على مدار الساعة، تعمل آلات متجر “محمد أفندي” في تحضير البن المعروف بالقهوة التركية، منذ العام 1932 استكمالا لمسيرة بدأها الجد محمد أفندي، الذي حول تحميص البن وطحنه إلى فعالية تجارية غزت العالم.
وأثناء عمل الآلات، لا تنقطع الطوابير التي تصطف من أجل شراء كميات من البن المطحون بشكل طازج، في السوق المصري بمنطقة “أمينونو”، أحد أسواق إسطنبول المركزية والسياحية، وتضم الأتراك والأجانب.
القصة بدأت في العام 1871، عندما عمل محمد أفندي على تحميص البن وطحنه، إذ كانت قد جرت العادة منذ قرون في تركيا، على تحميص البن وطحنه منزليا، فبات بذلك أول من حول صناعة القهوة التركية إلى تجارة محلية بداية، وعالمية لاحقا.
وتاريخ البن التركي يعود إلى السلطان العثماني سليمان القانوني (عاشر السلاطين العثمانيين) ، الذي وصله من واليه على اليمن أوزدمير باشا، وخلال السنوات والقرون اللاحقة انتقلت القهوة التركية لدول أخرى، وبقيت في تركيا تحمّص وتطحن في البيوت، لحين ظهور محمد أفندي، الذي استحق لاحقا بجدارة لقب سفير القهوة التركية إلى العالم.
وبعد وفاة محمد أفندي، قاد أولاده الدفة وتم بناء المتجر الحالي وتجهيزه بأحدث الآلات آنذاك، من خلال تجهيز المتجر بثلاث آلات ألمانية لا زالت تعمل حتى الآن، وكذلك ديكور وتجهيزات المتجر لا تزال تحافظ على أصالتها، ووضع الشعار الخاص منذ ذلك التاريخ.
وفي المتجر المكون من طابقين وطابق تحت الأرض، تهبط القهوة المحمصة إلى الآلات المتواجدة في الطابق الأرضي من الطابق الأول، عبر اسطوانات توزع البن بشكل متساو ومستمر على الآلات، التي بدورها تطحن البن لتهبط القهوة التركية المطحونة للطابق السفلي، حيث يتم وضعها في مستوعبات مناسبة من قبل العمال، وجلبها لطاولة البيع.
وعقب ذلك تزداد الحركة من قبل العمال، وتزداد حركتهم، لتغليف البن عبر عدة أحجام وأوزان حسب رغبة الزبائن، قبل طرحها على البيع من منافذها، في حركة مستمرة على مدار الساعة.
ويتميز المتجر بالتغليف الورقي الخاص الذي يحافظ على نكهة البن المميزة، في حين توضع القهوة المصدرة في عبوات خاصة للتصدير.
واعتاد المتجر في المتوسط على بيع نحو 3 أطنان من البن يوميا، وتتبدل الكمية بحسب فصول السنة، في وقت تأتي فيه القهوة المحمصة من مصانع خاصة، ويستورد البن من البرازيل.
كمال الدين أوجاي، مدير متجر القهوة الرئيسي، والذي يعمل فيه منذ 38 عاما، قال إنه “منذ العام 1871 تنتج القهوة التركية المعتادة الجافة، وتدار حاليا من قبل أبناء الجيل الثالث والرابع للمؤسس محمد أفندي”.
وأضاف”من النادر أن يغادر الزائرون لمنطقة امينونو من كل تركيا، إضافة للقادمين من خارج البلاد، دون شراء قهوة محمد أفندي، ويتم تصدير القهوة إلى 44 دولة في العالم، ومنها تنتقل لكل أنحاء العالم”.
وعن ميزة القهوة التركية، أوضح أن “ميزاته عند تحضيره وصبه في الفنجان، وتتراكم ترسبات القهوة في القاع بشكل متماسك فلا يتناولها الشارب”.
وأضاف أن القهوة التركية مريحة للمعدة، ولا تسبب الانتفاخ، مما يجعل الشاربين يفضلون تناولها بعد الطعام.
وأضاف “المتجر افتتح في العام 1932، ولم يتم تغيير أي ميزة فيه منذ ذلك العام، محافظا على خصائصه كما هو، وكل من يأتي لأمينونو يشتري، وتصبح طوابير طويلة من قبل الزائرين برغبتهم الشخصية، من أجل شم رائحة القهوة، وهم سعداء بذلك لأن رائحة القهوة التركية لا يمكن استبدالها برائحة أخرى”.
وختم متحدثا عن الكميات التي تباع في المتجر بالقول “القهوة المباعة في الصيف تكون قليلة نسبيا، وتبلغ نحو 3 أطنان يوميا، وفي الشتاء يصل إلى 4.5 طن يوميا، وفي الفترة الأخيرة الضيوف العرب يحبون القهوة ويشترون كميات كبيرة منها، منهم من يشتري نحو 4-5 كيلوغرامات، ويأخذونها معهم إلى بلادهم”.
الاناضول