نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن رفض المحكمة التركية الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون، علما وأن المهلة التي حددتها الولايات المتحدة لإطلاق سراحه انتهت في 15 آب/ أغسطس.
وقالت الصحيفة٬ إن واشنطن توعدت بفرض عقوبات جديدة على أنقرة في حال لم يتم إطلاق سراح القس الأمريكي.
وأضافت الصحيفة أن “واشنطن تعتقد أن اعتقال القس الأمريكي بمثابة خطوة انتقامية اتخذتها السلطات التركية كرد فعل على رفض الجانب الأمريكي تسليم فتح الله غولن، المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في تموز/ يوليو سنة 2016”.
وأكدت أن “رفض مطالب الإفراج عن القس الأمريكي، يشير إلى أن أردوغان لا نية له في الاستسلام للعقوبات والتهديدات الأخيرة”.
ونقلت الصحيفة عن كبير مستشاري مركز “جلف ستات أنالايتكس” في واشنطن، تيودور كاراسيك، قوله إن “الرئيس التركي سيقاوم الضغوط الأمريكية بكل ما أوتي من قوة، وذلك حفظا لماء الوجه”، بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الخبير أن المواجهة عن طريق التهديدات وإصدار البيانات ستتفاقم في الفترة المقبلة.
وبينت الصحيفة أن “البلدين يمارسان المزيد من الضغط على بعضهما البعض، حيث قامت واشنطن بفرض رسوم إضافية على الألومنيوم والصلب التركي، وسارت أنقرة على المنوال ذاته، وفرضت رسوما إضافية على صادرات أمريكية، تشمل السيارات والتبغ.
ووجه أردوغان تعليمات بتجميد أموال وزيري الداخلية والعدل الأمريكيين في تركيا، وجاءت هذه الخطوة ردا على العقوبات التي فرضها الجانب الأمريكي في مطلع آب/ أغسطس ضد وزراء أتراك.
وأفادت الصحيفة أن الرئيس التركي كان قد اعتذر للجانب الروسي عن حادثة سقوط طائرة سو-24 الروسية سنة 2015، من طرف القوات التركية بعد مرور أشهر على الحادثة، وجاء ذلك تفاديا للتعقيدات الخطيرة المنجرة عن الانخفاض الحاد في عائدات السياحة المتأتية من السوق الروسية، من هذا المنطلق، دعا جزء من مجتمع الأعمال التركي المتضرر من العقوبات الأمريكية، الطرفين إلى تقديم تنازلات.
وأوردت الصحيفة أن مجلس الأعمال التركي الأمريكي يحث كلا من أنقرة وواشنطن على فتح باب المفاوضات والنقاشات بشأن القضايا العالقة.
وفي هذا الصدد، قال أعضاء المجلس: “نحن نعتقد أنه بالإمكان حل جميع المشاكل الراهنة، عن طريق اتباع نهج دبلوماسي يقوم على الاحترام المتبادل لحقوق ومصالح الجانبيْن، وقدرة الرؤساء على تقديم المساعدة لتخطي الوضع”.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي ونظيره التركي تجنبا إلى غاية هذه اللحظة التهجم على بعضهما البعض، مع ذلك، أشار الرئيس التركي إلى أنه يتمتع بسلطة واسعة تخول له اتخاذ جملة من القرارات، خلافا للرئيس الأمريكي.
على صعيد آخر، يرى أحد المراقبين العاملين “بإذاعة صوت ألمانيا”، أن الصراع بين أنقرة وواشنطن سيزداد حدة، على عكس ما يتطلبه الوضع، لا سيما أن الجانبين عضوان في حلف شمال الأطلسي ويتعين عليهما التحالف.
وأضاف المراقب الألماني أنه “في حال لم يتم التوصل إلى حل بشأن قضية برونسون، فستزداد العلاقات بين الجانبين تعقيدا، وسيتوتر المناخ السياسي التركي، وهو ما سيتطلب الإفراج عن القس الأمريكي، في الحقيقة، كلما أسرعت تركيا في اتخاذ هذه الخطوة، كان ذلك أفضل للطرفين، وخاصة أنقرة”.
وأفادت الصحيفة أن انسحاب قاعدة إنجرليك العسكرية من الأراضي التركية تعد بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، وذلك بحسب ما يعتقده مدير مركز دراسة تركيا المعاصرة، يوري مافاشيف، والجدير بالذكر أن لهذه القاعدة الواقعة على الأراضي التركية منذ الحرب الباردة أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تضم حوالي 1500 جندي وضابط أمريكي من بين 2500 جندي ومواطن أمريكي داخل تركيا.
وذكرت الصحيفة أنه في أوائل آب/ أغسطس الجاري، أرسل مجموعة من المحامين الأتراك دعاوى إلى محاكم البلاد مطالبين بالقبض على عدد من العسكريين الأمريكيين، متهمين إياهم بالتورط في محاولة الانقلاب العسكري التي عاشتها تركيا سنة 2016، وتجدر الإشارة إلى أن السلطات التركية حاولت إغلاق القاعدة الأمريكية خلال سنة 1975، عندما فرضت الولايات المتحدة حظرا على توريد السلاح لتركيا على خلفية مسألة غزو قبرص.
وأكدت الصحيفة أنه في إطار مواجهة الضغوط الأمريكية، أظهر أردوغان اهتماما متزايدا بالتواصل مع الشركاء الأوروبيين، بما في ذلك المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على الرغم من الخلافات بينهما، متوقعة أن “يزور أردوغان ألمانيا في أيلول/ سبتمبر المقبل، لإثبات نفسه كزعيم سياسي قادر على تحمل ضغوط الولايات المتحدة”.