أثارت عمليات اعتقال عدد من المدونين الأوزبك المناضلين من أجل السماح بالمزيد من الحريات الدينية في الدولة ذات الأغلبية المسلمة، حملة واسعة من الغضب والتعاطف، عبر الشبكات الاجتماعية الأوزبكية.
وفق موقع BBC البريطي فقد اعتُقل أدهم أوليموف (المعروف باسمه المستعار موسانيف أدهم)، وزيوفودين رحيم، وأوتابك عصمونوف، وتعرضت بيوتهم للتفتيش من قِبل الشرطة، في أواخر أغسطس/آب، حسبما ذكر موقع Gazeta.uz الإخباري على الإنترنت في 3 سبتمبر/أيلول، وكان قد ألقي عليهم القبض بناء على أوامر صادرة عن المحكمة بحجزهم لمدة 10-15 يوماً بتهمة «رفضهم الامتثال لأوامر قانونية من ضباط الشرطة»، وفق ما أورده ذات الموقع، الذي أضاف أن أقاربهم ما زالوا يجهلون مكان اعتقالهم بالتحديد.
وكان جميعهم قبل يوم احتجازهم، ينشرون بنشاط تعليقات تتمحور حول الزي المدرسي الذي وافقت عليه الحكومة مؤخراً والذي يحظر بشكلٍ قاطعٍ على تلميذات المدارس إمكانية ارتداء الحجاب.
وتميز رد فعل وسائل الإعلام الاجتماعية ضد موقف الحكومة المتشدد المتجدد بشأن الحجاب في المدارس واللحى بالنسبة للرجال، بحملة تصعيد وزخم في الآونة الأخيرة.
غضبٌ وذهولٌ
أعرب مستخدمو فيسبوك عن إدانتهم للتطورات الأخيرة، ووجهوا دعوتهم إلى ضرورة إحداث تغيير في السياسة الدينية للبلاد.
وقال المستخدم ساردور سالم: «يجب أن تتغير السياسة الدينية. سبق لي أن قلتُ ذلك خلال حكم (الرئيس السابق إسلام) كريموف، وأنا أكررُه الآن أيضاً. ليس ثمة أي جدوى من محاربة الدين؛ لأن مثل هذه الحرب سيكون لها تكلفة باهظة على المجتمع. إن الحل الوحيد هو التعامل مع الدين من خلال الحوار والتوفيق».
وأضاف: «إن محاربة الدين عن طريق القمع لن تؤدي إلا إلى دفع أكثر الناس منفعة إلى مغادرة البلاد، مما يسبب ركوداً اقتصادياً وجموداً ثقافياً. فكيف يُعقل أننا لم ندرك ذلك بعدُ؟».
في حين علق محمود عبدالمؤمن على الوضع القائم قائلاً: «لقد تميزت رئاسة كريموف بسجن أشخاص يقولون الحقيقة، تماماً مثل هؤلاء الأشخاص الظاهرين في الصورة. ونلاحظ أن تلميذه [الرئيس الحالي شوكت ميرزيوييف] يسير على نفس الطريق».
«إننا نعيش في فترة زمنية مليئة بالأكاذيب والمؤامرات. أيها المسلمون، كونوا حذرين وعلى يقظة» يحذر مستخدمٌ آخر على موقع فيسبوك، مشيراً على ما يبدو إلى التحرير الطفيف الذي شهده الحقل الديني في أوزبكستان بعد وصول شوكت ميرزيوييف إلى السلطة في أواخر عام 2016.
غير أن هناك أيضاً فئة أخرى، تتهم المدونين وتعتبرهم متطرفين إسلاميين ولا يخفون ترحيبهم باعتقالهم. وكان قد نُشر على موقع Superteam Uz تحذير بهذا الشأن يقول: «لن نسمح بالتطرف في هذا البلد. فليعلم الجميع أننا سنستأصله. ومنْ كان يريد أن يكون متطرفاً، فليذهب إلى أفغانستان».
عريضة احتجاج على الإنترنت
انطلقت حملة لجمع التوقيعات على الإنترنت، وذلك لدعم المدونين الثلاثة الذين اعتقلوا. ووقّع أكثر من 600 من مستخدمي الويب الأوزبك، بمن في ذلك أولئك الذين يعيشون خارج البلاد، بأسمائهم منذ بدء الحملة في 2 سبتمبر/أيلول.
وتقول الحملة التي أطلقها على فيسبوك صديق المدوّن أوليموف، شوكورجون إيسلوموف: «لم يكن أيّ من منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعيّ غيرَ قانونيّة أو عدوانيّة. حتى عندما صدَرَت تقارير تقول إن المدّعي العام السابق رشيدجون قديروف تم اعتقاله [بتهم فساد] وكان يجرى تعذيبه، فقد تحدَّث مناهضاً للمعاملة الوحشية للمعتقل، وطالب بوضع القانون في عين الاعتبار. وبينما كانت قضية النوادي الليلية قيد المناقشة [بعد حادث مميت في العاصمة]، لم يطالب بحظرها، وإنّما دافع عن الحريات الشخصية. لم يكن أوليموف مؤيداً للحظر والعقوبات، بل كان مؤيداً للحريات والاقتراحات [الآراء المختلفة]».
وفي الوقت ذاته، أشاد إيسلوموف بجهود الرئيس ميرزيوييف لتحسين حياة الناس، بينما أدان «بعض المسؤولين» لإلحاقهم الضرر بسمعة الرئيس، متسبّبين في زرع عدم الثقة به بين الشعب.
دعوة الرئيس لوقف الانقسام المجتمعي
وهناك مدون آخر هو شاكر شاريبوف (محمد شكور) -والذي أثار أيضاً قضيّة ارتداء الحجاب في المدارس واحتُجِز لفترة وجيزة من قِبَل الشرطة- انتقَدَ الأجهزة الأمنية لانتهاكها حقوقَه. كما نشرَ خطاباً على الإنترنت موجّهاً إلى الرئيس شوكت ميرزيوييف في 2 سبتمبر/أيلول، يشكو فيه من بعض ضباط إنفاذ القانون الذين اقتادوه للاستجواب، واستولوا على ممتلكاته الشخصيّة دون توقيع أيّ عقوبة من المحكمة.
ثم حثَّ الرئيس على وقف الانقسام المجتمعيّ وتوحيد الناس بدلاً من ذلك. وقال في رسالته المصوّرة: «أنا واثق من أنك ستضع حداً لهذه الممارسات [اعتقال الناس بسبب معتقداتهم الدينية] وتضمن استمرار توطيد أواصر المجتمع».
وكالعادة، استخدمت السلطات أئمّة المساجد على التلفزيون وأثناء صلوات الجمعة لإقناع المسلمين بأن يتّبعوا قواعد الملبس التي فرضتها الحكومة في المدارس. وقد استقبَل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعيّ هذه الخطوة -إلى حدٍّ كبير- باعتبارها خيانة للإسلام من قِبَل القادة الدينيّين.
.
م.عربي بوست