نشر موقع “نيو إيسترن أوت لوك” تقريرا للمحلل السياسي، سلمان رافي شيخ، قال فيه إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كانت لديه خطة محسوبة بدقة، عندما قرر مواجهة الولايات المتحدة وتحديها بسبب إجراءاتها الأحادية وحربها الاقتصادية علىتركيا، ووعد بأنها ستندم على ما فعلته.
ووفقا لرافي الشيخ فإن أول ملامح هذه الخطة هو الدخول في شراكة مع الصين والمشاركة في طريق الحرير الجديد، واستخدم هذه الشراكة في انضمام تركيا في المستقبل لتجمع بريكس (BRICS) وإلى منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في مرحلة لاحقة.
لكنه استدرك أن تركيا لا تستطيع السير في مسار قد يؤدي إلى الاندماج مع الشرق والتخلي بشكل كلي أو جزئي عن الغرب، لأن الغرب ما يزال أكبر سوق تصدير للمنتجات التركية، علاوة على أن بعض الدول الأوروبية الكبرى، مثل هولندا وألمانيا، ليس لديها نية للانضمام للسياسة الأمريكية الأحادية ضد تركيا، وقد بدأت هذه الدول في تطبيع علاقاتها مع تركيا، بإعادة النشاط الاقتصادي الثنائي إلى مستويات ما قبل التوتر.
وأضاف أنه بالنظر إلى أن تركيا تلعب على جانبي الطيف الجيوسياسي “الشرقي والغربي”، يبدو أن خطتها لمواجهة ترامب تنطوي على إعادة تقييم دقيق للموقف التركي في المنطقة، على ألا تفقد في الوقت نفسه خياراتها المستقلة في السياسة الخارجية.
وتابع أن هذا المسار التركي يتزامن على نحو جيد مع النظام العالمي الذي أصبح متعدد الأقطاب، وهو الاتجاه الذي يوفر لدول مثل تركيا فرصة قابلة للتطبيق. لذلك ومع تزايد الانقسام بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وداخل حلف الناتو والفرص المتاحة من العالم غير الغربي الذي يطرق باب تركيا، لا يمكن إلا أن نتوقع من تركيا أن تسعى إلى الحصول على أي فائدة ممكنة.
ولفت المحلل السياسي إلى أن زيارة أمير قطر إلى تركيا قبل بضعة أيام ألقت الضوء على الكيفية التي تعتزم بها تركيا استغلال جميع خيارات سياستها الخارجية وتطويرها، كما ألقت الضوء على ميل قطر نحو تركيا في أعقاب الخلاف السعودي – القطري.
وأضاف أن الاستثمارات القطرية التي أعلن عنها خلال الزيارة، وتصل إلى 15 مليار دولار سيكون لها تأثير كبير في الاقتصاد التركي، حيث إن هذه الاستثمارات ستوجه مباشرة إلى البنوك التركية والأسواق المالية، لتجاوز أثر التعريفات الجمركية الأمريكية.
وأردف أن التعاون العسكري المستمر بين الدوحة وأنقرة والتدريبات العسكرية المشتركة القادمة بالإضافة إلى الاستثمار القطري في تركيا لا يعكس فقط موقف تركيا القوي تجاه الولايات المتحدة من حيث تحييد تأثير الرسوم الجمركية والعقوبات، بل يعكس أيضًا التأثير التركي في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو أمر تعارضه السعودية والإمارات بشدة.
ورأى أن الاستثمارات القادمة من قطر، والاستثمارات الصينية التي يرجح أن تقفز خلال الفترة الحالية، وميل دول الاتحاد الأوروبي إلى تحسين علاقاتها مع تركيا، يظهر أن تركيا تسير على الطريق الصحيح لتجنب الذهاب إلى صندوق النقد الدولي.
ولفت إلى أن إدارة ترامب تريد أن يطلب أردوغان حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي. وإذا أقدم أردوغان على ذلك، فإن الولايات المتحدة ستكون في وضع يسمح لها بالتضييق على السياسة التركية في المنطقة ولا سيما بالنسبة لسوريا وروسيا إلى جانب الصين.
ويذكر الكاتب أن بحث تركيا عن أصدقاء وحلفاء في أماكن أخرى في محيطها وما وراءه، يشير إلى أن أردوغان لا يرغب في الاستسلام للولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، بل يريد الاحتفاظ بموقف تركيا المستقل عن طريق تنويع خيارات سياسته الخارجية.
وقال إن التعاون التركي القوي مع قطر بعد التطبيع مع إيران، يظهر مدى فشل سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث تواصل معاداة دولة بعد أخرى البلد بدون اللجوء إلى إجراءات لإصلاح الضرر الذي يقع على الولايات المتحدة نفسها.
وخلص إلى أن فشل الولايات المتحدة في الاحتفاظ بالدول في محورها ترك فتحة كبيرة في رقعة الشطرنج الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مما سمح للدول الإقليمية وخارجها بأن تسلك طريقها الخاص. وقد بدأت تركيا بالفعل تفعيل بدائلها.
.
وكالات