بعد الهجوم الكيماوي العنيف على مدينة دوما السورية، الواقعة في ريف دمشق الشرقي السبت 7 أبريل/نيسان 2018، قرر المصور الفرنسي باسكال هانريون أن يخوض مغامرة يعبّر فيها عن غضبه مما حدث، وذلك بأن علّق نفسه في الهواء على واجهة مركز جورج بامبيدو الوطني للفنون والثقافات في العاصمة الفرنسية باريس يوم الأحد 8 أبريل/نيسان 2018، 4 ساعات، معرّضاً حياته للخطر؛ بهدف لفت نظر وسائل الإعلام والحكومة الفرنسية إلى الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وروسيا وإيران ضد المواطنين الأبرياء في سوريا.
واستدعى ما فعله المصور الفرنسي إلى الأذهان تصريحات الرئاسة الفرنسية في 17 مارس/آذار 2018، عن أنها جاهزة لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري إذا ما تجدد استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، بينما كان الرد وقت الحدث محبطاً للغاية، فقد أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عقب وقوع المجزرة الأخيرة في دوما، أنه “لا دليل حتى الآن على تجاوز الرئيس السوري بشار الأسد الخطوط الحمراء”.
الجري باسم الأطفال
وُلد باسكال هانريون في باريس في العام 1962، وعمل مصوراً بين فرنسا وإسبانيا، وكان يركز في عمله على إبداع أشكال فنية مستخدماً أوراق الصحف كعناصر أساسية فيها، بالإضافة إلى الاستعانة بالإعلانات واللوحات المنتشرة في الشوارع، كما طور عمله من الفن المفاهيمي بأسلوب مستعار من الحركة السريالية في القرن العشرين.
وتنقّل هانريون في مساره الوظيفي بين عدة وظائف قبل أن يركز مجهوداته على الدعم الإنساني لضحايا الحرب في سوريا، فقد عمل مصوراً رسمياً لنادي “ناتاسيو برشلونة”، كما عمل مصوراً في صندوق التصوير الفوتوغرافي ببرشلونة، وشارك في العديد من معارض التصوير في فرنسا وإسبانيا، وأنشأ عام 2016 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” باسم “الجري من أجل أطفال سوريا”.
سباقات لرفع الوعي بالقضية السورية
يدعم باسكال هانريون كفاح الشعب السوري من أجل الحرية منذ بدء الثورة السورية في العام 2011، وقد وظَّف مهاراته في الجري لمسافات طويلة من أجل هذه القضية، فشارك في أكثر من 10 سباقات بهدف دعم أطفال سوريا، كان أبرزها سباق The Trail of Trenches؛ وهو حدث رياضي دولي يُقام شمال شرقي فرنسا، وتحديداً في ساحة معركة “فردان” التي وقعت في الحرب العالمية الأولى. كما خاض سباقاً آخر في جبال الألب بسويسرا خلال يوليو/تموز 2016.
يظهر هانريون دائماً في هذه السباقات مرتدياً خوذة بيضاء مُوقّعة من منظمة “الخوذ البيضاء” في سوريا، ويرى أن ما يفعله يسهم في التثقيف ورفع مستوى الوعي حول الحرب بسوريا، وبالأخص وضع الأطفال هناك والعمل الرائع الذي يبذله رجال “الخوذ البيضاء”، بمخاطرتهم بحياتهم يومياً لإنقاذ الأبرياء من القنابل التي يلقيها عليهم نظام الأسد وحلفاؤه.
لا تنسَ أحلامك..
عبّر المصور الفرنسي عن بالغ تعاطفه مع ضحايا الحرب في سوريا من الأطفال، ودعمه منظمة “الخوذ البيضاء”، وذلك بإطلاق حملة “أنت لا تنسى” في 24 يوليو/تموز 2016، والتي كان شعارها موجَّهاً لهؤلاء الأطفال، قائلاً لهم: “أنت لطيف.. أنت ذكي.. أنت مهم.. لديك أحلام رائعة لا تنسَها أبداً”.
ودعا إلى التبرع للمنظمة التي تعمل على إنقاذ ضحايا الحروب بسوريا، وسجّل المشاركون في الحملة رسائلهم، التي عبروا فيها عن تضامنهم مع أطفال سوريا، كما التقط هانريون لهم صوراً وهم يحملون الخوذة البيضاء التي حصل عليها من المنظمة.