كانت ليلة السادس عشر من مايو / أيار الجاري مختلفة بشكل كبير لـ “ياسين” عما قبلها، حيث قام لأول مرة في حياته ليلا لتناول السحور، تمهيدا لأداء فريضة الصوم للمرة الأولى.
الطالب الرواندي فوستينو تايسيلي، الذي يدرس في كلية الطب بجامعة يلدريم بيازيد بالعاصمة التركية أنقرة، يقول: “قبل 5 أيام من بدء شهر رمضان الفضيل قررت إشهار إسلامي، بعد مرحلة تفكير طويل دامت عدة سنوات”.
“تغير حالي وتغيرت أفكاري وروحانياتي وأصبح لي هدف في الحياة، وأعمل للتعرف على الدين الإسلامي عن قرب”، جمل بدأ يرددها المسلم الجديد “ياسين” بعد إشهار إسلامه.
وفي حديثه للأناضول أكد ياسين (21 عاما) أنه تأثر كثيرا بالمسلمين والأجواء الروحانية في تركيا، وبأصدقائه الأتراك وزملائه المسلمين من جنسيات مختلفة.
لافتا أنه عندما حصل على منحة تعليمية من تركيا، حذره أفراد أسرته وعدد من أقاربه من الذهاب إليها لـ “وجود إرهابيين” لكنه أصر على ذلك لمعرفته الحقيقة، وأنه رأى الاستقرار والهدوء والسكينة منذ أن وطأت قدماه أرض مطار إسطنبول الدولي.
وأوضح أن نحو 15 ـ 20 ٪ من سكان رواندا مسلمون، وأن فكرة إسلامه بدأت قبل عدة سنوات عندما انتقل إلى العيش مع عمه في العاصمة الرواندية كيغالي والتي يقطن فيها أغلبية مسلمة.
يضيف ياسين: “عندما انتقلت إلى العيش في كيغالي كنت أنا وعمي المسيحيين الوحيدين اللذين يعيشان في إحدى المساكن التي يقطن فيها مسلمون، وهناك بدأت أتعرف عن قرب على الإسلام من خلال مشاهداتي للفرائض والعادات الإسلامية لهم”.
وحول مجيئه إلى أنقرة قال الشاب الرواندي: “اسمي فوستينو تايسيلي، جئت إلى تركيا عبر منحة تقدمها رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى التابعة لرئاسة الوزراء”، لافتا أنه في السنة التمهيدية لدراسة اللغة التركية، قبل البدء العام المقبل في كلية الطب.
ياسين الذي اعتنق الإسلام في 11 مايو / أيار الجاري، أشار أن صديقه الرواندي المسلم رجب الذي درس في السعودية، ساعده كثيرا لنطق الشهادتين، وأنه يدين بالفضل أيضا للأستاذ بنيامين أوغوز مدير مركز تعليم اللغات في جامعة يلدريم بيازيد، حيث قدم له كتبا كثيرة عن الإسلام.
ونوه أن في ديانته السابقة (الكاثوليكية)، لا يشعر الناس بالقرب من الله، فـ “الصلاة لم تكن ضرورية، فقد يمضي على صلاة أحدنا أكثر من أسبوعين”.
واستدرك بالقول: “رغم أنني كنت مسيحيا لكنني كنت أؤمن بأن الله إله واحد، فمنذ ولادتي شعرت بقربي إلى الله، اعتقادي السابق لا يختلف كثيرا عن الإسلام، نعم كنت أؤمن بالتثليث لأن والديّ يؤمنان به، لكن الاعتقاد بأن الله إله واحد كان مترسخا في ذهني، ولكي أتقرب إليه أكثر اعتنقت الدين الإسلامي”.
وأضاف أنه عندما جاء إلى تركيا بدأ البحث عن معلومات أكثر عن الدين الإسلامي، وأن بعض الأصدقاء زودوه بكتب تحتوي على معلومات حول الإسلام، و”بعد أن تشربت منها اعتنقت الإسلام”.
وحول ردة فعل أسرته وزملائه بشأن اعتناقه الإسلام يقول ياسين: “عائلتي تعاملني على أنني شاب راشد، لذلك هم لا يعترضون على قراراتي، وأبدوا احترامهم لاعتناقي الإسلام”.
وأشار أنه الأخ الأكبر لـ 4 أشقاء (ولدين وبنتين)، متمنيا لوالديه وأشقائه اعتناق الإسلام، وأنه سيبذل الجهد من أجل تحقيق ذلك، وأنه سيخبرهم أن “الله هو الذي قدّر كل شيء في حياتي، وهو الذي أعطاني كل شيء، وأنا أشعر بالقرب منه”.
إلا أنه أكد أنه لن يجبرهم على اختيار دينهم وسيترك لهم القرار الأخير.
وأوضح أن أحد دبلوماسيي السفارة الرواندية (مسلم) بأنقرة فرح كثيرا عندما سمع بإشهار ياسين إسلامه، وهنأه ودعاه إلى تناول الطعام في بيته، إضافة إلى إدراك زملائه الروانديين غير المسلمين بأنه أصبح مسلما، وعدم انزعاجهم لذلك.
وحول الإسلام قال ياسين إنه يرى أنه دين المحبة والأخوة والتضامن، رغم أن “بعض المسلمين لا يتصرفون وفق تعاليم الإسلام، ويقومون ببعض الأمور المخالفة للشريعة الإسلامية”.
وأكد أن على الإنسان أن يعمل وفق ما يؤمن به من دين، قائلا: “أعتقد أن اعتناق دين بعينه ليس كافيا”.
“تردد الاسم في بلاده وكونه أحد أسماء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ووروده في القرآن”، كان الدافع الأكبر لاختيار الطالب الرواندي المسيحي تايسيلي لاسم ياسين بعد اعتناقه الإسلام، بحسب قوله.
وحول أول يوم يصومه في رمضان قال الطالب الرواندي: “كانت أول مرة أصوم فيها، كنت مريضا، وكنت أشعر بالعطش الشديد، ولكن بعون الله تعودت عليه وأصبح صومي اعتياديا بعدها”.
وأضاف أنه يتناول وجبتي السحور والإفطار مع زملائه في السكن الطلابي وإخوانه في الدين، ويشعر بالمحبة والدفء الأخوي خاصة في ساعات الإفطار.
وأوضح أنه بدأ يتعلم الحروف العربية من أجل أن يتمكن من قراءة القرآن الكريم، وذلك عبر كتب وفرها له أصدقاؤه، مؤكدا أنه دخل الإسلام عن قناعة كاملة، ولن يغير دينه لو قرر العيش في بلد غير إسلامي مستقبلا.
“أداء فريضة الحج والتعرف على المجتمعات الإسلامية من تطلعاتي وأسعى للذهاب إلى المملكة العربية السعودية”، يضيف ياسين.
وعن حياته المستقبلية قال إنه يسعى لإتمام دراسة الطب، ويضع صوب عينيه ترؤس إحدى الجمعيات الخيرية من أجل تقديم المساعدة لمواطني بلاده.
وأشار أنه يعمل الآن في التحضير لمشروع من أجل التنسيق مع السفارة الرواندية لدى أنقرة ووزارة الصحة في بلاده، لإنشاء منظمة صحية تركية رواندية.