرب أفريقيا.
.
م.ديلي الصباح