يبذل الموظف التركي “قهرمان يلدز” (62 عاماً)، جهوداً حثيثة من أجل مواصلة تراث أجداده العثمانيين في تزيين الجوامع الكبيرة في أنحاء تركيا، عبر تعليق شبكات من المصابيح الزيتية بين المآذن، على شكل جُمل أو رموز، تُعرف بـ”المحيا” (Mahya).
و”المحيا”، عبارة عن زينة كانت تُعلق ما بين مآذن الجوامع العثمانية بشبكات من المصابيح الزيتية على شكل جملة أو رمز، خلال المناسبات الدينية الهامة في العالم الإسلامي، مثل “بسم الله”، و”ما شاء الله”، و”ليلة القدر” وكلمة “الفراق” نهاية شهر رمضان.
ومنذ حوالي 3 شهور، يعمل “يلدز” مع فريقه ضمن المديرية العامة للأوقاف التركية، على تزيين المساجد الكبيرة البارزة في الولايات التركية، استعداداً لاستقبال شهر رمضان الكريم.
مسجد السليمية التاريخي
قبل أيام، أنهى “يلدز” تركيب “محيا” جامع “السليمية” التاريخي بولاية أدرنة، والمدرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
ويعدّ جامع “السليمية” تحفة معمارية لمهندس العمارة العثماني سنان باشا، الذي أشرف على أعمال بنائه بين عامي 1569 و1575، وقد بلغ من العمر 80 عاماً، ليلخّص فيها خبرة السنين الماضية في فن العمارة وهندسة البناء.
ويضم فريق “يلدز” كلاً من: “عزيز طوصيالي” و”سليمان كوك” و”رمضان قزل قايا” و”ملك يوزطاش”، هؤلاء تمكنوا من تعليق الزينة بين مآذن جامع “السليمية” بدقة عالية للغاية.
ثقافة منتشرة.. ولا تزال
وقال “يلدز” في حديث للأناضول، إنه يعمل في هذه المهنة القديمة والهامة منذ حوالي 43 عاماً، لافتاً إلى أن ثقافة الـ”محيا” كانت منتشرة بشكل كبير فيما مضى، لا سيما خلال الأعياد والمناسبات الوطنية.
وأضاف: “في يومنا هذا، يتم تعليق المحيا خلال شهر رمضان فقط، وقد أشرفت حتى الوقت الراهن على تركيب حوالي 2000 محيا، وأواصل عملي في تركيا بشغف”.
وتابع: “المحيا هي زينة شهر رمضان، وسنراها هذا العام أيضاً في جوامع إسطنبول.. وبناء على قرار لرئاسة الشؤون الدينية ستكون أول محيا لجامع السليمية في أدرنة عبارة عن جملة (الصوم زكاة البدن)”.
وأشار “يلدز” إلى أن “المحيا” الثانية في جامع السليمية ستكون “كُل وأطعِم ولا تُسرِف”، وأنه تم تزيين 6 جوامع كبيرة في إسطنبول بـ”المحيا”، وسيتم تعليق واحدة أيضاً في مآذن جامع “أولو” بولاية بورصة.
فن عثماني
وأوضح أن “المحيا فنّ وتراث عثماني قديم يعود إلى 450 عاماً، حيث كانت الجوامع في تلك الحقبة تُزيّن بمصابيح زيتية، وكان جامع السلطان أحمد في إسطنبول مكان ولادة هذه الثقافة الجميلة”.
وذكر أن الناس كانوا يتنقلون بين الجوامع الكبيرة، لمشاهدة هذا الفن الذي ظهر كوسيلة مرئية وحيدة قبل التلفاز والصحف والسينما، وبعد تأسيس الجمهورية تم الانتقال إلى أنظمة الكهرباء بدلاً من المصابيح الزيتية.
ولفت إلى أن هذه الثقافة أوشكت على الاندثار، بسبب عدم وجود إقبال على تعلّمها ومواصلتها، وأن فريقه قد يكون الممثل الأخير لها.
.
وكالات