من دون مقدمات، أضحت المسلسلات التركية، المدبلجة إلى العربية وتحديدًا إلى السورية، شاغل اللبنانيين ومؤنسهم في أوقات الفراغ، بل والعمل أحيانًا، في ظاهرة تجتاح المجتمع اللبناني، لدرجة ان هناك من يعتقد أن اللبنانيين أكثر الشعوب العربية متابعة للدراما التركية.
بدأ ظهور المسلسلات التركية على شاشات التلفزة اللبنانية منذ عام 2007، وهي اليوم في قمة المشاهدة بين المسلسلات الأجنبية.
وقالت الصحفية والناقدة التلفزيونية، زكيا ديراني، للأناضول، إن الدراما التركية أصبحت من أفضل الصناعات بالنسبة للبناني، كونها وليدة لمجتمع شرقي، تعكس عاداته وتقاليده على حبكاتها وأحداثها.
وتابعت: “تشهد الدراما التركية عصرًا ذهبيًا منذ عشرة أعوام وحتى اليوم، خاصة بعد دخولها القنوات العربية عبر مسلسل (نور)، كأول عمل درامي تركي، وبعده مسلسل سنوات الضياع، ليتبعهما عشرات الأعمال”.
وأوضحت أن الدبلجة إلى اللهجة السورية زادت من حب اللبنانيين لمتابعة المسلسلات التركية، ما جعلها قريبىة منهم.
وشددت على أن المسلسل التركي قادر على إقناع اللبناني بشكل كبير، كونه يحمل رسائل وقضايا اجتماعية وثقافية وسياسية تثير اهتماماته، وينقل واقع القضايا بحذافيرها.
وزادت بأن خصوصية المسلسل التركية تجعلها يستحوذ على مشاعر المشاهد اللبناني، ويدفعه بطبيعته الإنسانية إلى أن يعشق أبطال المسلسل وما يقومون به.
– تنشيط السياحة
لم يقتصر دور الدراما التركية على المشاهدة فحسب، بل لعبت دورًا مهمًا في تنشيط الحركة السياحية، بحسب الناقدة اللبنانية.
وأوضحت أن صنّاع الدراما التركية استطاعوا تسخير الفن لإبراز الشكل الجمالي، من خلال تصوير المسلسلات والأفلام التركية التي يتم تسويقها عربيًا، حيث يتم اختيار أجمل المناظر، التي تبرز جمال البلد (تركيا) وتجعله مقصدًا للسائحين.
وتابعت: الاتراك أتقنوا كيفية الترويج لأعمالهم، فكم من اللبنانيين يذهبون إلى تركيا للتعرف إلى المكان الذي تم فيه تصورير مسلسل حريم السلطان أو مسلسل نور مثلًا، حيث يحرصون على التقاط الصور التذكارية في مثل هذه الأماكن.
– الأكثر مشاهدة
عن أكثر المسلسلات التركية شعبيةً حاليا في لبنان، قالت الناقدة التلفزيونية إنه مسلسل “حب أعمى”، وجاري عرضه على شاشة قناة “نيو تي في” اللبنانية، حيث حصد نسب مشاهدة عالية.
وأردفت ديراني أن لبنان حاضر في الدراما التركية، فجميع المحطات تعرض المسلسلات التركية على مدار السنة.
اليوم لم تعد متابعة المسلسلات التركية تقتصر على شاشات التلفاز والمحطات المحلية والفضائية فحسب، بل امتدت إلى موقع “يوتيوب”، حيث أصبح اللبنانيون يقضون ساعات في مشاهدة المسلات التركية.
ومن أكثر المسلسلات التي يتابعونها عبر “يوتيوب”، الموسم الثاني من “اشرح أيها البحر الأسود”، و”عروس إسطنبول”، “الطائر المبكي”، “اصطدام، الحفرة”، “العهد”، والموسم الخامس من “أرطغول” و”ابنتي”، وغيرها، ـبحسب ديراني.
ولفتت إلى أن “المسلسلات التركية استطاعت أن تستقطب أكبر عدد من المتابعين على حساب الهويات المختلفة لبقية المسلسلات”.
– رحلة فنية وثقافية
يرى لبنانيون أن متابعة المسلسلات التركية بمثابة رحلة فنية، للتعرف على الإنتاج التركي الضخم، وثقافية، لاستكشاف ثقافة جديدة وأحيانًا المساعدة في تعلم اللغة التركية.
وقالت ليلى (27 عامًا)، موظفة في بنك: “لا يمر يوم واحد من دون أن أشاهد مسلسلات تركية، وحاليًا أتابع “حب أعمى”.
وزادت بقولها: “أحب الطريقة التي تركز بها المسلسلات التركية على الرومانسية القديمة، مقارنة بالمبالغة الدرامية التي تنتجها المسلسلات الأجنبية.. مسلسل واحد لا يكفيني، فأنا أتباع ثلاث مسلسلات يوميًا”.
وتابعت ليلى: “تركيا قريبة جدًا من لبنان، وأرى تشابهًاً بين ثقافة أهلها وثقافتنا، وعندما بدأت في مشاهدة هذه المسلسلات، أدركت كم كانت ترهقني مشاهد المسلسلات الفارغة”.
– 8 مسلسلات يوميًا
أما رنا (33 عامًا)، ربة منزل، فوصفت، في حديث للأناضول، تعلقها بالمسلسلات التركية بـ”الإدمان”.
وأوضحت أنها تشاهد كل يوم 8 مسلسلات تركية، عبر التلفزيون ويو يتيوب، يتراوح مدة كل منها ساعتين تقريبًا.
ومن أبرز المسلسلات التي تتباعها رنا: “الحفرة”، “أنت وطني”، “عبد الحميد”، “لا تبكي يا أمي”، “جولبوري”، “لا تترك يدي”، “التفاحة الممنوعة” و”حكاينتا”.
– تَعلُم التركية
هلا (38 عامًا)، ربة منزل، هي الأخرى من عشاق الدراما التركية، إذ تتابع المسلسلات التركية بانتظام، بمعدل سبع ساعات يوميًا، عبر التلفزيون وشراء إسطوانات.
ومن المسلسلات، التي تتابعها هلا: “أرتورول (أرطغرل)، كارا سيفدا (حب أعمى)، كيراليك إسك (حب للإيجار)، وغيرها”.
وأضافت: “تعلمت من المسلسلات التركية بعض المصطلحات التي ساعدتني في تركيا، كوني أسافر كثيرًا إليها”.
الأمر ليس مختلف لدى هند (22 عاما- جامعية)، فهي أيضًا تشاهد الدراما التركية، ومولعة بها.
وتجمع هند حلقات الأسبوع وتتابعها دفعة واحدة في أيام عطلتها.
ومن بين المسلسلات، التي تتابعها عبر يوتيوب أو “فيسبوك”: “حب أعمى”، “حب للإيجار”، “الاصطدام” والحفرة”.
– الرجال أيضًا
للنساء وضع خاصة مع الدراما التركية، إذ يتابعن من خلالها قصص الحب وأحدث صيحات الموضة ويشاهدن الطبيعة التركية الخلابة وحياة تركية تجمع بين الحضارة والحداثة.
لكن لم تعد المسلسلات التركية حكرًا على النساء، إذ امتد الولع بها إلى الرجال أيضًا.
جهاد (66 عامًا)، متقاعد، يتابع المسلسلات التركية من خلال الـ Netflix وصفحات الإنترنت، ومنها “أرتورول”، “الملحمة الأخيرة،”و”فيلينتا”، وغيرها.
وقال جهاد : “كوني رجل متقاعد أتابع المسلسلات التركية لتمضية الوقت وتعلم اللغة التركية في آن واحد، واليوم تعلمت العديد من المصطلحات”.
بدوره، يتابع محمد (34 عامًا)، موظف في إحدى الشركات، المسلسلات التركية منذ فترة طويلة وباللغة التركية.
وأوضح أن “المتابعة تعني أن موعد بث المسلسل وقت محجوز مسبقًا لا يمكن تخطيط لأي مشروع قبله أو خلال بثه٫٫ هذه ظاهرة لبنانية”.
.
المصدر:الاناضول