الرئيس الأميركي سيُعلن اليوم: هل ينسحب من الاتفاق النووي أم يبقى؟

يعلن الرئيس دونالد ترمب، الثلاثاء 8 مايو/أيار 2018، ما إذا كانت بلاده ستُواصل الالتزامَ بالاتفاق النووي الإيراني أم ستنسحب منه، في قرار منتظر بشدة، ويرجّح أن تكون تداعياته بالغة الخطورة، إذا ما صدقت توقعات العديد من الدبلوماسيين وغالبية المحلّلين بأن الملياردير الجمهوري قرَّر تنفيذ أحد أبرز وعوده الانتخابية بـ”تمزيق” الاتفاق.

والإثنين كتب ترمب في تغريدة على تويتر “سأُعلن قراري بشأن الاتفاق الإيراني غداً من البيت الأبيض، في الساعة 14,00 (18,00 ت غ)”.
وما إن نَشَرَ الرئيس الأميركي تغريدَته حتى بدا واضحاً في أعين المحللين والدبلوماسيين في واشنطن والعواصم الغربية، أن القرار الذي سيُكشف النقاب عنه الثلاثاء سيكون الانسحابَ من الاتفاق التاريخي، المبرم في 2015 بين إيران والدول الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، حول البرنامج النووي لطهران.

وسبق أن ندَّد ترمب مراراً وبشدة بهذا الاتفاق “السيئ”، متوعداً بـ”تمزيقه”، لكن الدول الغربية الحليفة لواشنطن حاولت خلال الأسابيع الماضية ثنيه عن الانسحاب منه، وما إعلان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون خلال زيارة إلى واشنطن، الإثنين، بأن مطالب الرئيس الأميركي فيما يتصل بالاتفاق النووي الإيراني “مشروعة”، إلا محاولة أوروبية أخيرة لإقناعه بعدم إطلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق الذي رُفع بموجبه عن طهران القسم الأكبر من العقوبات الغربية والدولية، التي فرضت عليها بسبب برنامجها النووي.
ولكن الرئيس الأميركي سيُعلن الثلاثاء إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، إذا اعتبر أن الحلول التي تم التفاوض بشأنها مع الأوروبيين غير كافية لـ”تشديد” مضمون الاتفاق الذي أُبرم في عهد سلفه باراك أوباما، وكرَّسته الأمم المتحدة بقرارٍ أصدره مجلس الأمن الدولي.
وكان ترمب أمهل الأوروبيين حتى 12 مايو/أيار، للتوصل إلى نصٍّ جديد يُصحح “الثغرات الرهيبة” الواردة في الاتفاق مع طهران، تحت طائلة انسحاب بلاده منه.

 “قرار سلبي”

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “مقتنع بأننا نتَّجه نحو قرار سلبي”، مشيراً إلى أن باريس تستعد الآن “لخروج جزئي أو كامل”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زار واشنطن قبل أسبوعين في محاولة لإقناع نظيره الأميركي بعدم التخلي عن الاتفاق، مقترحاً في الوقت نفسه التفاوض مع إيران حول “اتفاق جديد”، يأخذ القلق الأميركي في الاعتبار. وأيَّدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هذا الموقفَ بعدها بأيام.
وبحسب روبرت اينهورن، الخبير في معهد بروكنغز للأبحاث، فإن الأوروبيين يتوقعون انسحابَ الولايات المتحدة من الاتفاق، على الرغم من أنهم “أحرزوا تقدماً كبيراً في التفاوض على اتفاق مع الولايات المتحدة”، يلبي مطالب رئيسها.
بدوره أشار روبرت مالي، الذي كان أحد المفاوضين مع إيران في عهد أوباما، أنه يتوقع أن يكون قرار ترمب “قتل” الاتفاق.
وقال لفرانس برس “يتعيّن الآن على الأوروبيين أن يجدوا طريقة تبقى فيها إيران في الاتفاق”، حتى وإن كان “هذا الأمر سيكون بالغَ الصعوبة”.
وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، أن الأوروبيين لن ينسحبوا من الاتفاق “أياً يكن القرار الأميركي”.

 “مطالب مشروعة”

والإثنين، أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، خلال زيارة إلى واشنطن، أن مطالب الرئيس الأميركي فيما يتصل بالاتفاق النووي مع إيران “مشروعة”.
وفي برلين، دعا لودريان خلالَ اجتماعٍ مع نظيره الألماني هايكو ماس، الولايات المتحدة إلى البقاء في الاتفاق، معتبرين أنه أفضل وسيلة “لتفادي حصول إيران على السلاح النووي”.
وفي واشنطن، قال وزير الخارجية البريطاني قُبيل لقائه نظيرَه الأميركي مايك بومبيو، ثم نائب الرئيس مايك بنس “من حقِّ الرئيس أن يرى ثغراتٍ في الاتفاق” وأن “يُنبِّه إلى هذا الأمر”، مشيراً إلى أن قلق ترمب “مشروع”، وقد “شكَّل تحدياً للعالم”، وذلك في مقابلة مع فوكس نيوز، الشبكة التلفزيونية الإخبارية المفضّلة لدى الرئيس الجمهوري.

لكن جونسون تدارك: “نعتقد أننا يمكن أن نكون أكثر تشدداً مع إيران، وأن نتعامل مع قلق الرئيس” من دون التخلي عن الاتفاق، لافتاً إلى أن “الخطة البديلة لا يبدو أنها تمت بلورتها حتى الآن”.
كذلك، اعتبر جونسون في مقال صَدَرَ في صحيفة نيويورك تايمز، أنه “في هذا الظرف الدقيق سيكون من الخطأ الابتعاد عن الاتفاق النووي، وإزالة القيود المفروضة على إيران”.
وقال الوزير البريطاني إن الاتفاق ينص على مراقبة أكبر للمنشآت النووية الإيرانية، و”يزيد من إمكان رصد أي محاولة لصنع سلاح”.
وكتب جونسون “الآن ومع هذه القيود الراهنة، لا أرى ميزة محتملة في إزالتها. وحدها إيران ستستفيد من التخلي عن هذه القيود على برنامجها النووي”، مشدداً على أن “الخط الأفضل هو تشديد هذه القيود، بدلاً من كسرها”.
من جهته قال وزير الخارجية الفرنسي في أثناء لقائه نظيرَه الألماني “نحن مصممون تماماً على إنقاذ هذا الاتفاق، لأنه يقينا من الانتشار النووي، ويشكِّل الوسيلة الجيدة لتفادي حصول إيران على السلاح النووي”.
وأكد الوزير الألماني أن الاتفاق “يجعل العالمَ أكثرَ أماناً، وبدونه سيكون أقلَّ أماناً”، مضيفاً “نخشى أن يؤدي الفشل إلى تصعيدٍ” في الشرق الأوسط.

 ماذا ستفعل إيران؟

وتبقى معرفة ما ستفعله إيران، في حال انسحاب واشنطن من الاتفاق.
ويتبنَّى عتاة المحافظين في إيران موقفاً بالغَ التشدد. وقال مستشار لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، الخميس الماضي، إن إيران ستنسحب من الاتفاق إذا نفَّذت واشنطن تهديدَها.
لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني أكَّد الإثنين، أن بلاده يمكن أن تبقى في الاتفاق النووي الإيراني، حتى إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه، بشرط أن يضمن الأطراف الآخرون تحقيقَ أهداف طهران.
وقال روحاني “إما أن تتحقق أهدافنا من الاتفاق النووي بضمان من الأطراف غير الأميركيين، وإما لا تكون الحال كذلك، ونتابع طريقنا”، بحسب ما أوردت الرئاسة الإيرانية على موقعها الإلكتروني.
وكان روحاني أعلن الأحد، أن واشنطن ستندم “ندماً تاريخياً” إذا انسحبت من الاتفاق كما يُهدد ترمب منذ أشهر.

 

 

 

.

م.عربي بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.