خلال مكالمة هاتفية مع أمير الكويت، في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حثَّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأميرَ على التحرك لتنفيذ صفقة تعطَّلت لأكثر من عام، تشتري فيها الكويت مقاتلات أميركية قيمتها 10 مليارات دولار.
عدة أشخاص مطلعين على سير الصفقة قالوا إن تصرف ترمب كان نابعاً من الحرص على مصالح شركة بوينغ، ثاني أكبر شركات العتاد الدفاعي الأميركية، التي أصابها الشعور بخيبة الأمل لتعثر هذه الصفقة التي تأجلت طويلاً، وتعد محورية لمواصلة نشاط شعبة الطائرات الحربية.
وبهذا التدخل من جانب البيت الأبيض، والذي لم تنشر تفاصيله من قبل، خطا ترمب خطوة غير معتادة من جانب رئيس أميركي، لإبرام صفقة أسلحة كبرى.
يقول محللون إن ترمب ذهب في مكالماته الهاتفية ولقاءاته العلنية مع قادة دول العالم إلى مدى أبعد من أي رئيس أميركي سابق، بارتداء عباءة مندوب المبيعات لصناعة السلاح الأميركية.
ويقول المسؤولون الأميركيون، إن الدور الشخصي الذي يلعبه ترمب يؤكد عزمه على زيادة صادرات الأسلحة التي تحتل بها الولايات المتحدة حالياً بالفعل مكانة مهيمنة في تجارة السلاح العالمية، وذلك رغم المخاوف التي يبديها المدافعون عن قضايا حقوق الإنسان والحد من انتشار السلاح.
وستُعزز الحكومة الأميركية هذه الجهود بكل ثقلها، عندما تطرح إدارة ترمب هذا الأسبوع مبادرة جديدة تحت شعار “اشتر الأميركي” بهدف السماح للمزيد من الدول بشراء أسلحة أكثر وأكبر من ذي قبل.
وقال المسؤولون إن هذه المبادرة ستخفف قواعد تصدير عتاد يتراوح من الطائرات المقاتلة والطائرات بلا طيار، إلى السفن الحربية وقطع المدفعية.
وعلمت رويترز أن المبادرة، التي قالت مصادر بصناعة العتاد الدفاعي، إنها ستعلن يوم الخميس، ستطرح خطوطاً إرشادية يمكن أن تسمح لعدد أكبر من الدول بالحصول على موافقات أسرع على الصفقات، وربما تقلل فترة استكمال الصفقات إلى شهور بدلاً من سنوات، كما كان يحدث في كثير من الأحيان.
وقال مسؤولون مطلعون على الأمر، إن الاستراتيجية الجديدة ستدعو أعضاء حكومة ترمب إلى القيام في بعض الأحيان بدور الوسطاء، للمساعدة في إتمام صفقات السلاح الكبرى.
كما سيتم إيفاد المزيد من كبار المسؤولين في الحكومة إلى الخارج، للترويج للسلاح الأميركي في معارض الطيران وأسواق السلاح العالمية.
وارتفعت أسهم شركات العتاد الدفاعي الأميركية الكبرى عقب نشر التقرير، وبلغ سهم شركة ريثيون أعلى مستوى له على الإطلاق.
ويحذر المدافعون عن حقوق الإنسان ودعاة الحد من التسلح من أن انتشار مجموعة أكبر من الأسلحة المتطورة في أيدي مزيد من الحكومات الأجنبية قد يعمل على زيادة خطر انتقال الأسلحة إلى الأيدي الخطأ، ويغذي العنف في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وتشدد إدارة ترمب على أن الغايات الرئيسية لهذه الاستراتيجية هي مساعدة شركات العتاد الدفاعي الأميركية على التنافس بشكل أفضل في مواجهة الشركات الروسية والصينية، التي تتزايد جرأتها في التسويق، وكذلك منح الشركات الأميركية دعماً أكبر من ذي قبل، لتحقيق فوائد اقتصادية من مبيعات السلاح بإتاحة المزيد من فرص العمل داخل البلاد.
وقال أحد مساعدي ترمب، مشترطاً الحفاظ على سرية هويته، إن المبادرة الجديدة تهدف أيضاً للتخفيف من القيود المتعلقة بحقوق الإنسان التي أدت في بعض الأحيان إلى رفض صفقات سلاح بعينها.
ورداً على طلب للتعليق في هذا التقرير قال مسؤول بالبيت الأبيض “هذه السياسة ترمي لتعبئة كل موارد الحكومة الأميركية وراء عمليات نقل السلاح، التي هي في صالح الأمن القومي والاقتصادي الأميركي”.
وقال المسؤول “نحن نقر بأن عمليات نقل السلاح قد تكون لها عواقب مهمة على صعيد حقوق الإنسان. ولا شيء في هذه السياسة يغير الشروط القانونية والتنظيمية القائمة في هذا الصدد”.
وأحد المهندسين الرئيسيين وراء السياسة الجديدة هو الاقتصادي بيتر نافارو، وهو أحد المتشككين في السياسة التجارية الصينية، وقد صعد نجمه في دائرة المقربين من ترمب.
وقال المسؤولون إن جهوده لزيادة صادرات السلاح لم تلق مقاومة تذكر داخل البيت الأبيض.
يجري إعداد هذه المبادرة منذ شهور، وسبق أن نشرت تقارير عن بعض مقوماتها المتوقعة.
غير أنه مع قرب خروجها إلى حيز التنفيذ، زود أكثر من 10 مصادر في صناعة السلاح ومسؤولون أميركيون حاليون وسابقون رويترز بأكمل صورة حتى الآن لما ستكون عليه سياسة ترمب، رغم أنهم قالوا إن من الممكن أن تحدث تغييرات أخرى في اللحظات الأخيرة.
وقال المسؤولون الأميركيون، إن هذه السياسة ستدعو إلى نهج تشارك فيه “الحكومة كلها” من الرئيس إلى الوزراء وحتى الملحقين العسكريين والدبلوماسيين للمساعدة في الترويج لصفقات سلاح جديدة بمليارات الدولارات في الخارج.
وأضافوا أن الاستراتيجية الجديدة ستدعو أيضاً إلى الحد من الإجراءات البيروقراطية، لضمان صدور الموافقات على نحو أسرع على مجموعة أوسع من العتاد العسكري للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والسعودية ودول خليجية أخرى، بالإضافة إلى الدول الموقعة على معاهدات مع الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
وستظل الكثير من التفاصيل طي الكتمان.
ومن الشركات التي ستحقق استفادة أكبر من هذه السياسة بوينغ ولوكهيد مارتن كورب وريثيون وجنرال داينامكس كورب ونورثروب جرومان كورب.
وقد ارتفعت أسهم هذه الشركات كلها بنسب تتجاوز العشرة في المئة، وعلى رأسها سهم بوينغ الذي تضاعف سعره منذ تولى ترمب الرئاسة، في يناير/ كانون الثاني 2017.
كما يريد معاونو ترمب أن يشارك عدد أكبر من كبار المسؤولين في معارض السلاح العالمية الكبرى، بما في ذلك وزراء مثل وزير الدفاع جيم ماتيس ووزير التجارة ويلبور روس للترويج للسلاح الأميركي الصنع، مثلما تفعل دول أخرى مثل فرنسا وإسرائيل للترويج لما تنتجه شركاتها.
وقال مسؤول أميركي “إذا ذهبت إلى معرض باريس للطيران تجد وزير الخارجية الفرنسي واقفاً أمام جناح إيرباص. الآخرون يتفوقون علينا، ولذا يتعين علينا أن نغير ثقافتنا”.
وقال المسؤولون إن من المتوقع أن يعتمد ترمب وثيقة منفصلة، بخلاف مبادرة تصدير السلاح، لتخفيف قيود تصدير الطائرات الحربية بلا طيار، التي أصبحت تتصدر قوائم مشتريات السلاح لدى الحكومات الأجنبية.
وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية إن المبيعات العسكرية الأميركية في الخارج بلغت قيمتها الإجمالية 42 مليار دولار في العام الماضي. ويقول خبراء إن الصادرات من روسيا أكبر منافسي الولايات المتحدة تبلغ في العادة نصف الصادرات الأميركية.
وقالت رابطة صناعات الطيران والفضاء الأميركية، إنها مارست ضغوطاً على ترمب خلال حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2016، مشددة على ضرورة “دعم الصناعات التحويلية الأميركية” وتشجيع الحلفاء على تولي قدر أكبر من المسؤولية عن أمنهم.
رغم أن العديد من الرؤساء ساعد في الترويج لصناعة العتاد الدفاعي الأميركي فلم يعرف عن أحد منهم أنه فعل ذلك بلا خجل أو مواربة مثل ترمب، قطب صناعة العقارات السابق، الذي يبدو وهو يروج للبضائع الأميركية على سجيته أكثر من أي وقت آخر.
وتوضح بيانات البيت الأبيض، أن ترمب يناقش بانتظام تفاصيل صفقات السلاح مع قادة دول أخرى، سواء في اجتماعات مباشرة أو عبر الهاتف.
وخلال رحلة إلى اليابان، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حثَّ ترمب رئيس الوزراء شينزو آبي علانية على شراء المزيد من الأسلحة الأميركية.
وفي مناسبة أقرب خلال لقاء في المكتب البيضاوي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الشهر الماضي، رفع ترمب لافتات عليها صور لطائرات وسفن وطائرات هليكوبتر أميركية، وغيرها من العتاد الحربي الذي باعته الولايات المتحدة للسعودية.
وقال للصحفيين متباهياً والأمير يجلس مبتسماً بجواره “نحن نصنع أفضل منتج عسكري في العالم”.
وسبق أن شدد رؤساء آخرون منهم ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش على ضرورة تعزيز قاعدة الصناعات الدفاعية، لكن وليام هارتونج مدير مشروع السلاح والأمن في مركز السياسة الدولية، وهو مؤسسة أبحاث غير حزبية، قال إنهم كانوا يفعلون ذلك بقدر أكبر من البراعة والفطنة.
وأضاف “لم يفعل ذلك أحد بهذا الصخب السافر مثل ترمب. لم يحدث أن سعى أحد للترويج بأعلى صوته”.
وعمد الرئيس السابق باراك أوباما في بعض الأحيان للحديث مع قادة الدول الحليفة عن نظم السلاح التي يعتقد أنها تلائم احتياجاتهم الأمنية. لكن مساعديه قالوا إنه كان يفضل أن ينأى بنفسه عن الترويج لمبيعات السلاح.
وتتجاوز خطة إدارة ترمب لتعديل سياسة “نقل الأسلحة التقليدية” وهي الإطار التي يتم من خلاله تقييم مبيعات السلاح الخارجية كل ما قرره أوباما من تخفيف للقواعد في عام 2014، ومكن به شركات السلاح الأميركية من زيادة مبيعاتها في الخارج.
غير أن أوباما رسم خطاً واضحاً اشترط بمقتضاه لكل صفقة أن تفي بمعايير صارمة تتعلق بحقوق الإنسان، رغم أنه تعرض للانتقاد عدة مرات لسماحه ببعض صفقات السلاح التي اختلفت فيها الآراء.
وقد مضى ترمب قدماً في تنفيذ عدة صفقات عرقلها أوباما منها بيع ذخائر موجهة بدقة للسعودية بما قيمته 7 مليارات دولار، رغم مخاوف جماعات حقوق الإنسان من أنها تسهم في إزهاق أرواح مدنيين في الحملة التي تقودها المملكة في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.
تبين الكيفية التي وجدت بها صفقة بوينغ مع الكويت طريقها إلى جدول أعمال مكالمة ترمب مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في 17 يناير/ كانون الثاني، مدى الجدية التي تأخذ بها الإدارة الأميركية حملة تصدير السلاح.
فقد صدرت موافقة وزارة الخارجية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أي في الشهور الأخيرة من عهد إدارة أوباما، على شراء الكويت 40 طائرة مقاتلة هجومية سوبر هورنيت من طراز إف/ايه-18.
غير أن مسؤولين أميركيين ومصادر بالصناعة قالوا إن شواهد أشارت إلى أن الكويت تماطل في المفاوضات، ولم تستكمل إجراءات الصفقة بحلول موعد زيارة الأمير للبيت الأبيض، في سبتمبر/أيلول الماضي.
وقال ترمب للصحفيين في ذلك الوقت، إنه تدخل بناء على طلب من أمير الكويت وحصل على موافقة وزارة الخارجية على الصفقة، وهو قول زائف لأن موافقة الوزارة صدرت بالفعل قبل ذلك بما يقرب من العام.
وقال مسؤولان من المطلعين على التطورات، إن بوينغ وجَّهت بعد ذلك بشهور طلباً لتدخل رئاسي لدى الكويت إلى معاوني مجلس الأمن القومي، الذين أدرجوا المسألة ضمن “نقاط الحديث”، خلال المكالمة التي جرت وقائعها بين ترمب وأمير الكويت، في يناير/كانون الثاني.
وفي تلك المرة استطاع ترمب ترجيح الكفة. فبعد أيام فقط ذكرت وسائل إعلام رسمية كويتية أن الصفقة أبرمت.
ولم ترد الحكومة الكويتية على طلبات للتعليق. وامتنع متحدث باسم بوينغ عن التعقيب على الأمر.
.
م.عربي بوست
أصدرت هيئة الأرصاد الجوية التركية تقريرها الأخير حول حالة الطقس، التقرير شمل تحذيرات بهطول أمطار…
أُعلن عن نسبة إعادة التقييم في ضريبة السيارات (MTV) لعام 2025، حيث تم تحديد…
وصلت نسبة الإشغال في فنادق منطقة تشيشمة التابعة لمدينة إزمير، إحدى المراكز السياحية المهمة في…
مع بداية الأسبوع الأخير من عام 2024، تراجع مؤشر BIST 100 لبورصة إسطنبول إلى ما…
شهدت تركيا في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة في حالات الاحتيال التي تستخدم الرسائل القصيرة تحت…
حقق مطار صبيحة كوكجن في إسطنبول (ISG) يوم الأحد 29 ديسمبر 2024، رقمًا قياسيًا جديدًا…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.