قال سجين سابق في السجون الصينية إنَّ حكومة بكين اعتقلت مسلمين بهدف إعادة تثقيفهم، وأجبرتهم على تناول لحم الخنزير وشرب الخمر.
وأوضح عُمير بكالي، وهو واحدٌ من بين حوالي مليون شخص اعتُقلوا في معسكرات إعادة تثقيف جماعية، أنه احتُجز دون محاكمة أو تمكينهم من توكيل محامٍ، وأُرغم على التبرؤ من معتقداته الدينية بينما كان يُشيد بالحزب الشيوعي الحاكم.
وحسب صحيفة بريطانية فإن برنامج الاحتجاز يهدف إلى إعادة تشكيل التفكير السياسي للمحتجزين، ومحو معتقداتهم الإسلامية وإعادة تشكيل كل تفصيلة في هويتهم.
تَوسعت المعسكرات بسرعة خلال العام الماضي، مع غياب أي إجراءات قضائية أو أوراق قانونية اللازمة. يُكافأ المعتقلون الذين ينتقدون الأشخاص والأشياء التي يحبونها نقداً قاسياً، ويُعاقب من يرفضون ذلك بالحبس الانفرادي والضرب والحرمان من الطعام.
ونقلت الصحيفة عن المواطن الكازاخستاني كالي، أنه فكر في الانتحار بعد 20 يوماً في المنشأة، والتي تبعتها سبعةُ أشهر في السجن. وعندما رفض بكالي اتّباع الأوامر كل يوم في المعسكر، أُجبر على الوقوف قبالة حائط مدة 5 ساعات في كل مرة. وبعد أسبوعٍ، أُرسل إلى الحبس الانفرادي، حيث حُرم من الطعام مدة 24 ساعة، حسب زعمه. وبعد 20 يوماً في المعسكر ذي الحراسة المشددة أراد قتل نفسه.
منذ الربيع الماضي، احتجزت السلطات في مقاطعة سنجان المسلمة في تلك المعسكرات عشرات أو مئات الآلاف من المسلمين الصينيين، بما في ذلك بعض الأجانب، والبعض يقدر الرقم بمليون أو أكثر.
وهو ما وصفته لجنة أميركية بأنَّه “أكبر احتجاز جماعي لأقلية من سكان العالم حالياً”، بينما وصفه مؤرخٌ بارزٌ بأنَّه “تطهير ثقافي”. وقد تواصلت صحيفة The Independent البريطانية مع وزارة الخارجية الصينية للحصول على تعليق على الأمر.
وقالت الوزارة، في ردٍّ على سؤال من وكالة Associated Press الأميركية بشأن تلك المعسكرات، إنَّها “لم تسمع” عن ذلك الوضع. وعندما سُئلت عن سبب احتجاز غير الصينيين قالت إنَّ الحكومة الصينية تحمي حقوق الأجانب في الصين، وإنَّه ينبغي عليهم أيضاً أن يلتزموا بالقانون. ولم يرد المسؤولون الصينيون في سنجان على طلبات للتعليق.
وتجنَّب المسؤولون الصينيون إلى حدٍّ كبيرٍ التعليق على المعسكرات، لكن وسائل إعلام حكومية نقلت عن بعضهم قولهم إنَّ هناك حاجة لتغييرات أيديولوجية لمحاربة الانفصالية والتطرف الإسلامي. وقتل متطرفون من المسلمين الأويغور مئات الأشخاص في السنوات الأخيرة، وتعتبر الصين المنطقة تهديداً للسلام في بلد غالبية سكانه من مجموعة هان الإثنية.
ويُعد برنامج الاعتقال أحد السمات المميزة لجهاز أمن الدولة الصيني الجريء تحت الحكم المتشدد والقومي للرئيس شى جين بينغ. وهو متجذر جزئياً في الاعتقاد الصيني القديم بالتغيير من خلال التثقيف، الذي استُخدم مرة واحدة من قبل لدرجة مرعبة خلال الحملات الإصلاحية الفكرية لماو تسي تونغ، الزعيم الصيني الذي يلهم شي جين بينغ أحياناً.
وقال جيمس ميلوارد، المؤرخ المتخصص في تاريخ الصين بجامعة جورج تاون: “التطهير الثقافي هو محاولة بكين للتوصل إلى حل نهائي لمشكلة سنجان”.
إلا أن بعض وسائل الإعلام والدوريات الحكومية تُظهر ثقة مسؤولي سنجان في الأساليب التي يقولون إنَّها تعمل بشكلٍ جيدٍ للحد من التطرف الديني. وحثّ تشانغ جون النائب العام للنيابة الشعبية العليا سلطات سنجان هذا الشهر على توسيع نطاق ما تسميه الحكومة حملة “التغيير من خلال التعليم”، في “جهدٍ شاملٍ” لمحاربة الانفصالية والتطرف.
وفي دراسة نشرتها مجلة حكومية، في يونيو/حزيران 2017، أفاد باحث من مدرسة الحزب الشيوعي في سنجان أن معظم المشاركين الذين شملهم استطلاع رأي وإجمالي عددهم 588، لم يعرفوا ما الخطأ الذي ارتكبوه ليُرسلوا إلى معسكرات إعادة التثقيف. لكن عندما أُفرج عنهم كان جميعهم تقريباً -98.8%- أيقنوا أخطاءهم وتعلموا منها، حسب الدراسة. وخلص الباحث إلى أن التغيير من خلال التثقيف “هو علاج دائم”.
وأحيط نظام الاعتقال الجديد بالسرية، ولم تتح بيانات للجمهور عن أعداد المخيمات أو المعتقلين. وقدرت وزارة الخارجية الأميركية عدد المعتقلين “بعشرات الآلاف على الأقل”. وقالت محطة تلفزيونية مقرها تركيا يديرها المنفيون من سنجان، إنَّ ما يقرب من 900 ألف شخص قد اعتقلوا، وذلك وفقاً لوثائق حكومية مسربة.
ويقدر أدريان زانز، الباحث بالمدرسة الأوروبية للثقافة واللاهوت، عدد المعتقلين ما بين مئات الآلاف والمليون شخص. وتشير مناقصات الحكومة وإعلانات التوظيف التي درسها زانز إلى أنَّ المعسكرات كلفت أكثر من 100 مليون دولار منذ عام 2016، ولا يزال البناء مستمراً.
برزت قضية بكالي لأنَّه كان مواطناً أجنبياً من كازاخستان، اعتقلته الأجهزة الأمنية الصينية، واحتُجز لمدة ثمانية أشهر في العام الماضي دون حق الرجوع. ومع أن بعض التفاصيل تعذَّر التحقق منها، أكد دبلوماسيان كازاخستانيان أنَّه احتُجز لمدة سبعة أشهر، ثم أُرسل إلى معسكر إعادة التثقيف.
وزَعم تقريرٌ لمنظمة هيومان رايتس ووتش، صدر مطلع الأسبوع الماضي، أنَّ المسؤولين الصينيين يفرضون أنفسهم الآن بشكلٍ منتظمٍ على عائلات سنجان، فيما يُسمى بـ”الإقامة المنزلية”. وخلال الزيارات، يُقال إنَّ المضيفين المُجبَرين يُرغَمون على إبلاغ السلطات عن حياتهم وآرائهم السياسية ويخضعون للتلقين.
وخلال لقائه بالصحيفة البريطانية انفجر بكالي باكياً، أثناء وصفه للمعسكر قائلاً: “الضغط النفسي هائل، عندما تضطر إلى انتقاد نفسك، وتستنكر تفكيرك وجماعتك، ما زلت أُفكر في الأمر كلَّ ليلة حتى تشرق الشمس. لا أستطيع النوم، الأفكار تراودني طوال الوقت”.
تقدم ذكريات بكالي، وهو رجل ضخم وهادئ يبلغ من العمر 42 عاماً، ما يبدو أنَّه أكثر القصص تفصيلاً حتى الآن للحياة داخل ما تُسمى بمعسكرات إعادة التثقيف. عزّزت مقابلات نادرة مع ثلاثة محتجزين سابقين آخرين ومسؤول تدريب سابق الصورةَ التي رسمها بكالي. وتحدَّث معظمهم شريطة عدم الكشف عن هويته لحماية أسرهم في الصين.
ولد بكالي بالصين عام 1976 لأبوين ينحدران من كازاخستان وأويغور، وانتقل إلى كازاخستان في عام 2006، وحصل على الجنسية بعد ذلك بثلاث سنوات. ولم يكن بالصين في عام 2016، عندما صعدت السلطات بشكل حاد “حرب الشعب على الإرهاب” لاقتلاع ما وصفته الحكومة بالتطرف الديني والنزعة الانفصالية في مقاطعة سنجان كبيرة المساحة، والتابعة للسيادة الصينية، وتقع على الحدود مع باكستانوالعديد من دول آسيا الوسطى، بما في ذلك كازاخستان.
لكن سنجان التي عاد إليها ما بات يعرفها. فقد أصبحت المراقبة الشاملة والمستندة على البيانات تتبع سكان المنطقة، البالغ عددهم حوالي 12 مليون مسلم، بما في ذلك العرقان الأويغوري والكازاخستاني. وصار تصفح موقع أجنبي على الإنترنت، أو تلقي مكالمات هاتفية من أقارب بالخارج، أو الصلاة بانتظام، أو إطلاق اللحية، كلها أمور قد تُلقي بشخصٍ ما إلى معسكرٍ للتلقين السياسي، أو السجن، أو كليهما.
لم يعرف بيكالي أياً من هذه الأمور عندما زار والديه، في 25 مارس/آذار من العام 2016. لقد مرَّ من خلال نقاط تفتيش تابعة للشرطة وأبرز بطاقة هويته الصينية التي مضى عليها عشر سنوات.
وفي اليوم التالي، حَضَر خمسة من رجال الشرطة المسلحين أمام منزل والدي بيكالي وأخذوه، وقالوا إنَّ هناك أمراً بالقبض عليه في كاراماي، وهي بلدة نفطية حدودية عاش فيها قبل عقد مضى. لم يستطع منذ ذلك الحين الاتصال بوالديه أو بمحام، وعلَّلت الشرطة ذلك بأن قضيته ذات طبيعة “خاصة”.
احتُجز بيكالي لمدة أسبوع في حبس انفرادي، ثم نُقل مسافة 800 كيلومتر وصولاً إلى مكتب الأمن العام بمقاطعة بايجيانتان في كاراماي. وهناك، قيدوه إلى “كرسي تعذيب”، مصمَّم لإحكام السيطرة على معصميه وكاحليه، وعُلِّق من معصميه قبالة جدار ذي قضبان، وهو مرتفع بما يكفي ليشعر بضغط شديد في كتفيه ما لم يقف على مشط قدميه العاريتين.
ثم استجوبوه بشأن عمله مع شركة سياحية تدعو الصينيين للحصول على تأشيرات سياحية من كازاخستان، وزعموا أنَّها طريقة لمساعدة المسلمين الصينيين على الفرار. وبحسب بكالي فقد صاح بهم قائلاً: “لم أرتكب أي جرائم”.
سألوه لعدة أيام عما يعرفه عن عشرين من أبرز النشطاء ورجال الأعمال الأويغوريين في كازاخستان. وبعد إنهاكه وإيلامه، انتزعوا منه ما يعرفه عن بعض الأسماء القليلة التي تَعرَّف عليها.
في منتصف يوليو/تموز، بعد ثلاثة أشهر من اعتقاله، استقبل بكالي زيارة من دبلوماسيين كازاخستانيين. وقد بدأ الاعتقال الجماعي الذي أقدمت عليه الصين لمن هم من الكازاخ- بل والمواطنين الكازاخستانيين- تتردد أصداؤه في البلد الواقع في آسيا الوسطى والبالغ عدد سكانها 18 مليون نسمة.
بعد أربعة أشهر من الزيارة، أُخرج بكالي من زنزانته وأُفرج عنه، لكنه لم يكن حراً بعد. فقد قال بكالي إنَّه أُخرج من السجن إلى مجمع مبان مُسيج في الضاحية الشمالية لكاراماي حيث يُحتجز أكثر من ألف معتقل لتلقي تلقين سياسي في ثلاثة مبان.
وأُقتيد بكالي عبر محطة مركزية تُشرف على كامل المجمع ومُنَّح بدلة رياضية. وقد راقب الحراس المدججون بالسلاح المجمع من الطابق الثاني. وقال إنَّه أودع زنزانة بها 40 معتقلاً، بما في ذلك مدرسون وأطباء وطلاب. وقد فُصل بين الرجال والنساء.
يستيقظ المحتجزون سوياً قبل الفجر، ويلقون النشيد الوطني الصيني، ويحيون العلم ويرفعونه في الساعة السابعة والنصف صباحاً. ثم يجري جمعهم في فصول كبيرة لتعلم “الأغاني الحمراء” مثل أغنية “Without the Communist Party, there is no New China” (أي دون الحزب الشيوعي لن تكون هناك دولة صينية جديدة)، ويدرسون لغة الصين وتاريخها.
وقيل لهم إنَّ رعاة الأغنام الذين هم من سكان سنجان الأصليون من آسيا الوسطى كانوا متخلفين ومقيدون بالعبودية قبل أن “يحررهم” الحزب الشيعوي في خمسينيات القرن الماضي. وقبل تناول وجبات مكونة من حساء الخضار والكعك، كان المحتجزون يُأمرون بأن يهتفوا: “شكراً للحزب! شكرا للوطن! شكرا للرئيس شي! ”
قال بكالي ومحتجزون سابقون آخرون إنَّ أسوأ أجزاء في برنامج التلقين كان التكرار الإجباري للدروس وانتقاد الذات. ومع أن الطلاب لم يستوعبوا كثيراً مما كان يُدرَّس لهم وكانوا يعتبرون المواد غير منطقية، فقد استوعبوها عن طريق التكرار في جلسات استمرت ساعتين أو أكثر.
كانوا يهتفون مراراً وتكرارً: “سنعارض التطرف، سنعارض الانفصالية، وسنعارض الإرهاب”. في كل يوم تقريباً، كانوا يلتقون مدربين زائرين من الشرطة المحلية والقضاء وفروع أخرى من الحكومة تحذر من مخاطر الانفصالية والتطرف.
خلال الجلسات التي كانت تستغرق أربع ساعات، كان المدربين يلقون دروساً حول مخاطر الإسلام ويمطرون المعتقلين بأسئلة كانوا ملزمين بإجابتها إجابة صحيحة وإلا تعرضوا للتذنيب لساعات طويلة بالقرب من جدار. وكان المدربين يسألونهم: “هل تطيعون القانون الصيني أم الشريعة الإسلامية؟” “هل تفهمون سبب خطورة الدين؟”
وقال بكالي إنَّه كان يُطلَّب منهم أن يقفوا واحداً تلو الآخر أمام 60 من زملائهم لتقديم نقدٍ ذاتي لتاريخهم الديني. كما كان البرنامج يشمل نقد الأقران لبعضهم البعض. وأضاف أنَّ كل من كان يردد ما أملته عليهم السلطات بدقة مميزة أو كان يهاجم زملائه بعنف كان يحوز نقاطاً أو يُنقل إلى محيط أكثر راحة في مبانٍ أخرى.
وسمع بكالي أحد زملائه يقول: “علمني أبي القرآن وتعلمته لأنني لم أكن أعرف أفضل من ذلك”. ويذكر بكالي أنَّه سمع زميلاً آخر يقول: “سافرت إلى خارج الصين ولم أكن أعلم أنَّه من الممكن أن أتعرض لأفكار المتشددين في الخارج. والآن أنا أعلم”.
وأخبرت امرأة من مسلمي الأويغور لوكالة Associated Press الأميركية أنّها اُحتجزَّت في مركز في مدينة هوتان عام 2016. وقالت إنَّها أُجبرت ومن معها من السجينات على الاعتذار بشكل متكرر عن ارتداء ملابس طويلة على الطراز الإسلامي، وعلى الصلاة وعلى تحفيظ أولادهن القرآن وعلى طلبهن من الأئمة أن يختاروا أسماءً لأولادهن.
وكانت الصلاة في المسجد في أي يوم غير الجمعة تُعَّد مؤشراً على التطرف؛ وكذلك حضور صلاة الجمعة في قرية مختلفة أو الاحتفاظ بآيات قرآنية أو تصاميم قرآنية على هواتفهم.
وكان يُطلب من المعترفين بمثل هذه السلوكيات أن يرددوا على مسمع من المدربين مراراً وتكراراً: “قمنا بأشياء غير قانونية، ولكننا نعرف أفضل الآن”.
وفي منتصف عام 2017، عُين مراسل سابق من الأويغور في تلفزيون سنجان يُدعى إيلدوست ليَدرَّس تاريخ الصين وثقافتها في معسكر لتلقين العقائد لأنَّه يتقن التحدث بلغة الماندراين. ولم يكن أمامه خيارٌ آخر. وقال إيلدوست إنَّ منظومة إعادة التثقيف صَنَفَّت نزلاء المركز إلى ثلاثة مستويات من الناحية الأمنية ومدة المحكوميات.
وعادةً ما كانت المجموعة الأولى تتكون من أقلية من المزارعين الأميين الذين لم يرتكبوا أي جرمٍ ظاهر سوى أنَّهم لا يتحدثون الصينية. أما الفئة الثانية فتألفت من الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم من منازلهم أو ممن وجد على هواتفهم الذكية محتوى ديني أو ما يُسمى بمواد “انفصالية”، مثل محاضرات المفكر الأويغوري إلهام توهتي.
أما المجموعة الأخيرة فشملت من درسوا الدين في الخارج وعادوا إلى البلاد أو رأت السلطات الصينية أنهم تابعون لعناصر أجنبية. وقال إيلدوست إنَّ المجموعتين الأخيرتين غالباً ما كان يُحكَّم على أفرادهما بالسجن لفترات تتراوح ما بني 10 إلى 15 عاماً.
وبينما كان إيلدوست يُدرَّس في المركز، رأى عبر النافذة 20 طالباً يُقتادون إلى الباحة، وفي انتظارهم صفان من الحرس الذين انهالوا عليهم ضرباً بمجرد خروجهم من سيارة الشرطة. وسمع بعد ذلك أن هؤلاء المحتجزين وصلوا حديثاً بعد أن أتموا دراستهم الدينية في الشرق الأوسط.
لم يكن العنف يُنتهج داخل المركز بشكل منتظم، غير أن كل نزلاء المركز الذين عقدت معهم مقابلات قالوا إنَّهم شهدوا على الأقل حالة واحدة من المعاملة الخشنة أو الضرب.
وقال إيلدوست إنَّ الهدف من التدريب كان إظهار مدى تخلف الثقافة الأويغورية ومدى قمع الإسلام المتشدد لأتباعه مقارنةً بالحزب الشيوعي التقدمي. وساعدت اعترافات المحتجزين بمدى رجعيتهم في الوفاء بالغرض الذي من أجله أنشئ المركز.
قال إيلدوست الذي فر من الصين في أغسطس/آب بعدما دفع رشوة: “كان يُطلب من نزلاء المركز تكرار اعترافاتهم لدرجة أنَّهم حين يخرجون في نهاية المطاف من السجن، تكون لديهم قناعة راسخة بأنهم يدينون للدولة بالكثير، وأنهم لن يقدروا أبداً على الوفاء بدين الحزب الشيوعي”.
وقال إيلدوست إنَّه حاول بطرق محدودة مساعدة النزلاء. وكانت مهمته تدريس نص Three Character Classic الذي يشيع تدريسه لطلاب المدارس الابتدائية في الصين؛ وليساعد طلابه على فهم النص، ومن بينهم عجائز أو مزارعون أميون وبالكاد يفقهون لغة الأويغور، كان يُعِد لهم وسائل استذكار تسهل عليهم الفهم. وكان ينصح الطلاب بالإقلاع عن عادتهم بقول “الحمد لله” باللغة العربية والأويغورية لأن غيره من المدربين كان يعاقبهم على ذلك.
وذكر أنَّه في كل مرةً كان يخلد فيها إلى النوم في غرفة بها 80 آخرين، كان آخر صوت يسمعه هو صوت البؤس. وقال: “كنت أسمع نحيب الناس كل ليلة. وكانت هذه أكثر التجارب التي خضتها في حياتي حزناً”.
وقال محتجز سابق آخر من طائفة الأويغور بمدينة هوتان جنوبي سنجان إنَّ المركز الذي كان فيه والذي بُني حديثاً كان به 90 شخصاً فقط في فصلين دراسيين عام 2015. وفي هذا المركز ادعى مدرب بعثت به الحكومة أنَّ نساء الأويغور في التاريخ لم يكن ترتدين ملابس داخلية وكن يصففن شعورهن في صورة ضفائر للدلالة على أنهن متاحات لممارسة الجنس، كما كانت لهن علاقات جنسية متعددة.
وقال المحتجز السابق: “شعرت بغضبٍ عارم من هذا الكلام. فالحديث بهذه الطريقة عن نساء الأويغور يخلف لديَّ شعوراً بالمهانة. لا أزال أذكر هذه القصة في كل مرة أفكر فيها في هذا، وأشعر كأن سكيناً غرس في صدري”.
وأرسل خيرت سامارقان، الصيني الكازخي المنحدر من الآستانة والذي اعتقل أثناء قضائه بعض المصالح في قسم للشرطة جنوبي سنجان في ديسمبر/كانون الأول، إلى معسكر احتجاز جنوب المقاطعة مع 5700 طالب.
وقال خيرت إنَّ من كانوا يعصون الأوامر أو يتأخرون على الدرس أو يتشاجرون مع الآخرين كانوا يجبرون على ارتداء لباس فضفاض مصنوع من الحديد لمدة 12 ساعةً، فضلاً عن تقييد حركتهم. ومن كانوا يصرون على العصيان كانوا يحتجزون على كرسي حديدي لمدة 24 ساعة، مضيفاً أنَّ المدربين كانوا يلجأون لنوع من العقاب يضعون بموجبه رأس النزيل في حوض استحمام مليء بالثلج والماء.
وبعد ثلاثة أشهر لم يكن خيرت قادراً على تلقي الدروس أكثر من ذلك، فضرب رأسه في حائط محاولاً قتل نفسه. غير أنَّه لم يمت وكل ما في الأمر أنَّه سقط مغشياً عليه. وقال: “حين استيقظت، هددني العاملون في المركز أنني إذا أقدمت على ذلك ثانية فستزيد عقوبتي إلى 7 سنوات”.
وفكر بكالي أيضاً في الانتحار بعد 20 يوماً. وبعد عدة أيام، وبسبب عناده ورفضه الحديث بلغة الماندراين، لم يعد يُسمح له بالنزول إلى الباحة. وبدلاً من ذلك، رفعت درجة العقوبة عليه، وكان يقضي 24 ساعة في غرفة واحدة مع ثمانية آخرين.
وبعد أسبوع خاض أول تجربة له في الحبس الانفرادي. وشهد دخول مسؤولٍ قضائي إلى المبنى في جولة تفتيشية وصرخ بصوت يصم الآذان. وجال في خاطره حينها أنه حتى مركز المعسكر السابق الذي كان فيه، مع كل ما رآه فيه من إساءة، ربما كان أفضل.
ظهر شرطي من بايجيانتان كان دائماً ما يحسن معاملته أثناء الاستجواب وانهي إجراءات خروجه من المركز. وقال له وهو يقتاده إلى منزل أخته في كاراماي: “كنت عنيداً للغاية؛ ولكن ما فَعَلته الشرطة كان ظلماً”.
صبيحة يوم الأحد 25 نوفمبر/تشرين الثاني، فتحت الشرطة مكتب الهجرة أمام بكالي ليختار تأشيرة فريدة مدتها 14 يوماً يمكث بها داخل الصين، بعد أن انتهت صلاحية تأشيرته منذ فترة طويلة. غادر بكالي الصين في 4 ديسمبر/كانون الأول.
لا مجال للحديث عن حصول بكالي على تعويض نظير ما لاقاه على يد الحكومة الصينية. غير أنَّه يحتفظ بملف بلاستيكي في منزله يحمل أدلة ربما تثبت فائدتها في يوم من الأيام: جواز سفره وعليه الأختام والتأشيرات، سجلات السفر، ووثيقة بخط اليد صادرة عن الحكوة الصينية مؤرخة ومختومة بأختام بالحبر الأحمر.
وتُعد هذه الوثيقة أقرب صور الإثبات الرسمي للمعاناة التي عايشها لثمانية أشهر. فالوثيقة تقول إنَّه احتجز للاشتباه في تهديده للأمن القومي؛ وآخر جملة فيها تفيد أنه أُفرج عنه دون توجيه أي تهمة إليه.
في البدء لم يكن بكالي يرغب في نشر شهادته خوفاً من احتجاز أمه وأخته وإرسالهما إلى مركز إعادة التثقيف. ولكن في العاشر من مارس/آذار، ألقت الشرطة الصينية القبض على أخته عديلة بكالي. وبعد أسبوع، أي في التاسع عشر من مارس/ آذار، اعتقلت الشرطة أمه أمينة صادق. وفي الرابع والعشرين من أبريل/نيسان اعتقل والده إبراهيم.
وعلى إثر ذلك غَيَّر بكالي رأيه، وقال إنَّه سيحكي قصته أياً ما تكن العواقب. وقال: “إذا كانت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد؛ فلم يعد لديَّ ما أخسره”.
.
المصدر:عربي بوست
حققت ولاية أنطاليا، عاصمة السياحة التركية المطلة على البحر المتوسط، نجاحًا ملحوظًا في استقطاب السياح،…
أعلنت وزارة الداخلية التركية عن إقالة رئيس بلدية أسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزار، المنتمي لحزب…
أعلن الجيش الأميركي عن وفاة جندي كان في حالة حرجة بعد إصابته خلال مهمة غير…
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الثلاثاء، على ضرورة مواصلة الجهود في العالم التركي…
انطلقت في إسطنبول أمس فعاليات "ملتقى الأعمال السعودي- التركي"، الذي ينظمه اتحاد الغرف السعودية بالتعاون…
في عملية لمكافحة الدعارة نظمتها الشرطة في كوتاهيا، استهدفت 12 موقعًا، من بينها 3 صالات…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.