نعم لقد جاء خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية واضحا ومفصلا وفيه الكثير من المعلومات الدقيقة والإشارات الواضحة والرسائل الصارمة في ما يتعلق بقضية تصفية الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر الجاري.
ما بعد الخطاب ليس كما قبله، وتركيا التي كانت تبحث عن من ارتكب الجريمة تنفيذيا، أصبحت اليوم تريد من أمر سياسيا بهذه الهمجية الوحشية، وهذا ما أكدت عليه كلمات الرئيس اليوم “من أمر بهذه الجريمة؟” أي أن السلطات التركية تعلم علم اليقين أن مجموعة الاغتيال لم تنفذ عمليتها دون أمر سياسي، وبيد تركيا أدلة قاطعة على وجود هذا الأمر وممن صدر.
ما أكده الخطاب أنه فصّل عملية قتل خاشقجي، وكيف جرت ومن نفذها، وبالتالي خرجنا من دائرة مجرد تسريبات لا يُبنى عليها إلى دائرة رواية رسمية تركية يمكن اعتمادها بشكل قاطع.
وبين ثنايا الرواية التركية، رفض واضح للرواية السعودية أن خاشقجي قتل بسبب شجار، وكلمات الرئيس أردوغان كانت واضحة بهذا السياق، أي أن الرئيس رفض رواية الرياض وغمز أن تركيا تمتلك الحقيقة بالأدلة القاطعة، ولا مجال للهرب من محاسبة من أمر ونفذ وسهل هذه الجريمة.
لقد خاطب الرئيس أردوغان الملك سلمان بشكل مباشر، دون مخاطبة السلطات السعودية بشكل عام، وفي هذا إشارة واضحة أن مع تركيا ما يؤكد ضلوع جهات سياسية في السعودية بهذه الجريمة، وهناك طلب تركي من الملك مباشرة بكشف هذه الجهات التي هو يعلمها جيدا.
مخاطبة الملك سلمان مباشرة بهذه الكلمات فيه إشارة واضحة أنه يجب أن يكون هو الحاكم الفعلي للسعودية لا أحد سواه وخاصة ممن قد تكون أيديهم متلطخة بدماء خاشقجي.
أما الطلب بمحاكمة من نفذ هذه الجريمة، في المحاكم التركية في إسطنبول فهو طلب في حال تجاوب معه الملك، فإن ذلك سيؤشر على جدية كاملة بمحاسبة الجناة، ورسالة واضحة أن الرياض حريصة جدا على علاقات طيبة مع أنقرة.
بيد أردوغان الكثير من الأوراق في هذه القضية، وفي خطابه المفصل هذا لم يلق هذه الأوراق كلها من يده، بل أكد على الشفافية التركية والهدوء والحكمة في التعامل مع الواقعة الشنيعة كما عهدنا تركيا منذ اليوم الأول لوقوع الجريمة.
أردوغان اليوم لوّح بسيفه أنه يعلم كل شيء وبيد الأدلة عن كل شيء، هو قال هذا بلسانه وليس عبر تسريبات إعلامية لا يمكن البناء عليها… وبالتالي على الطرف الآخر كشف الحقيقة بعيدا عن التركيبات، وعلى الطرف الآخر كشف ومحاسبة من أمر بهذه الجريمة وإلا فإن تركيا ستقوم بذلك بنفسها وفي الوقت الذي تحدده هي، وبالتالي حينها لن يبقى السيف في الهواء فقط، بل سيقطع رؤوس كل المشاركين بهذه الجريمة.
تركيا حريصة على السعودية كثيرا ولذلك ترك الرئيس أردوغان اليوم الباب مفتوحا أمام الملك سلمان لمحاسبة من أمر ونفذ هذه الجريمة، حفاظا على السعودية وأمنها وأموالها وهيبتها، من ابتزازات الغرب وترامب، وإلا ستكون تركيا مضطرة لتدويل القضية وبالتالي سيقع الضرر على السعودية، وهذا ما لا تريده أنقرة.
الخطاب كان واضحا جدا وفيه الكثير من المعلومات الصحيحة والتأكيد على موقف تركيا بملاحقة كل من اشترك بهذه الجريمة، والحرص على علاقات طيبة مع السعودية.
تركيا قالت للعالم اليوم “إما تقطعوا رؤوس كل من شارك بالجريمة، وهي مهمة الملك سلمان وإما أن نقطعه نحن في الوقت الذي نريد”.
حمزة تكين – اخبار تركيا