كشفت صحيفة The Wall Street Journal عن سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تشكيل قوة عربية، كي تحل محل الوحدة العسكرية الأميركية في سوريا، وتساعد على تحقيق الاستقرار بالجزء الشمالي الشرقي من البلاد، بعد هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون.
هل حقاً سترسل مصر ودول الخليج قواتها لتحل محل القوات الأمريكية بسوريا؟ يبدو ذلك، فجون بولتون تواصل مع عباس كامل..
إذ أن الصحيفة الأمريكية نقلت عن مسؤولين قولهم إن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الجديد بإدارة الرئيس ترمب، قد اتصل مؤخراً برئيس جهاز الاستخبارات المصرية بالإنابة عباس كامل، للتعرف على ما إذا كانت القاهرة سوف تسهم في تلك الجهود.
وترمب لا يخفي ذلك، فقد سبق أن طلب علناً المليارات من الخليج
كشف هذه المعلومات يأتي بعد أيام من طلب الإدارة الأميركية من السعودية وقطر والإمارات تقديم مليارات الدولارات، للمساعدة بعد استعادة شمالي سوريا. وذكر المسؤولون حينها أن الإدارة طلبت من البلدان العربية إرسال قوات عسكرية أيضاً.
وقد تحدث ترمب قبيل توجيه ضربات صاروخية ضد الأسد، عن قلقه البالغ بشأن تكاليف الحرب التي يخوضها في سوريا وإعادة الاستقرار.
وقال ترمب “طلبنا من شركائنا تحمل مسؤولية أكبر عن تأمين منطقتهم، بما في ذلك المساهمة بمبالغ مالية أكبر”.
وفي أوائل أبريل/نيسان، تحدث ترمب عن الحاجة إلى التعجيل بانسحاب القوات الأميركية من سوريا والبالغ قوامها 2000 جندي، وهو موقف يتعارض مع آراء العديد من كبار المستشارين الذين يخشون أن يؤدي الانسحاب السريع من سوريا إلى التخلي عن الأرض لصالح إيران وروسيا ووكلائهما، أو الجماعات الإرهابية الأخرى.
وحجة ترمب الأساسية في ذلك..
تجنُّب حدوث فراغ أمني في سوريا، يسمح لتنظيم داعش بالعودة أو التخلي عن المكاسب التي تحقَّقت بشقِّ الأنفس إلى القوات التي تدعمها إيران بالبلاد.
حتى أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي حاول إخفاء ذلك
ورفض التعليق على مكالمة بولتون مع عباس كامل، الذي يعد أحد أكبر الشخصيات ذات النفوذ بالنظام المصري.
لكن هنالك من كشف ذلك..
فقد أقرَّ مسؤولون آخرون بالمحادثة الهاتفية، وأشاروا إلى أن الإدارة قد تواصلت أيضاً مع بلدان الخليج.
والأمر لا يتعلق بمصر وحدها بل بدول الخليج أيضاً
إذ قال أحد مسؤولي الإدارة الأميركية: “تم التواصل مع السعودية وقطر والإمارات بشأن الدعم المالي، والمساهمة بصورة أوسع نطاقاً”. ولم يتم التمكن من التواصل مع المسؤولين العسكريين المصريين والمتحدث باسم مكتب الرئيس المصري على الفور للتعليق.
وذكر بعض المسؤولين العسكريين أن الانتهاء من هزيمة تنظيم داعش في سوريا يظل تحدياً. وعلاوة على ذلك، سوف تواجه أي خطوة تستهدف حشد وحدة عسكرية عربية يتم نشرها بعد انسحاب القوات الأميركية عقبات كثيرة.
لكن تشكيل القوة العربية الجديدة لها تحدياتها..
وقال تشارلز ليستر، زميل أول بمعهد الشرق الأوسط، إنَّ تشكيل قوة جديدة سيُمثِّل تحدياً، لأنَّ السعودية والإمارات منخرطتان عسكرياً في اليمن، ومصر ستكون مترددة في الدفاع عن أراضٍ ليست خاضعة لسيطرة نظام الرئيس بشار الأسد.
وسيكون للعرب شروطهم قبل الموافقة
ولن تكون الدول العربية، بحسب ليستر، متحمسة لإرسال قوات إلى سوريا إن لم يوافق الجيش الأميركي على إبقاء بعض القوات هناك.
وأضاف: “ليست هناك سابقة أو أساس مستقر لتحويل هذا إلى استراتيجية ناجحة”.
وأولها بقاء الجيش الأمريكي
وتظل الكثير من الأسئلة مُثارة حول ما إن كان الجيش الأميركي سيُبقي على بعض المشاركة في تنفيذ مثل تلك الخطة.
وحظيت القوات الأميركية في سوريا، والمقاتلون العرب والأكراد الذين يعملون معها، بحماية سلاح الجو الأميركي. ولا يزال من غير الواضح أي دورٍ قد تضطلع به المقاتلات الأميركية، إن كانت ستضطلع بدورٍ أصلاً، ومَن قد يطلب شنَّ ضرباتٍ جوية إن احتاجت إليها قوة عربية مستقبلية.
فالقوة العربية الجديدة سيكون من مهامها مواجهة هجمات قوات الأسد
قال مايكل أوهانلون، من معهد بروكنغز، مُشيراً إلى القوة الجديدة: “لا بد أن تكون قوية لتواجه الأسد أو إيران، إن سعى أيهما لاستعادة الأرض، ربما بمساعدة روسيا”.
فالأمريكيون كانوا يأملون أن يلعب الأكراد هذا الدور
وفي مطلع يناير/كانون الثاني، كان مسؤولو الجيش الأميركي يأملون إنهاء حملتهم في سوريا في غضون أشهر، وإبقاء بعض القوات لإرساء الاستقرار في الرقة والمناطق الأخرى، التي كانت خاضعة في السابق لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
إلا أن توجه معظم مقاتلين إلى عفرين أفشل الخطة الأمريكية
لكنَّ التطورات في الميدان قلبت تلك الخطة رأساً على عقب؛ إذ تخلَّى الكثير من المقاتلين الأكراد السوريين المدعومين أميركياً عن المعركة ضد داعش، وهرَعوا باتجاه مدينة عفرين والمناطق الأخرى التي هاجمتها القوات التركية في شمالي سوريا.
لحل المشكلة، وضعت أمريكا الخطة البديلة لنقل العبء المالي إلى الخليج ومصر
وترك إصرار ترمب على عودة القوات الأميركية إلى الديار بأسرع ما يمكن مسؤولي الإدارة يسارعون لوضع استراتيجية خروج، من شأنها أن تنقل العبء الموضوع على كاهل الولايات المتحدة إلى الشركاء الإقليميين بعد هزيمة داعش.
إذ لا يزال هنالك نحو 12 ألف مقاتل من داعش في المنطقة
وقال مسؤولٌ أميركي إنَّه في حين تتباين التقديرات، فإنَّه يُعتَقَد أنَّ ما يتراوح بين 5-12 ألف مقاتل من داعش لا يزالون موجودين في شرقي سوريا. وأضاف المسؤول أنَّ المسلحين يعملون في موقعين في جيبٍ جنوبي مدينة الحسكة السورية، وبمنطقة على امتداد 25 ميلاً (40.2 كيلومتر تقريباً) بطول نهر الفرات، قرب مدينة البوكمال. ويحاولون إعادة تجميع صفوفهم، بل وحتى السعي وراء النفط لبيعه.
وعلى القوة العربية الجديدة التعاون مع المقاتلين المحليين عرباً وكرداً لصد داعش.. وإيران أيضاً
وقال المسؤول إنَّ مهمة القوة الإقليمية ستكون هي العمل مع المقاتلين العرب والأكراد المحليين، الذين تدعمهم الولايات المتحدة، لضمان عدم تمكُّن داعش من العودة، ومنع القوات المدعومة إيرانياً من الانتقال إلى داخل الأراضي التي كان يسيطر عليها داعش سابقاً.
ويبدو أن الخطة بدأت تتخذ خطوات عملية.. فبلاك ووتر مستعدة للمساعدة
وجذبت الفكرة انتباه إريك برنس، رجل الأعمال الخاص الذي أسَّس شركة بلاك ووتر الأميركية، والذي ساعد الإمارات والصومال في إقامة قواتٍ أمنية خاصة.
وقال برنس، أمس الإثنين 16 أبريل/نيسان، إنَّ مسؤولين عرباً تواصلوا معه بشكل غير رسمي، بشأن إمكانية إنشاء قوة في سوريا، لكنَّه ينتظر حتى يرى ما سيفعله ترمب.
لكن المشكلة عند مصر، فهي مشغولة بداعش في سيناء
وترى الصحيفة الأميركية أنه لا يبدو واضحاً أنَّ مصر على استعداد لدعم جهدٍ جديد في سوريا. إذ تنشغل مصر، التي تمتلك أحد أكبر الجيوش بالشرق الأوسط، بالقتال ضد الفرع المحلي لداعش في شبه جزيرة سيناء، وتأمين الحدود الصحراوية الشاسعة للبلاد مع ليبيا، التي يحكمها مزيج من الميليشيات.
كما أن مصر نادرا ما نشرت قواتها خارج الحدود
فلم تفعل ذلك، منذ أن أرسلت أكثر من 30 ألف جندي للانضمام إلى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لمحاربة العراق في حرب الخليج عام 1991، وأصدرت حكومتها في بعض الأحيان بيانات تدعم السلطات في دمشق، رغم أنَّها تزعم عدم الانحياز إلى أحد أطراف الصراع.
لكنها تستطيع تقديم التدريب والدعم اللوجستي
ويرى بعضُ الخبراء أنَّه إذا لم ترغب مصر في إرسال قوات، فيمكنها المساعدة بطرق أخرى، مثل تدريب المقاتلين السوريين خارج بلادهم وتقديم الدعم اللوجستي.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطلب من العرب فيها ذلك
وليست جهود إدارة ترامب التي تهدف إلى توليد مشاركة إقليمية أكبر في سوريا الأولى من نوعها. فأثناء إدارة أوباما، أعرب وزير الدفاع آنذاك آشتون كارتر مِراراً، عن آماله في مشاركة القوات الخاصة السعودية والإماراتية في الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة ضد داعش في شمالي سوريا، لكن دون أي جدوى.
ووفقاً لمسؤولين أميركيين، فإنَّ السعودية والإمارات ساعدتا في دفع رواتب المقاتلين السوريين الذين تدعمهم الولايات المتحدة.
لكن العرب سيتجاوبون مع ترمب أكثر من أوباما
ويعتقد مسؤولون في الإدارة، أنَّ الدول العربية ستتجاوب بشكل أكثر إيجابية مع طلب من ترمب، الذي سبق أن طلب من السعودية أن تسهم بمبلغ 4 مليارات دولار لاستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش في سوريا، بحسب ما ذكرته الصحيفة الأميركية.
.
م.عربي بوست