«صاحبة العمامة»، هكذا توصف ديدرا عبود المحامية الأميركية التي تخوض حالياً السباق الانتخابي للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا.
ومع أنَّها لم تترشح لأي منصب عام من قبل، فإنها ما لبثت أن أصبحت تتصدر العناوين الرئيسية بوسائل الإعلام الأميركية كافةً.
ويرجع ذلك جزئياً إلى تعرُّضها لانتقادات لاذعة عبر شبكة الإنترنت، بسبب حقيقة أنها مسلمة، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
لأنَّ ديدرا عبود ترتدي الحجاب، فقد كان من بين الإهانات التي تعرَّضت لها نعتها بـ»صاحبة العمامة»، والإشارة إلى أنَّه لا يجب السماح للمسلمين بشغل أي مناصب حكومية في الولايات المتحدة.
ولكن ديدرا عبود تقول لصحيفة The Guardian البريطانية إنها ترى «جانباً مشرقاً» في كون الناس قد بدأوا يلاحظونها أخيراً، لكنَّها في الوقت ذاته تشعر بخيبة أمل لطالما ألفتها.
مع أنَّها من مدينة ليتل روك، عاصمة ولاية أركنساس الأميركية، وهو ما يظهر جلياً في لكنتها الجنوبية ذات الصوت الأنفي المميز، اضطرت إلى أن ترضى بكونها «المرشحة المسلمة».
وتعقيباً على ذلك، قالت ديدرا عبود: «أنا أرتدي الحجاب، ولا أحاول إخفاء ذلك؛ بل هو أمر أريد مواجهته. وأعتقد أنَّ هويتي لا تُختزل في حجابي إلَّا في بعض الأحيان».
وتُعَد ديدرا عبود واحدةً من مجموعة مرشحين مسلمين يخوضون غمار السباق الانتخابي في الحكومة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويتمثل دافع الكثيرين منهم لاتخاذ تلك الخطوة في لهجة خطاب الرئيس الأميركي وسياساته المعادية للمسلمين.
في هذا الصدد، قالت فيروز سعد (34 عاماً)، وهي امرأة مسلمة من ولاية ميشيغان الأميركية، في حال انتخابها: «إننا نسعى إلى تغيير حال القيادة والسلطة في هذه البلاد».
هناك ما يقرب من مائة مسلم مرشحين في عدة مناصب على مستوى الولايات والاتحاد الفيدرالي بأكمله، جميعهم تقريباً ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، وقليلٌ منهم فقط هم الذين شغلوا مناصب حكومية فيما مضى.
وأجرت صحيفة The Guardian البريطانية لقاءاتٍ مع عدة أشخاصٍ منهم، ذكروا فيها أنَّهم لا يريدون التركيز على عقيدتهم أكثر من أي شيء آخر، بل يريدون تناول القضايا المطروحة للنقاش، مثلهم في ذلك مثل خصومهم.
في هذا الصدد، قال عبدالرحمن السيد، وهو وافد آخر على الساحة السياسية الأميركية يخوض السباق للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب حاكم ولاية ميشيغان: «لا يهمني إطلاقاً أن أكون أول مسلم يحرز أي منصب، فأنا أعي تماماً أن دستور بلادي لا يبالي بمعتقداتي، أو ما إذا كنت أعتنق أي معتقدات من الأساس، بل بكوني أحترم المُثُل التي يعبر عنها الدستور».
كان عبدالرحمن السيد قد تناول قضية عدم المساواة في توزيع الدخل بإسهاب، وجعل من بين أولوياته توصيل المياه العذبة إلى ولاية ميشيغان، التي ما زالت تعاني الآثار المترتبة على إخفاقات الحكومة التي تسبَّبت بحدوث أزمة تلوث مياه الشرب في مدينة فلينت بالولاية نفسها.
أمَّا فيروز سعد التي تفضِّل وصف نفسها بأنها «ذات تفكير تقدمي ولا تجد عيباً في ذلك»، فقد شدَّدت على أهمية الحاجة إلى توفير «الرعاية الطبية للجميع»، وزيادة الحد الأدنى للأجور. في حين أبدت ديدرا عبود تأييدها مبدأ «حيادية الإنترنت»، وعبَّرت عن دعمها الرعاية الصحية الشاملة والتعليم العام ميسور التكلفة.
وتعقيباً على ذلك، قالت فيروز سعد: «نحن أميركيون، ولا خلاف على ذلك، وتهمنا مصلحة هذه البلاد. الأمر يتجاوز مجرد كوننا مسلمين نهتم بقضايا المسلمين إلى حماية كل ما هو أميركي، وتحقيق التنوع بين المسؤولين المنتخبين».
ديدرا عبود تفضِّل وصف نفسها بأنها “ذات تفكير تقدمي ولا تجد عيباً في ذلك
بيد أنَّ صعود ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة هو حقيقة واقعة لا مفر منها، حتى وإن كان المسلمون في الولايات المتحدة قد صوَّتوا بأغلبية ساحقة لصالح هيلاري كلينتون.
وآنذاك كانت قلة قليلة من الأميركيين هي مَن كانت تعتقد أنَّ المرشح الذي تعهَّد بحظر أتباع ديانة كاملة من دخول الولايات المتحدة هو من سيفوز بالانتخابات الرئاسية.
وإلى جانب أن مسلمي الولايات المتحدة لم ينسوا للرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترحه غير الجدي بتسجيل المسلمين في الولايات المتحدة، فإنهم لم ينسوا أيضاً تصريحاته التي كان من بينها تصريحه الشهير بأنَّ «الإسلام يكرهنا!».
ومن مقر الرئاسة الأميركية في البيت الأبيض، بدأ ترمب شجاراً لفظياً مع عمدة لندن المسلم، وأعاد نشر مقاطع فيديو تروج لمعاداة الإسلام عبر حسابه على موقع تويتر، كانت قد نشرتها في الأساس مجموعة من المتطرفين اليمينيين في بريطانيا، تُعرف باسم «بريطانيا أولاً». لكنَّ أكبر ضربة حقيقية تعرَّض لها المجتمع الإسلامي في الولايات المتحدة جاءت من المحكمة العليا في الأسبوع الجاري.
وقد أصدرت المحكمة العليا واحداً من أكثر القرارات المرتقبة من هيئة المحكمة منذ تولي الرئيس ترمب السلطة، ألا وهو قرارها المؤيد لحظر السفر المفروض على عدد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ومع أنَّ إدارة الرئيس الأميركي قد زعمت أنَّ هذه السياسة غير مدفوعة بأي عداء تجاه ديانة أو جنسية بعينها، فإنَّ جماعات الحقوق المدنية قد أدانت تلك السياسة باعتبارها محاولةً واضحة من جانب الرئيس الأميركي، للوفاء بوعوده بوقف هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة.
وتعقيباً على ذلك، قالت فيروز سعد: «لو كان دونالد ترمب هو الرئيس حين هاجر والداي إلى هنا، لكان هناك احتمالٌ كبير للغاية أن تأخد حياتي منحى مختلفاً تماماً. وبصراحة، حين فاز دونالد ترمب بالانتخابات، شعرت لأول مرة في حياتي بأن الحلم الأميركي مُعرَّض للتهديد».
وتظلّ الصورة العامة للمسلمين في الولايات المتحدة سلبية بوضوح، فقد وجد استطلاع للرأي أجري في الآونة الأخيرة، أن الشعب الأميركي يعتقد أن 51% فقط من المسلمين الأميركيين يحترمون مُثُل البلاد وقوانينها، في حين فضَّل واحدٌ من بين كل خمسة أميركيين حرمان المسلمين الأميركيين من حقهم في التصويت. ليس هذا فحسب، بل خلصت الدراسة أيضاً إلى وجود انقسام حاد في الرأي بين مؤيدي الحزبين الرئيسيين في البلاد، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي؛ إذ كانت للغالبية الساحقة من الجمهوريين آراءٌ سلبية بشأن الإسلام والمسلمين.
تقول ديدرا عبود، إنَّها تعرَّضت للتشكيك في ولائها للعلم الأميركي، وفيما إذا كانت تعتبر نفسها «أميركية أَم مسلمة في المقام الأول»، وأيضاً فيما إذا كانت تؤمن بحقوق المثليين.
ورداً على ذلك، قالت ديدرا عبود: «ينتشر اعتقادٌ بأنَّ الإسلام ليس متوافقاً مع الدستور. ولكن حتى لو لم يكن كذلك، أين المشكلة؟ أريد الفصل بين العقيدة والدولة، وأنا أدافع عن موقفي تجاه هذه القضايا بكل قوة وصراحة وعلانية».
ووفقاً للتقديرات الأخيرة، فإن عدد المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة يبلغ 3.3 مليون مسلم على أقل تقدير، بينما يبلغ عددهم في جميع أنحاء العالم أكثر من 1.5 مليار مسلم. وجدير بالذكر أنَّ معظم المرشحين الحاليين لعضوية الكونغرس الأميركي من أبناء مهاجرين مولودين في الولايات المتحدة الأميركية.
مِن جانبه، قال عبدالرحمن السيد، في إشارةٍ إلى طبيعة عقيدته وأصوله: «عادةً ما أتعمَّد ذكر ذلك قبل الخوض في أي حديث آخر؛ لأنني إن لم أتعامل مع الأمر، سوف يتحول إلى موضوع واضحٍ أتحاشى الحديث عنه. أما حين أتعمد ذكره، فيصبح بإمكاني تنحيته جانباً، والحديث عن القضايا المطروحة للنقاش».
وأشار عبدالرحمن السيد إلى أنَّ استغراب الناخبين له سرعان ما يتبدَّد حين يدركون أنَّ أولوياته هي ذاتها أولويات المواطن الأميركي العادي.
واختتم عبدالرحمن السيد حديثه بقوله: «أبذل قصارى جهدي لكي أكون أفضل حاكم لولايتي. لكنني أُصرُّ على أنني مُسلمٌ كذلك».
.
م.عربي بوست
نجحت السلطات التركية، ممثلة بجهاز المخابرات الوطنية (MİT) ومديرية الأمن، في تنفيذ عملية سرية…
حذّر أخصائي جراحة الفم والأسنان والوجه، البروفيسور بيركان طه أوزكان، من خطورة الاستخدام غير الواعي…
يُعتبر الموز خيارًا شائعًا وسريعًا لدى الكثيرين كوجبة خفيفة أو إفطار، إلا أن الدكتور داريل…
توفيت طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات في أنقرة بعد ادعاء سقوطها من السرير، في…
في تصريحات هامة حول الوضع في الشرق الأوسط، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، على…
أعلن رئيس منصة تجار التبغ في تركيا، أوزغور أيباش، عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن زيادة…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.