قال الصحفي السعودي المختفي جمال خاشقجي، في مقابلة متلفزة بثت قبل شهور، إن “تركيا أثبتت أنها الشريك الأفضل للشعب السوري”.
وخلال المقابلة التي أجرتها معه فضائية “تلفزيون سوريا” (معارضة) وأعادت بثها مؤخرًا، أضاف خاشقجي أن عملية “عفرين (غصن الزيتون) نجاح باهر، ليس فقط بالطريقة السلسة التي قامت بها بالحرب، ولكن الأهم من هذا كله، أنها سلّمت المنطقة لأحرار سوريا، من خلال مجالس محلية”.
وأكمل: “هذه التجربة (عملية غصن الزيتون) ستغري الكثير من السوريين في إدلب (شمال) وغيرها أن يقولوا للأتراك توسعوا في اتجاهنا”.
وتابع: “الأتراك يتحركون بحرص وعناية، ولا يقومون بمغامرات، فأمامهم حالة منبج ولها علاقة بالأمريكان، لذلك لن يتحمسوا ليفرضوا حالهم على الأمريكان، ولكنهم يتدافعون معهم دبلوماسياً من خلال الاتصالات بين القادة”.
وتم تحرير منطقة عفرين (شمالي سوريا) بالكامل من قبضة تنظيم “ي ب ك/بي كا كا” الإرهابي، في 24 مارس/آذار الماضي، على يد القوات التركية بالتنسيق مع “الجيش الحر”، في إطار عملية “غصن الزيتون”.
– مستقبل الثورة السورية
وفي معرض رده على سؤال حول رؤيته لمآلات الحراك الشعبي بسوريا، قال خاشقجي: “أنا مع أن يثق السوريون بتركيا، ظروف المعركة تغيرت، تطلعات الثورة السورية لن تنتهي، مثلما تطلعات الثورتين المصرية والليبية لم تنته، لكن ظروف الثورة السورية صعبة جداً، ومن حسن حظها أن لها صديق هو تركيا”.
ولفت إلى أنه “لا يوجد حتى الآن توافق ولا خطة كاملة حول الملف السوري، رغم صدور تصريحات من مسؤولين أمريكيين بالبحث عن حل سلمي، لكنها (تصريحات) ليست جدية، وما زال الملف يتم تداوله ما بين أستانة وجنيف، في الغالب فريق أستانة (تركيا وروسيا وإيران) بتوقعي هو الذي سيصنع مستقبل سوريا”.
واعتبر أن “الشعب السوري يتعرض لمأساة العصر حقيقة، والعالم برمته تجاهله”.
وعن مآلات الأزمة السورية، أفاد خاشقجي بأن “مأساة البوسنة في العام 1994، لم تستمر بطول الحرب السورية، وما حصل بسوريا أكثر بكثير، موقف الأوربيين في البوسنة يشبه إلى حد كبير الموقف الحالي تجاه سوريا، يتكلمون كثيراً ويفعلون قليلاً، و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب حالة مرتبكة جداً، من الصعب تحليله”.
وتابع: “في البوسنة كان العالم الإسلامي نشيط في دعم البوسنيين، من السعودية إلى إيران إلى ماليزيا وتركيا، بينما في سوريا هذه الدول تتنازع، مع أن المفروض أن يكونوا شركاء”.
وحول مواقف ترامب، أكد أن “له معارك قوية، فضائح مزعجة، وهذه لها الأولوية عنده، ونحن أمام إدارة أمريكية متحولة وسريعة، والآن ثلاث مؤسسات أمريكية يتم تغيير رأس الهرم فيها، المخابرات، والخارجية، والأمن القومي”.
ورأى خاشقجي أن “السعودية تريد من أمريكا في الملف السوري أن تُخرج إيران من هناك، لكن ماذا لو لم تقم أمريكا بذلك، لن تغضب السعودية لأنها لا يوجد لديها أوراق، لم تعد لاعبا أساسيا في القضية السورية”.
وأشار إلى أن “العالم تعود على الألم السوري، وهذا شيء مؤسف ومحبط قوله”.
– الدور السعودي في سوريا
وعن رؤيته للسياسة السعودية تجاه سوريا، كشف أن المملكة “لم تتحمس للتغيير في سوريا نحو الديمقراطية، كانت دائما تتوجس مثل ما هي متوجسة في اليمن من صعود الإسلام السياسي، وأيضا لم تتعاون مع الأتراك، الذين كانوا حلفائها الأساسيين في سوريا”.
وتابع: “لكي تذهب أي قوات عربية إلى سوريا، لابد من تجهيز أرضية، فالعلاقات السعودية التركية تحتاج إلى تجهيز وتليين لكي تذهب قوات إلى هناك، لأنها ستكون في تماس مع الأتراك، ومع الروس أيضا، أنا لا أظن أن هذا سوف يحصل، لكن أتمنى أن يحصل، ولا أحد يمكنه أن يقوم بهذا الدور إلا السعودية”.
ومضى قائلاً: “السعودية متعارضة مع إيران، وإذا ذهبت إلى الرقة (شمالي سوريا)، سيكون على أساس أن يكون الأمريكان هناك، وإذا ذهبوا فما هي الخطة، الطريق الكامل ما بين العراق وسوريا، ماذا لو تواجهوا مع الإيرانيين، لكن الجيد في ذلك أنه يحيي الاهتمام السعودي بسوريا من جديد، ولعل ذلك يدفع السعودية للتعاون مع تركيا”.
خاشقجي واصل حديثه عن السعودية بقوله “الموقف السعودي صار مؤمنا بما تؤمن به مصر، وهو الإيمان بالأنظمة القديمة، وإعادتها، يتمنوا لو يبقى بشار (الأسد)، لكن بدون إيران، مثلما حصل في مصر يحصل في سوريا.. هناك أطراف أخرى موجودة في الملف السوري، إيران روسيا أمريكا وتركيا”.
وأشار إلى أن “بشار الأسد يدين بحياته إلى إيران، بشار طرد سبعة مليون سوري ولا يريد عودتهم”.
– المواجهة الإسرائيلية الإيرانية
وقال إن “البعض يتحدث الآن عن مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل، ولكن المفاعلات النووية ليست في سوريا ولكن في إيران، ثانياً ما يجري بين إسرائيل وإيران هو رسم قواعد البقاء بينهما”.
وفي هذا الصدد أوضح أن “إسرائيل تقول لإيران حينما تقصف بعض المواقع، هذه المساحة التي أتركك بها، وإيران لا ترد، لأن الجائزة الكبرى هي سوريا”.
ومضى موضحًا هذه النقطة بالقول: “لو قُتل الأسد بضربة إسرائيلية، فسينتهي النظام السوري، الجميع يعلم أن النظام يدور حول شخص، وهل الإسرائيليون يرغبون بذلك، لا أظن، هو فقط مجرد تهديدات، لأن هناك تصريحات كثيرة تتحدث عن الفوائد التي يجلبونها من بقاء نظام الأسد”.
وتابع: “المواجهة الإسرائيلة الإيرانية هي لتحديد قواعد الجيرة الجديدة في سوريا”.
وأشار إلى أن “موسكو مفاوض بين إسرائيل وإيران، تساعد هذين الجارين والذين هم غريبان عن عالمنا العربي، كيف يتعايشوا على أرضنا وعالمنا، فلا أظن أن الأمور ستنتقل إلى أبعد من التهديدات”.
وقال إنه “لا يتوقع أي مواجهة بين إسرائيل وطهران، لأن إيران لا تريد هذه المواجهة، لأن جائزتها الكبرى سوريا”.
وبين أن “الطريقة الوحيدة لخروج إيران من سوريا هو المواجهة على الأرض، وإسرائيل غير مستعدة لترسل أبناءها للقتال بحمص وحلب، وهنالك فرصة لأمريكا أن تجعل حياة الروس بسوريا صعبة، فمثلاً ممكن من خلال دعم الثورة (..) وواشنطن لم تواجه موسكو بشكل حازم”.
– الدور الأمريكي
وفي معرض حديثه عن الدور الأمريكي بسوريا، قال خاشقجي إن “الولايات المتحدة تعمل ببطء، حيث استحوذت على منطقة ثرية جداً بالنفط شرق الفرات وغنية بالطاقة، وربما يكفيها هذا الشيء، فسوف تحافظ عليه”.
وتابع: “وربما تستعين بقوات عربية، لكن هل سيغيروا قواعد اللعبة في العمق السوري، هذا يتطلب وجود أمريكي على الأرض وتدخل مباشر، ويمكن أن يرسم شرق أوسط جديد إن فعلوا هذا الشيء، لكن حينما ندرك حجم الانشغال الأمريكي بقضاياهم الداخلية، أعتقد أن الوقت مبكر لهذا”.
وختم حديثه بالقول: “نظريا تستطيع جعل حياة الإيرانيين ونظام الأسد صعبة في سوريا، لكن ينبغي أن ننظر إلى واقع واشنطن، التي لا يوجد بها مؤسسات تستطيع أن تخطط لفترة طويلة، المؤسسات المهمة تم تغييرها (قياداتها)، وهذا يتطلب بعضاً من الوقت”.
وأضاف: “ترامب يريد أن يتحرر من الضغوط التي عليه، الانتخابات الأمريكية قادمة، وهذه الانتخابات تقلقه، وبناءً على هذا كله من الصعب التفاؤل بتحوّل 180 درجة في التعاطي مع الحالة السورية”.
وكان الصحفي السعودي خاشقجي، قد اختفت آثاره في 2 أكتوبر/تشربن أول الجاري، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، لإجراء معاملة رسمية تتعلق بزواجه.
.
م.الاناضول