ذكرت 5 مصادر مقربة من الأسرة الحاكمة في السعودية لوكالة “رويترز” أن تبعات اختفاء الصحفي، جمال خاشقجي، دفعت العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، للتدخل شخصيا في القضية.
وأشارت “رويترز” في تقرير نشرته اليوم الجمعة إلى أن الملك سلمان أرسل في 11 أكتوبر إلى تركيا أحد أقرب مستشاريه، أمير منطقة مكة، خالد الفيصل، الذي حاول احتواء الأزمة المندلعة، وأسفرت زيارته عن تشكيل الرياض وأنقرة فريق عمل مشتركا للتحقيق في اختفاء الصحفي السعودي.
ومن ثم أمر العاهل السعودي النائب العام للمملكة بإطلاق تحقيق داخلي مستند إلى معطيات واستنتاجات فريق العمل المشترك.
وتعليقا على هذا التطور، قال مصدر مرتبط بالدوائر الحاكمة في السعودية لـ”رويترز”: “إن اختيار خالد، العضو البارز في العائلة الملكية ذا المكانة العالية، مؤشر واضح على أنه مستشار شخصي للملك وذراعه اليمنى وتربطه علاقات وثيقة جدا وحتى صداقة مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان”.
وأكد مصدر آخر للوكالة، وهو رجل أعمال سعودي مقيم خارج المملكة لكن مقرب من العائلة الملكية، أن العاهل السعودي تولى إدارة القضية بعد اللقاء بين الأمير خالد والرئيس أردوغان.
وفي هذا السياق أوضح مصدران مطلعان على ما يحدث داخل القصر الملكي، حسب ما نقلته “رويترز”، أن الملك سلمان، الذي سلم عمليا زمام السلطة اليومية في كثير من المجالات لولي عهده، الأمير محمد بن سلمان، “لم يكن على علم بنطاق الأزمة” المندلعة على خلفية اختفاء خاشقجي، مشيرين إلى أن هذا الوضع كان يعود جزئيا إلى أن مساعدي محمد بن سلمان زودوا العاهل بالأنباء الإيجابية عن البلاد والتي روجت لها القنوات التلفزيونية السعودية.
لكن هذا الأمر تغير مع تعمق الأزمة، وقال أحد مصادر “رويترز” في هذا السياق: “إن محمد بن سلمان، وحتى لو أراد إخفاء القضية عن الملك، لم يكن قادرا على ذلك لأن فضيحة اختفاء خاشقجي تبثها كل القنوات العربية والسعودية التي يشاهدها العاهل”.
وتابع المصدر ذاته: “الملك بدأ بطرح أسئلة حول الوضع على مساعديه ومحمد بن سلمان، الذي كان مضطرا إلى إطلاعه على القضية وطلب التدخل منه عندما تحول ملف خاشقجي إلى أزمة دولية”.
وشددت “رويترز” على أن مصادرها الـ5 أشارت إلى أن هذا التدخل يعكس القلق المتزايد بين بعض أفراد العائلة الملكية إزاء “مدى كفاءة محمد بن سلمان للحكم”.
كما أشارت المصادر إلى أن تدخل العاهل السعودي في القضية نجم أيضا عن رد الولايات المتحدة، أكبر وأهم حليف للسعودية لعقود طويلة، على اختفاء خاشقجي، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه قتل.
وقال مصدر مطلع على التطورات في العائلة الملكية السعودية لـ”رويترز”: “عندما خرج الوضع عن السيطرة وبدأت الضجة في الولايات المتحدة، أبلغ محمد بن سلمان بأن هناك مشكلة وعليهم مواجهتها”.
وأشار المصدر إلى أن ولي العهد ومساعديه اعتبروا في البداية أن الأزمة ستنتهي من تلقاء نفسها لكنهم “أساؤوا التقدير”.
وقبل التدخل الشخصي من قبل الملك سلمان أصدرت السعودية عدة تصريحات هددت فيها برد قوي على الولايات المتحدة في حال فرضها عقوبات على المملكة بسبب قضية خاشقجي، فيما نقلت بعض وسائل الإعلام المحلية الحكومية أن الإجراءات المضادة قد تتمثل بتقويض إنتاج النفط والزيادة الحادة لأسعاره عالميا.
لكن رجل الأعمال المقرب من الأسرة الحاكمة أوضح أن “هذا الرد والتهديدات الجوابية بسبب العقوبات المحتملة أتت خلال الـ24 ساعة الماضية من ولي العهد”، وأكد المصدر: “إلا أن العاهل السعودي يتعامل مع الوضع شخصيا… والنبرة باتت مختلفة تماما”.
ولفتت “رويترز” في هذا السياق إلى أن الملك سلمان أجرى خلال الأيام الماضية محادثات هاتفية مع الرئيسين التركي والأمريكي، كما استقبل في الرياض وزير خارجية الولايات المتحدة، مايك بومبيو.
وأشارت الوكالة إلى أنه من غير الواضح حتى الآن هل سيرغب العاهل السعودي حقا بمحاسبة المسؤولين عن اختفاء خاشقجي وهل سيكون قادرا على ذلك، لكن مصادرها أشارت إلى الإحباط المتزايد بين المقربين من الملك سلمان إزاء تصرفات ولي عهده.
وقال أحد المصادر إن الملك سلمان “كان يعيش في فقاعة اصطناعية” خلال الآونة الأخيرة، لكن مستشاريه بدأوا بتحذيره بصورة متزايدة من مخاطر ترك سلطة ولي العهد بلا ضابط، وأضاف: “إن الناس حوله يدعونه إلى أن يستيقظ لمواجهة ما يحدث”.
.
م.رويترز