منذ أواخر القرن الماضي، أصبح لدى تركيا اهتمام متزايد بمنطقة أمريكا اللاتينية، حيث عززت علاقاتها السياسية وزادت من حجم مبادلاتها التجارية مع هذه البلدان، التي تضاعفت بنحو ثلاث مرات خلال عقد من الزمن.
في هذا السياق، أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارتين مهمتين خلال الأيام الأخيرة إلى باراغواي وفنزويلا، وهي في الحقيقة أول زيارة للرئيس التركي لكلا البلدين، وذلك على خلفية رحلته إلى الأرجنتين لحضور اجتماع مجموعة العشرين. وتمثل هذه الزيارات خطوة إلى الأمام التي تعكس الاهتمام المتزايد الذي توليه تركيا لمنطقة أمريكا اللاتينية.
في الواقع، ظلت العلاقات بين تركيا وأمريكا اللاتينية ودية بشكل عام، لكنها أضحت متباعدة بشكل واضح إلى غاية فترة التسعينيات، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى المسافة الجغرافية الفاصلة بينهما. إلى جانب ذلك، لم تكن المنطقة ضمن أولويات السياسة الخارجية التركية التي كانت، حتى عند سقوط الستار الحديدي، مشروطة بالتحالفات المستمدة من الحرب الباردة. في ذلك الوقت، كانت أنقرة تقف إلى جانب الدول الغربية، في حين كانت دول أمريكا اللاتينية جزءا من حركة عدم الانحياز وحافظت على موقف محايد دون التحالف مع أي طرف منهما.
والجدير بالذكر أن الرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل، هو أول رئيس تركي يسافر إلى أمريكا اللاتينية، عندما أجرى زيارة رسمية في سنة 1995 إلى الأرجنتين والبرازيل وتشيلي. وتزامنا مع إنشاء ما يسمى بخطة العمل لأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في تركيا خلال سنة 1998، وبعد إعلان سنة 2006 كعام أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في تركيا، تكثفت العلاقات بين كلا الطرفين.
وبعد مرور قرابة 20 سنة أخرى، أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال سنة 2015، رحلة رسمية أخرى إلى المنطقة، حيث زار خلال تلك المناسبة كلا من المكسيك وكولومبيا وكوبا. وبعد سنة واحدة فقط، أي خلال سنة 2016، بدأ أردوغان جولته الثانية في المنطقة، حيث كانت وجهته هذه المرة إلى تشيلي وبيرو والإكوادور.
ويضاف إلى ذلك، الجولة المهمة الأخرى التي قام بها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في أمريكا اللاتينية خلال سنة 2017، التي تلتها جولات أخرى في عدة بلدان في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، بما في ذلك، الأرجنتين، وباراغواي، والمكسيك، وجمهورية الدومينيكان.
في الأثناء، كان لهذا التقارب المتنامي بين تركيا ومنطقة أمريكا اللاتينية تأثير كبير انعكس في شكل زيادة ملحوظة في حجم المبادلات التجارية بين البلد الأوراسي ودول أمريكا اللاتينية. وظهر هذا التأثير خاصة عندما تسببت الأزمة الاقتصادية العالمية في انخفاض الطلب في أوروبا مما دفع أنقرة إلى البحث عن أسواق بديلة لمنتجاتها. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة المبادلات بين الطرفين قد ارتفعت من 3.400 مليون دولار خلال سنة 2006، إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف هذه القيمة في أكثر من عقد من الزمن، لتصل إلى ما يعادل 9.200 مليون دولار خلال سنة 2017.
أما بالنسبة للباراغواي، فقد افتتحت تركيا سفارتها الأولى في أسونسيون خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وبلغت قيمة الصادرات التركية قرابة 30 مليون دولار خلال سنة 2017. ويعتبر هذا الرقم متواضعا، لكنه يمثل في نفس الوقت زيادة تقدر بنسبة 56 بالمئة مقارنة بمبلغ 18.9 مليون دولار أضيف إلى الميزان التجاري التركي خلال سنة 2016.
ومن جانبها، أدرت المبادلات التجارية مع فنزويلا على تركيا قيمة تقدر بنحو 18.1 مليون دولار في سنة 2016 بفضل صادراتها إلى هذه البلاد. وقد تضاعف هذا الرقم بنسبة 106.2 بالمئة خلال سنة 2017، محققة عائدات في حدود 39 مليون دولار، علما وأن بيانات سنة 2018 كانت أعلى من ذلك.
وبهدف تعزيز العلاقات التجارية مع دول هذه المنطقة، وقعت تركيا في السنوات الأخيرة اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتجاري مع قرابة 19 دولة في المنطقة؛ وهي الأرجنتين، وبوليفيا، والبرازيل، وتشيلي، وكولومبيا، وكوستاريكا، وكوبا، وجمهورية الدومينيكان، والإكوادور، وغواتيمالا، وغيانا، وهندوراس، وجامايكا، والمكسيك، ونيكاراغوا، وباراغواي، وبيرو، وأوروغواي، وفنزويلا.
بالإضافة إلى ذلك، منذ أن وقعت تركيا اتفاقية التجارة الحرة الأولى مع إحدى بلدان أمريكا الجنوبية، وهي تشيلي، قادت أيضا مفاوضات من أجل توقيع اتفاقات مشابهة مع بلدا أخرى في هذه المنطقة؛ على غرار إكوادور، وكولومبيا، والمكسيك، وبيرو.
وبالإضافة إلى المبادلات التجارية الثنائية بين تركيا وبلدان المنطقة، سجّل تزايد ملحوظ في عدد السياح من دول أمريكا اللاتينية الذين يسافرون إلى تركيا. وقد تحققت هذه الزيادة على وجه الخصوص بفضل شهرة وشعبية المسلسلات التركية بين المشاهدين الناطقين باللغة الإسبانية خلال السنوات الخمس الأخيرة. وتحديدا، بين شهري كانون الثاني/ يناير وآب/ أغسطس من هذه السنة، وصل عدد السياح القادمين من منطقة أمريكا اللاتينية إلى تركيا إلى حدود 165 ألف سائح. وكان السياح اللاتينيون منحدرين بالأساس من الأرجنتين والبرازيل. وقد سجلت هذه النسبة زيادة بمعدل 70 بالمائة مقارنة بنفس الفترة خلال سنة 2017.
ختاما، لا يجب السهو عن ذكر الدور المهم الذي لعبته الخطوط الجوية التركية الحكومية، التي عملت على إنشاء عدد متزايد من الخطوط الجوية التي تربط المدن التركية بالعواصم في منطقة أمريكا اللاتينية. وعلى هذا النحو تزايد عدد الوجهات التي يزورها الأمريكيون الجنوبيون وعدد الرحلات من هذه المنطقة إلى تركيا.
وفي الوقت الراهن، توفر الخطوط الجوية التركية رحلات إلى نحو 303 وجهات حول العالم، التي تشمل- بالإضافة إلى 10 وجهات في منطقة أمريكا الشمالية- رحلات مباشرة إلى بوينس آيرس، وساو باولو، ولوس أنجليس، وهافانا ومدينة بنما وكاراكاس وبوغوتا. بالإضافة إلى ذلك، توجد مخططات مؤكدة لسنة 2019 تقضي بإنشاء خط طيران مباشر بين إسطنبول وعاصمة المكسيك.
.
وكالات
مع اقتراب شهر يناير، أصبح تاريخ إغلاق المدارس في تركيا موضوعًا يثير اهتمام الطلاب وأولياء…
أعلن البنك المركزي التركي عن خطط لإنهاء برنامج "الحسابات المحمية بالليرة التركية" (KKM) بحلول عام…
وصل تقرير جديد من الأرصاد الجوية حول حالة الطقس. وذكر التقرير أن درجات الحرارة ستكون…
كشفت تحقيقات السلطات في تركيا بحادثة وفاة غامضة بمدينة دنيزلي أن السبب وراء الوفاة هو…
عُثر على جثة رجل في ولاية تشوروم التركية داخل منزله، حيث وُجد ميتًا في ظروف…
أجرت شركة اسال "ASAL" للأبحاث٬ استطلاعًا للرأي حول "أهم مشكلة في تركيا"، حيث أجاب 58.1%…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.