نساء يدعين انهن تعرضن للتحرش خلال موسم الحج.. والسعودية ترد في بيان رسمي

تتعرض كثير من النساء للتحرش في أي مكان ممكن أن يتواجدن فيه سواء أكان عاماً أو خاصاً، وغالباً ما يشعرن بالخجل أو العار أو حتى بالذنب، ولا يُفصحن عما حدث معهن، فيتعرضن للضغط أو الاكتئاب المؤقت أو الدائم والخوف، ويبقى الجاني حراً طليقاً.

وفي كثير من الأحيان خاصة في مجتمعاتنا الشرقية، تُوجّهُ للنساء أصابع الاتهام، كغياب الوازع الديني أو ارتدائها لملابس غير محتشمة، وعدم التزامها بتعاليم الدين، وتُؤخذ كل هذه الأمور كذريعة للشاب المتحرش.

ولكن هل تخيلت يوماً، أو يخطر على بالك يوماً، أن هنالك نساء قد تعرضن للتحرش في أقدس المناطق الإسلامية على سطح الأرض ألا وهي الحرم المكي في السعودية، وتحديداً بعدة أمتار من الكعبة.

النساء والتحرش بالحرم

تقول (إنجي انجوني) في تقرير مُصور أعدته (هيئة الإذاعة البريطانية)، (BBC) أنها تعرضت للتحرش أثناء موسم الحج في عام 2010، فقالت: إن هناك شخصاً تحرش بها، وأمسك مؤخرتها وقرصها في متجر قبالة الحرم المكي، وتممت: “لقد صدمت.. كان الأمر على بعد مترين من والدتي، وكنت خائفة للغاية من أن

أصرخ”.فيما كشفت (أنجي) أن أختها أيضاً تعرضت للتحرش أثناء موسم الحج، لكن من قبل حارس داخل الحرم المكي، فتصف الموقف “صرخت بالحارس ماذا تفعل؟ ليس من حقك لمس أختي، على الشرطة أن توفر الحماية، وهو فرد أمن بالشارع، كان يضحك عليّ فقط، عندما كنت أصرخ عليه”.

ختمت حديثها: “أعلم أنك أنت أيضاً مسلم، وتعلم أنه لا يحق لك بالقيام بذلك.. وتفعل ذلك في مكان مقدس.. تحدثن ليُعلمن الأخريات بالأمر.. حتى يَكُن حذرات هنالك”.

توالت الأحداث، فأطلقت الناشطة النسوية المصرية الأمريكية منى الطحاوي وسم (وأنا أيضاً في المسجد) عبر (تويتر)، فبدأت العديد من النساء بدعم بعضهن ومشاركة تجاربهن باستخدام الهشتاج.

بدأ سيل تغريدات ومنشورات النساء اللواتي عانين من هذا الأمر بالتدفق على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، معبرين عن بشاعة ما جرى لهن، وذلك بعد أن نشرت الباكستانية (سابيكا خان) على (فيسبوك) حادثة تعرضها لاعتداء جنسي بجانب الكعبة التي تقع في قلب ساحة أكثر الجوامع قداسة عند المسلمين، الجامع الكبير في مكة في المملكة العربية السعودية.

مناسك الحج

قالت السيدة خان: إنها قد تعرضت للعديد من اللمسات المخلة بالآداب أثناء قيامها بالطوف حول الكعبة، وأضافت بأن هذه التجربة، قد سببت لها انهياراً نفسياً وشعوراً بالاكتئاب.

وأضافت خان: “لقد ظننت أن أول لمسة كانت عبارة عن حادث بريء من غير قصد؛ فتجاهلت هذا الأمر تماماً، ولكنني شعرت بلمسة ثانية مجدداً، وبعدها حاول أحدهم إمساك مؤخرتي وقرصها”.

حاولت خان أن توقف الرجل، ولكنها لم تتمكن من الحركة بسبب الحشود الغفيرة التي كانت تطوف حول الكعبة مثلها، قالت: “لقد تسمرت في مكاني حرفياً، لم أستطع الهرب، لذلك وقفت مثل الحجر، وشعرت بأن حرمتي قد انتُهكت، وللحظة تلعثم لساني عن الكلام وقفت محتارة، أأصرخ أم أسكت، إنه لأمر محزن أن تشعر بعدم الأمان، وأنت في أكثر الأماكن الإسلامية قداسة، لم يتم التحرش بي هناك مرة واحدة ولا مرتين لا بل ثلاث مرات”.

تمت مشاركة منشور السيدة خان على (فيسبوك) 2000 مرة وألهم هذا المنشور العديد من النساء الأخريات، وأكسبهن الجُرأة ليقدمن على فعل نفس الشيء، وفضح هذه التصرفات المخجلة التي كنّ يتعرضن لها، بعضهم نشر قصته تحت هاشتاغ (MeToo#) وهو الهاشتاغ الذي استخدمته ملايين النساء حول العالم من أجل التكلم عن التحرش الجنسي، الذي تعرضن له بشكل عام، كما أنه قد تم استخدامه من أجل توجيه تهم التحرش لكبير رجال أعمال هوليوود (هارفي واينستين).

أما عزيزة ذات الـ (37 ربيعاً)، والتي لم تفصح عن اسمها الحقيقي صرحت لمجلة (التايمز)  بأن هذه التصرفات ليست أموراً جديدة، فلطالما تعرضت النساء اللواتي مارسن طقوس الحج لمثل هذه التحرشات، وتحملوها والتزموا السكوت لدرجة أنهم قد اعتادوا عليها، على حد تعبيرها.

وقالت: “لقد حدث هذا الأمر معي ومع عائلتي عدة مرات، حيث تم قرصنا ومحاولة لمسنا بأعضاء ذكرية من فوق الملابس أثناء محاولتنا الطواف حول الكعبة، أول مرة لي كانت في التاسعة من عمري، ولكنني كُنت صغيرة ولم أفهم ما معنى هذا الأمر، ولكن أختي ذات الـ 14 ربيعاً، أخبرت أمي وعندها أدركت أمي أننا قد تعرضنا للتحرش الجنسي في قلب الحرم المكي الشريف”.أضافت الباكستانية عزيزة: بأنها أصبحت هي وأقرباؤها من الإناث يتجنبن الأماكن المزدحمة حول الكعبة، قالت: “صرنا نحاول ممارسة طقوس الطواف والسير حول الكعبة بسرعة، كما بدأنا بتوقيت مواعيدها في الأوقات التي لا يكون فيها ازدحام للحجاج أو المعتمرين”.

عادة ما تقل نسبة عدد النساء اللواتي يذهبن لمكة لأداء مناسك الحج أو العمرة عن نسبة الرجال بقليل، ففي رحلة الحج التي حصلت في آب/ أغسطس من عام 2017 كانت نسبة النساء إلى الرجال 43٪، وبالعدد كُنّ أكثر من مليون امرأة، نسبة جيدة جداً في الحقيقة.

قالت نساء لصحيفة (التايمز): إن ضباط الشرطة، كانوا متمركزين في نقاط محددة في المسجد الحرام، وعلى مداخله ومخارجه الرئيسية وحول الكعبة، ولكن وعلى الرغم من هذا فإنهم من المستحيل أن يتمكنوا من مراقبة كل هذه الحشود الغفيرة من الحجاج أو المعتمرين.

دور الأمن والحكومة السعودية

أشارت بعض النساء إلى أنهن يخجلن أو يخفن من إبلاغ الشرطة السعودية عن هذه الحوادث، لأنه وفي مثل هذه الأمور كثيراً ما تُلام المرأة على التحرش والعنف الذي يمارس عليها، طبعاً لم تعلق السلطات السعودية على هذه الأمور نهائياً لحد الآن.

فاطمة محمد، وهي إحدى ضحايا التحرش الجنسي في الحرم أيضاً، قالت في منشور لها على (فيسبوك): إن المعتدين كثيراً ما يعتمدون على عامل خوف النساء من عملية إبلاع السلطات عن هذه الأمور، مخافة أن يقع عليهن اللوم، كما يعتمد المتحرشون على مبدأي المفاجأة والصدمة، اللذين يجعلان المرأة المتحرش بها تقف عاجزةً أمام المتحرش المتخفي بين جموع الحجاج، وهذه الأمور هي ما تدفع المتحرشين إلى الاستمرار بالقيام بحركات التحرش والاعتداء الخرقاء الخاصة بهم.

ودعت عزيزة الحكومة السعودية إلى اتخاذ إجراءات وتدابير جديدة وجدية؛ لحماية المرأة الحاجّة بشكل خاص والنساء بشكل عام من هذه الأمور القذرة، وقالت: إنها تأمل في حصول العديد من الإصلاحات في نظام المملكة، وخصوصاً بعد ما بدأ بفعله ولي العهد محمد بن سلمان من إصلاحات ليبرالية جيدة إلى حدٍ ما، كما قد خففت المملكة نسبياً لبعض القيود التي كانت تُمارس على المرأة خلال العام الماضي، فمثلاً أصبح بإمكانها قيادة السيارة الآن.

رد السعودية الرسمي

المملكة العربية السعودية تتعامل مع كل شكاوى الاعتداء بجدية، وجميع الشكاوى يتم التحقيق بها من قبل الأمن في مكة، وجميع الإجراءات تُتخذ لتقديم الجاني للعدالة، بحسب السفارة السعودية في لندن.

داعية سعودي يُرد علي مانشرته (BBC)

رداً على تقرير هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) هاجم الداعية الإسلامي السعودي، خالد الشايع، التقرير الذي نشرته شبكة “بي. بي. سي” البريطانية، والذي يزعم بوجود حوادث تحرش بالنساء داخل المسجد الحرام، قائلًا: إن هذه الإساءة سقطةً مهنيةً لا أخلاقية، لمخالفتها المعايير العلمية والمهنية في عمليات البحث والاستقصاء.وقال الشايع في تصريحات لصحيفة (سبق) السعودية،، إن الإساءة المضمَّنة في إنتاجها وبثها مقطعًا مصوّرًا فيه مقابلة ومعلومات مغلوطة، حول ما زعمته من تجارب النساء في تعرضهن للتحرش في المسجد الحرام، وأثناء موسم الحج، يضيف إلى سجلِّها سقطةً مهنيةً لا أخلاقية، لمخالفتها المعايير العلمية والمهنية في عمليات البحث والاستقصاء، وهكذا يكون المآل لأيِ مؤسسةٍ إعلاميةٍ، تتبنى إدارتُها أجندةً لجهات تريد تصفية حسابات أو إساءةً سياسيةً أو طائفيةً أو دينيةً لجهة ما.

وأضاف: “مهما يكن من أمر، فإن المدينتين المقدستين مكة والمدينة، إنما يتوجه إليهما المسلمون ابتغاء ما عند ربهم، متضرعين إليه لتكفير سيئاتهم ونيل الحسنات، وهم في البقاع المقدسة، أبعد ما يكونون عن مثل هذا الخطأ الذي تزعمه (BBC)، على فرض وقوع شيء من ذلك، فهو محل المعالجة الحازمة من الجهات المختصة هناك.

وعلى فرض الوقوع أيضًا فهو نادر، ولا يذكر في غضون الملايين التي تتردد على مكان محدد وفي زمن محدود، والقاعدة: أن النادر لا حُكم له، وهو كذلك بالنظر للطبيعة البشرية التي ليس لأحد معها أن يكون معصومًا إلا الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام”.

 

 

 

.

وكالات

تعليق 1
  1. رائد المهندس يقول

    حقيقةً البي بي سي ليست مصدر للثقة فهي محطة خبيثة مستعدة ان تلفق اي شيء ضد من تريد وواضح الكذب من خلال ما ادعته احداهن من ان اللوم سيقع على المرأة ونسيت ان تقول لنا كيف عرفت هذا وهل يوجد عاقل سيلوم المرأة رغم احتشامها ووجودها في بيت الله الحرام؟! فعلا ان لم تستحي فاصنع ماشئت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.