كشف مسؤولون غربيون عن تفاصيل مثيرة في واحدة من أبرز الأزمات التي أثارت غضب المملكة العربية السعودية، خلال الفترة الماضية.
وبحسب المسؤولين، دفعت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين السعودية وكندا في اتجاه ما يسمونه بـ”خطوط حمراء جديدة” في مسألة حقوق الإنسان في السعودية، مشيرين إلى أن دولهم قد تمتنع عن الانتقاد العلني في هذا الموضوع في المستقبل.
واندلعت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا بعد تغريدة للسفارة الكندية الشهر الماضي طلبت فيها “الإفراج الفوري” عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان معتقلين في المملكة. وردت الرياض بطرد السفير الكندي واتخذت سلسلة تدابير ضد كندا بينها تعليق العلاقات التجارية.
ورفضت كندا التراجع، مؤكدة أنها ستدافع دائما عن حقوق الإنسان حول العالم. إلا أنها تبدو وحيدة في هذه المسألة، وفقا لـ”فرانس برس”.
ويقول مسؤول غربي: “نحن بصدد الوصول إلى خطوط حمراء جديدة”، في إشارة إلى غياب المواقف الغربية الداعمة لكندا.
ويضيف: “نحن نحاول أن نفهم: هل ما زال في الإمكان كتابة تغريدات ناقدة من وزارات الخارجية في عواصمنا؟ وما الذي سيجعل منك شخصا غير مرغوب فيه (في السعودية)، مثلما حصل مع السفير الكندي؟”.
ولم تعبر أية دولة غربية كبرى بما فيها الولايات المتحدة —وهي حليف رئيسي للسعودية- علنا عن أي دعم لأوتاوا في أزمتها مع السعودية.
وفجر مصدر غربي مفاجأة في حديثه لوكالة فرانس برس، إذ قال إن الاتحاد الأوروبي كان قد خطط لنشر بيان علني الشهر الماضي لدعم الموقف الكندي حول حقوق الإنسان، ولكنه تراجع عن الفكرة.
وبدلا من ذلك، قدّم سفراء دول الاتحاد الأوروبي ملاحظة دبلوماسية رسمية خلال اجتماع خاص جمعهم مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
وترى الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية بسمة مومني أن “الدول الغربية ستفكر مليا قبل انتقاد السياسة الداخلية السعودية علنا”.
وتقول لوكالة “فرانس برس”: “أثبتت قضية كندا أنه من الممكن خسارة الكثير من صفقات الأعمال في حال أغضب انتقاد السعودية حكامها”.
وترى مومني أن الخيار واضح أمام الدول الغربية، قائلة: “إذا كان الهدف هو الحفاظ على عقود الأعمال، فالانتقادات العلنية ليست الوسيلة”.
وتتابع “لكن إن كان الهدف دعم التحرر السياسي والناشطين في المجتمع المدني، فالانتقادات العلنية هامة كمؤشر للعاملين المحليين والمجتمع الدولي على أن السياسات السعودية غير مقبولة”.
ويرى محللون أن هذا مؤشر على استخدام الرياض بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، قوتها الاقتصادية لإسكات الانتقادات الدولية.
وبحسب مومني، “تمكن الأمير منذ الخلاف مع كندا، من تقليص مساحة الانتقادات الموجهة إلى الشؤون الداخلية السعودية، وحتى…إلى السياسة الخارجية لا سيما ما يتعلق باليمن”. وتضيف “صمت حلفاء كندا يصمّ الآذان”.
وفي مؤتمر صحفي الشهر الماضي، لم يوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مطالب المملكة بالتحديد من كندا، ولكنه وصف التدخل الكندي بـ”الخطأ الكبير”.
وقال عدد من المسؤولين الغربيين إنه طُلب من كندا حذف التغريدة التي نشرتها سفارتها في الرياض باللغة العربية.
وتم بث التغريدة أيضا بالإنجليزية، ولكن التغريدة بالعربية أغضبت السلطات في الرياض، بحسب دبلوماسي غربي، مشيرا إلى أنها رأت فيها محاولة للتواصل مباشرة مع شعبنا، الأمر الذي تعتبره خطيرا”.
وذكرت المصادر لفرانس برس أن كندا رفضت مسح التغريدة، بينما ارتفع عدد متابعي حساب سفارة كندا في الرياض من مئات إلى نحو 12 ألف شخص بعد الحادثة. وقام الآلاف بإعادة نشر التغريدة.
ويردّد مسؤولون سعوديون أن الكلام في الاجتماعات المغلقة وبشكل مهذب، طريقة أكثر فاعلية من الانتقادات العلنية للمملكة.
وقال مسؤول غربي آخر لوكالة فرانس برس إن “استخدام مكبر صوت لتوجيه النقد قد لا ينجح، لكن مع من نتحدث في الحكومة (السعودية) بشأن حقوق الإنسان؟ لا توجد قنوات تواصل واضحة ولا آليات قائمة لذلك”.
وتقول “فرانس برس” إن مركز الاتصال الدولي التابع لوزارة الاعلام السعودية لم يرد على طلب التعليق على هذا الموضوع.
المصدر: سبوتنيك