مخطط إيراني جديد لزعزعة الأمن في تركيا

سجلت أرقام وزارة الداخلية التركية خلال الشهرين الماضيين فقط، دخول 50 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى تركيا، 90% منهم لاجئون أفغان.

وتعوّدت تركيا على استقبال الأعداد الكبيرة من اللاجئين، بدءا من اللاجئين السوريين والعراقيين وغيرهم، لكن هذه المرة تختلف الموجة الجديدة من اللاجئين الأفغان عن مثيلاتها.

حيث عبرت السلطات الأمنية الداخلية عن قلقها؛ من أنّ سجلات الذين دخلوا الأراضي التركية خلال عام 2018 الجاري يبعث على القلق كثيرًا، بسبب أنّ من بين هؤلاء لاجئون أفغان وهم عبارة عن جنود مرتزقة دفعت بهم إيران للقتال داخل سوريا. حيث أنهم قد خرجوا من أفغانستان إلى إيران، ومن ثمّ تمّ إرسالهم إلى سوريا للعمل كمرتزقة من قبل إيران هناك، وبعضهم قد وصل بالفعل إلى تركيا.

وتتمثل خطورتهم في أن لا أحد يعلم أهدافهم ولا عددهم الحقيقي، كونهم يسلكون طرقًا غير قانونية من أجل الدخول إلى تركيا.

ومن جانب آخر، فقد أكد لاجئون أفغان، عدم منع السلطات الإيرانية عبورهم بشكل غير قانوني إلى تركيا. حيث كشف اللاجئ الأفغاني خان آغا، أنّ قوات الأمن الإيرانية كانت قريبة من اللاجئين أثناء عبورهم الحدود بشكل غير قانوني نحو تركيا، مضيفًا أنها لم تحرّك ساكنًا إزاء ذلك.

ويدخل اللاجئون الأفغان الأراضي التركية من ولايات اغدير، وان، أغري وهكاري التركية، وتحديدًا من المناطق التي لم يُبنَ فيها الجدار الأمنيّ بعد على الحدود التركية الإيرانية. بعد ذلك يبدؤون السير على الأقدام بهدف رئيسيّ؛ وهو التوجه إلى ولاية أرضروم، ثمّ تتولى شبكات التهريب نقل هؤلاء اللاجئين إلى مدينة إسطنبول بالحافلات الصغيرة والشاحنات، كلٌّ بحسب قدرته على الدفع.

وعلى الرغم من التشديد الأمنيّ على الحدود الإيرانية ــ التركية، وإنشاء مديرية خاصة لمكافحة تهريب البشر في منطقة “أرضروم” شرقيّ تركيا، إلا أنّ الحدود الإيرانية التركية ما زالت تشهد تدفقًا كبيرًا للاجئين الأفغان.

وبسبب عدم منع السلطات الإيرانية اللاجئين من عبور الحدود، ارتفع عدد اللاجئين الأفغان الذين عاشوا لفترة في إيران ثمّ قرروا العبرو إلى تركيا بصورة غير شرعية، حيث يتراوح عدد العابرين ما بين 400-500 شخص في الليلة الواحدة.

وتشير الأرقام إلى انّ من أصل 100 مهاجر غير شرعي يدخل الاراضي التركية بصورة غير قانونية، هنالك 90 منهم من أصل أفغاني.، بينما تتمكن السلطات التركية من القبض على نحو نصفهم فقط أو يزيد.

ومن بين اللاجئين الأفغان هؤلاء، من أكمل تعليمه الجامعي بنجاح، ويجيد اللغات الأجنبية بطلاقة، إلا من الخطورة بمكان أنّ بينهم من عمل سابقًا كجندي وعسكري لسنوات، ويجيد استخدام السلاح باحتراف، ممّا يزيد المخاوف حول هدف هؤلاء ولماذا يصرّون على الدخول نحو الأراضي التركية بصورة غير قانونية. فما المانع من أن يكونوا قد أُدخلوا بطريقة مقصودة حتى يشكلوا تهديدًا مستقبليًّا في المجتمع التركيّ.

حتى أنّ بعض هؤلاء اللاجئين الأفغان غير الشرعيين الذين دخلوا الأراضي التركية، يذهبون إلى بلادهم في عطلاتهم الرسمية ثمّ يدخلون مرّة أخرى بطريقة غير شرعية أيضًا لتركيا، ما يعني أنّ بعض هؤلاء ليسوا مجرّد لاجئين غير شرعيين، طالما باستطاعتهم الذهاب لقضاء إجازتهم السنوية وسط أهلهم، وأنّ سبب إدخالهم لتركيا ربما ينمّ عن أهداف أخرى؛ أرادها مَن خطط ونسّق لتدفقهم نحو الأراضي التركية.

كما يلفت بعض هؤلاء اللاجئين النظر إليهم بلبسهم الراقي والاهتمام بمظهرم الخارجي جيدًا، ممّا يوحي أيضًا أنّهم اكثر من مجرّد لاجئين فقط هربوا من الأوضاع السيئة في بلادهم ولجؤوا إلى تركيا للبحث عن عيش كريم. والأبعد من ذلك أنهم ليسو ببعيد أن يكونوا وراء أهداف اخرى جاؤوا لتحقيقها لصالح الجهة التي جاؤوا منها.

وقد حوّل المهربون وتجار البشر ولاية “آغري” أقصى شرق تركيا إلى مركز لتهريب المهاجرين، حيث دخل 90% من اللاجئين الافغان إلى تركيا عبر حدود هذه المنطقة ومنها يبدأ الانتشار في مختلف مناطق تركيا. قادمين من مناطق ماكو وأورميا الإيرانية، والمعروفة بأنها مركز لتجمع اللاجئين غير القانونين الذين يريدون الدخول إلى الأراضي التركية. يقطعون خلالها مسافة 10 يوم إلى 15 يومًا، مشيًا على الأقدام للوصول إلى الحدود التركية.

وبالتالي فإنّ الزيادة الكبيرة في عدد اللاجئين الأفغان الذين يدخلون الى الأراضي التركية بهذه الطرق غير الشرعية، يثير تساؤلًا مرة أخرى؛ هل جاء كلّ هذا العدد الكبير فقط للعمل في تركيا؟.

وتجد السلطات الأمنية التركية صعوبة في التدقيق فردًا فردًا على اللاجئين الذين يتمّ القبض عليهم عند النقاط الحدودية التركية، نظرًا للعد الكبير الذي يتدفق يوميًّا على الأراضي التركية، بالإضافة إلى أنّ بعض هؤلاء يقومون بتمزيق هوياتهم الرسمية، حتى يتمكنوا من الاستفادة من وضعية “طالب لجوء”، كما أنّ البعض منهم يحمل هوية غير حقيقية و مزورة، عليها الاسم والمهنة والبلد على حسب هواه هو وليس كما تقتضي المعلومات الحقيقيّة.

وتقوم السلطات التركية بأخذ بصماتهم والتقاط صورة فتوغرافية فقط عند القبض عليهم، لكن هذا لا يبدو كافيًا؛ من حيث عدم تضمّن أي معلومة عن القبيلة أو العرق أو الطائفة التي ينتمون إليها، بحكم أنّ هذه الأسئلة تندرج تحت المساءلة “الغير أخلاقية” بالنسبة لتركيا، ولذلك تراعيها تركيا في تعاملها مع اللاجئين هؤلاء.

.

.

م.يني شفق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.