من المتوقع أن يصبح الزعيم الماليزي السابق، الدكتور مهاتير محمد، أكبر رئيس وزراء في العالم، بعد أن تغلَّب على نجيب عبدالرزاق، في انتخابات حامية الوطيس، وضعت حداً لحكم الائتلاف الحاكم الذي استمرَّ ستة عقود في السلطة.
قاد مهاتير (92 عاماً)، الذي كان رئيساً للوزراء بين عامي 1981 و2003 ائتلاف المعارضة، باكاتان هارابان، في أول فوز انتخابي له منذ الاستقلال الماليزي في 1957، حيث فاز بأغلبية برلمانية صريحة. وسوف يؤدي اليمين أمام الملك اليوم الخميس.
حسب تقرير صحيفة The Guardian، فقد سادت أجواء من البهجة في جميع أرجاء ماليزيا بعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات، التي اعتبرها الكثيرون مستحيلة الحدوث. وقال ديفيد ثايغا (57 عاماً) الذي انضم إلى آخرين في الشارع للاحتفال: “نحن سعداء للغاية، في مثل هذا اليوم نشعر بالفخر ببلدنا ماليزيا”.
وأضاف “لقد انتظرنا هذا منذ 60 عاماً، هذه معجزة بالنسبة لنا، ورغم أنني لم أكن من داعمي مهاتير، أعتقد أنه كان الوحيد الذي يمكنه تحقيق هذا النصر”.
لو أنني أستطيع القفز من الفرح
شهدت سوكوميرا سيخار، البالغة من العمر 84 عاماً، بداية الاستقلال الماليزي، وعاشت 60 عاماً من حكم تحالف الجبهة الوطنية، وقالت: “أنا سعيدة للغاية لأنني عشت لأرى هذا اليوم. أود لو أنني أستطيع القفز من الفرح، ولكن قلبي يقفز صعوداً وهبوطاً بكل تأكيد. أنا فخورة جداً بشعب ماليزيا، وخاصة الشباب والماليزيين الذين حققوا هذا الفوز”.
نجيب تلطخت سمعته بسبب فضيحة فساد
ويمثل فوز مهاتير نهاية فترة التسعة أعوام لنجيب، الذي وصل إلى السلطة في عام 2009، والذي تلطَّخت سمعته بسبب فضيحة الفساد المعروفة باسم 1MDB، والتي تم فيها اختلاس 2.6 مليار دولار من صندوق حكومي كان يشرف عليه، بما في ذلك 681 مليون دولار، يزعم أنها حُولت إلى حسابه المصرفي الشخصي.
بفوز مهاتير تكون هذه المرة الأولى التي يتم فيها انتخاب رئيس وزراء ماليزي، ليس من حزب الحركة الوطنية الماليزية المتحدة، وليس جزءاً من تحالف الجبهة الوطنية، الذي يشكل حزب الحركة الوطنية الماليزية المتحدة المكون الأساسي له.
يشير الفوز وفق The Guardian إلى أن مزاج التغيير قد استحوذ على البلاد، في أعقاب “تسونامي الملايو”، الذي صوَّت فيه العديد من الأقليات الملاوية لصالح المعارضة للمرة الأولى.
كانت نسبة إقبال الناخبين 76% -أقل مما كان عليه في انتخابات عام 2013- لكن المعارضة تفوَّقت في العديد من الولايات التي اعتبرت معاقل باريسان ناسونال مثل جوهور، ومالاكا، ونيجيري سيمبيلان، وسيلانغور، وبينانغ.
استقطبت الحملة أيضاً أصوات الشباب لأول مرة، مع إظهار الشباب دعمهم للمعارضة على الشبكات الاجتماعية.
كنا ننتظر هذا التغيير منذ زمن بعيد
قال نافين كومار (31 عاماً): “هذه دفقة نقية من الأدرينالين. لقد كنا ننتظر هذا التغيير منذ زمن بعيد. لقد ابتلينا بحكومة الجبهة الوطنية لفترة طويلة، والآن آن لنا أن نستريح”.
وقال شاليز كومار (28 عاماً): “كان للشباب دور كبير في هذا. اتصلت بجميع أصدقائي للتأكد من أنهم قد صوتوا”.
لم يتم الإعلان عن النتائج الرسمية، التي يعلن عنها عادة في الساعة 11 مساءً، حتى الساعة الثالثة فجراً، وزعم البعض أن نجيب حاول إيقاف الإعلان. كما أفادت الدوائر الانتخابية التي كانت تتجه نحو المعارضة، بأن انقطاع التيار الكهربائي قد أعاق فرز الأصوات.
في النهاية، لم يدلِ نجيب بتصريح علني، بعد أن أعلن مهاتير النصر في الساعات الأولى من صباح الخميس.
جعل اختيار مهاتير كزعيم للمعارضة هذه الانتخابات غير عادية، فقد كان عضواً في المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة عندما تولى السلطة لأول مرة في عام 1981، ولعب دوراً رئيساً في اختيار ربيبه نجيب ليكون رئيساً للوزراء في عام 2009.
توترت العلاقة بينهما عام 2015، بعد تورط نجيب في فضيحة 1MDB، وفي هذا العام أعلن مهاتير أنه لن يقوم فقط بتشكيل حزبه السياسي الخاص، بيرساتو، بل قام أيضاً بتغيير ولائه، وانضمَّ إلى الائتلاف المعارض.
لماذا جاءت النتائج عكس التوقعات؟
كان من المتوقع في البداية أن يفوز نجيب بسهولة، لكن مع انتشار الحملات الانتخابية، سيطرت المعارضة على الوضع، وذلك بإثارة قضايا مثل الفساد وارتفاع تكاليف المعيشة.
بعد إعلان الفوز صباح الخميس، سُئل مهاتير عمَّا إذا كان سيسعى لمحاكمة نجيب لدوره المزعوم في فضيحة 1MDB. فقال “نحن لا نسعى إلى الانتقام، بل نسعى لاستعادة حكم القانون”.
وكجزء من اتفاقه مع باكاتان هارابان، سيصبح مهاتير رئيساً للوزراء لمدة عامين فقط، ثم يتنازل عن السلطة لأنور إبراهيم. في الوقت الحالي، يقبع أنور -الذي حظي في يوم من الأيام بتأييد مهاتير- في السجن لفترة عقوبة ثانية بتهمة الشذوذ، وفق صحيفة The Guardian.
مهاتير سيفرج عن أنور
تصادم مهاتير وأنور علانية في عام 1999، وكان مهاتير مسؤولاً عن سجن أنور، لكنهما وَضَعا خلافاتهما جانباً، بسبب رغبتهما المشتركة في إسقاط نجيب.
الخطة الآن هي أن يُصدر مهاتير عفواً عن أنور، حتى يتمكن من تولي منصبه. قال مهاتير “سيُطلق سراحه في يونيو/حزيران. بمجرد أن يتم العفو عنه، يصبح مؤهلاً لتولي رئاسة الوزراء مرة أخرى”. كما أعلن مهاتير بعد فوزه أنه سوف يعين وان عزيزة، زوجة أنور، في منصب نائب رئيس الوزراء.
وحذَّرت الشرطة الناسَ من التجمع في الشوارع للاحتفال، في حالة حدوث أعمال الشغب. ومع ذلك، تجمَّعت مجموعة كبيرة خارج مقر باكاتان هارابان، في بيتالينغ جايا، للتعبير عن البهجة والتلويح بالأعلام.
بالنسبة إلى الدكتور موهان ماهاتيفا، الذي كان في الحشد “هذه ليلة الحرية الحقيقية لماليزيا. لقد حرَّرنا أنفسنا من الاستعمار، والآن حرَّرنا أنفسنا من الحكومة الفاسدة. على الأقل أعرف أن أبنائي سيعيشون في ماليزيا مستقلة حقاً”.
.
م.عربي بوست