منوعات

مع أن 90٪ منهم مسلمون.. معركة كبرى حول خانة الديانة في إندونيسيا

نشأت ديوي كانتي في جزيرة جاوة الإندونيسية في السبعينيات، واعتنقت شكلاً من أشكال المعتقدات التقليدية الأصلية التي تعود أصولها إلى ما قبل وصول المسيحية والبوذية والإسلام إلى الجزيرة بقرون عديدة.

من المفارقة أن ديوي لاحظت باستياء أن معتقداتها التقليدية تلك جعلتها منبوذة دينياً في بلادها اليوم، حيث يضمن الدستور حرية الدين ولكن الحكومة تعترف بستة أديان فقط: الإسلام، والبوذية، والهندوسية، والبروتستانتية، والكاثوليكية، والكنفشيوسية.

وتقول لصحيفة New york Times “ما يهم هنا كيف أن العدالة لا تُطبَّق في البلاد، فلماذا تتمكن هذه الأديان العالمية من الانتشار ويجري الاعتراف بها في حين أن الدين الأصلي لإندونيسيا لا يمكنه ذلك؟”.

إنه السؤال الذي تنتظر إجابته هي والآخرون، مع أن المحكمة الدستورية أصدرت قراراً هاماً في نوفمبر/تشرين الثاني يؤكد على حرية اتباع المعتقدات التقليدية الأخرى دون الست ديانات المعترف بها.

وبالرغم من مرور خمسة أشهر، فإن الحكومة الإندونيسية لم تنفذ القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية بعد، مع أن المسؤولين يقولون إنهم يعملون عليه.

الدين يلعب دوراً في الحياة العامة

في بلدٍ ينهض فيه الدين بالدور الرئيسي في الحياة العامة، فإن أتباع المعتقدات التقليدية، المعروفين عامةً باسم أليران كيبركايان، يأملون أن يقضي القانون نهائياً على عقود عانوا فيها من التفرقة غير الرسمية التي تتمثَّل في عرقلة حصولهم على تصاريح لفتح أماكن التجمع، والحصول على تراخيص للزواج وكذلك التمتع بالخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية. وكذلك تزيد من تعقيد الجهود التي يبذلها أولئك الأتباع للحصول على الوظائف في الخدمات المدنية والعسكرية والشرطة أو حتى إجراءات الدفن في المقابر.

حتى معتقداتهم القديمة تأثرت بالإسلام

هناك المئات من المذاهب المختلفة المتعددة للأليران كيبيركايان المنتشرة في أرجاء الأرخبيل الإندونيسي الشاسع. تشمل جزيرة جاوة الأكثر شهرة مزيجاً من المعتقدات الروحانية الإسلامية والبوذية الهندوسية.

تشمل مذاهب الكيبيركايان بعض الشعائر الدينية الدورية مثل الوجبات الطائفية أو الأعمال التي يمكن تشبيهها بصلاة الرجال المسلمين يوم الجمعة أو الصلوات المسيحية يوم الأحد. قد تشمل عروض طقوس لاسترضاء الأرواح مع أنه يمكن أن يكون ممارسوها مسلمين أو مسيحيين أو بوذيين أو تابعين لإحدى الديانات الأخرى المعترف بها.

ليس ذلك فحسب، فبعض المسلمين يمارسون عقائد تقليدية قديمة

وتشير التقديرات إلى أنه ما لا يقل عن 20 مليون شخص من سكان إندونيسيا، البالغ عددهم 260 مليوناً، يعتنقون عقائد تقليدية، ولكن يمكن أن يكون عددهم أكثر بكثير من ذلك وفقاً للمحللين، مع أن بعضهم قد يكونون أتباعاً للدين الإسلامي أو المسيحي أو غيرهما من الأديان الرئيسية.

وخانة الديانة على الهوية الشخصية لا غنى عنها

ويطغى الدين على أرجاء إندونيسيا حتى أن المواطنين مُلزَمون بالإفصاح عن الدين الذي ينتمون إليه من بين الأديان الستة على بطاقة الهوية الشخصية، ولكن تسمح لهم بعض المناطق بترك هذا القسم فارغاً. قد يفتح تطبيق ذلك المجال أمام المشاجرات البيروقراطية وممارسة التمييز، لذا يذكر العديد من معتنقي العقائد التقليدية على بطاقات الهوية الخاصة بهم الديانة السائدة في المنطقة حيث يقيمون. قد تكون الديانة السائدة في جاوة هي الإسلام على الأغلب، ولكن تسود الكاثوليكية أو البروتستانتية بعض الأجزاء من جزر سومطرة أو سولاوسي، بينما تهيمن الهندوسية على مقاطعة بالي.

لكن ذلك لا يمنع الغش

يقول بعض خبراء القانون إن مثل تلك التحايلات يجب ألا يكون من الضروري اللجوء إليها.

قالت بيفيتري سوسانتي، رئيس فرع جاكرتا للجمعية الإندونيسية للمحاضرين في القانون الدستوري: “جاء قرار المحكمة مؤكداً على أن حرية العقيدة هي حق يكفله الدستور وليس حقاً تمنحه الحكومة”.

وأضافت: “ثانياً، ينص الدستور على الحق في اعتناق مذاهب أليران كيبيركايان أو غيره من المذاهب الأخرى غير الأديان الستة التي تعترف بها الحكومة، وهو حق ملازم لحقوق الأديان كما تنص عليه المادة 29 من الدستور الإندونيسي”.

إذ لا مساواة بين الإسلام والمعتقدات القديمة

لكن مجلس علماء المسلمين الإندونيسي، وهو يمثل أعلى هيئة لرجال الدين في البلاد، أصر على عدم النظر إلى المذاهب التقليدية على قدم المساواة بالدين الإسلامي.

وقال زين التوحيد سعدي، نائب رئيس المجلس: “لم يُنظَر في حكم المحكمة الدستورية بعنايةٍ فقد أساء إلى مشاعر المؤمنين لا سيما المسلمين الإندونيسيين، لأنه ساوى بينهم وبين الأليران كيبيركايان”.

وقال: “ترتَّبت على القرار عواقب قانونية إلى جانب آثار تردّد صداها في مجتمعنا”.

فقد طمحت بعض الجماعات الإسلامية إلى أكثر من ذلك وإلى تغيير الدستور ليعلن الإسلام الدين الرسمي للدولة.

مع ذلك، فإن القادة الرئيسيين بجمعية نهضة العلماء، وهي أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا، يؤيدون قرار المحكمة.

ما تسبب بتوترات بين المسلمين وأصحاب المعتقدات الأخرى.. ووصل للتجديف

لطالما كان الدين قضيةً ساخنة في إندونيسيا، التي على الرغم من أن المسلمين يُشكِّلون أغلبيتها، فإنه توجد أقليات مؤثرة تعتنق البوذية والهندوسية والمسيحية. وتعرَّضَت الأقليات لهجمات ذات دوافع دينية على مدار السنوات الأخيرة، ما أدى بعضها إلى وقوع ضحايا.

وصل هذا التوتُّر إلى الميدان السياسي: في مايو/أيار عام 2017، عندما صدر حكم ضد باسوكي تجاهاجا بورناما، حاكم جاكرتا المسيحي، عاصمة إندونيسيا، بالسجن لمدة عامين بسبب التجديف ضد الدين الإسلامي، فيما يرى مؤيدوه إن الجماعات الإسلامية وراء تدبير تلك القضية عازمة على تدمير حياته المهنية.

ويرى البعض أن وزارة الداخلية تبدو مذنبةً من ناحية التحفُّظ على الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية في نوفمبر/تشرين الثاني.

فكان قرار الحكومة إن المعتقدات القديمة ثقافة وليست ديناً

وقال عارف إيدي، المتحدث باسم الوزارة، إن الحكومة تحترم الحكم وتطبقه، ولكن فقط عن طريق إعادة تصميم بطاقة الهوية لتستوعب أليران كيبيركايان كخيار في قسم الحالة الدينية. ولكنه لن يُعتَرَف به على أنه الدين الرسمي السابع للبلاد.

وأكمل عارف: “نكتفي بالاعتراف به كثقافةٍ وليس كديانة”.

لكن هذا لم يعجب معتنقي أليران كيبيركايان

لا يستحسن معتنقو أليران كيبيركايان هذا التفسير الضيق، فهم يقولون إن الحكومات المحلية في المناطق النائية ستواصل التمييز في توصيل الخدمات العامة.

قال جوانز نوغروهو، المُحلِّل والكاتب السياسي الإندونيسي: “تكمن المشكلة في أي قرار أو سياسةٍ مثيرةٍ للجدل في تطبيقها إلى أدنى مستوى في الحكومة”.

ربما الحل في ترك خانة الديانة فارغة!

قال نوغروهو، وهو معتنقٌ سابق لكل من المسيحية والكيجاون، وهو نظام عقيدة تقليدية، إنه حاول دون جدوى إزالة المسيحية من قسم الدين على بطاقة الهوية الوطنية، مفضلاً تركها فارغة أو تحويلها إلى الهندوسية في محاولةٍ منه لإعلان اعتناقه لها.

ولا تزال منظمات العقائد التقليدية تقول إن قرار المحكمة الدستورية هو ما يمنحهم الشجاعة وكذلك ترى مجالاً لدفعها للحصول على الموافقة الرسمية.

عموماً جميعهم موحِّدون

وقال إندانغ ريتنو لاستاني، وهو زعيم إحدى الجماعات ومقرها جاوة ويذكر أن قسم الانتماء الديني في بطاقة هويته فارغ: “سنواصل الكفاح لتحقيق المساواة، نحن ننعم بالمساواة فقط من الناحية القانونية ولكنها تنقصنا في الواقع”.

وتابَعَ: “نحن نؤمن بتوحيد الإله والناس، مثلنا مثل باقي الأديان، إذاً ما الخطأ في ذلك؟”.

 

 

 

 

.

م.عربي بوست

أحدث الأخبار

كواليس لقاء أردوغان وزعيم الناتو

استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روتيه،…

26/11/2024

السعوديات وجدل فيديو حفلة جنيفر لوبيز.. القصة الكاملة

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر مجموعة من النساء يرتدين العباءات السوداء ويدخلن…

26/11/2024

اختفاء شقيقين أثناء عطلتهما في تركيا

في حادث مأساوي وقع على ساحل منطقة بشيكتاش في إسطنبول، فُقد شقيقان من أصل تركي…

26/11/2024

زلزال ملاطية يُثير القلق.. خبير جيولوجي: الوضع مقلق ويستوجب التحرك فورًا

قيّم الباحث الجيولوجي البروفيسور نجي غورور الزلزال الذي بلغت قوته 4.6 درجة ووقع في منطقة…

25/11/2024

هدنة مرتقبة بين إسرائيل وحزب الله: بايدن وماكرون يعلنان التفاصيل خلال 36 ساعة

أفادت تقارير إعلامية بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون سيعلنان عن التوصل…

25/11/2024

إبراهيم تاتليسيس يطلب الدعاء من متابعيه

بعد معاناته من شلل جزئي نتيجة تعرضه لهجوم مسلح في وقت سابق، أعلن الفنان التركي…

25/11/2024