نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا، أعده كل من سعاد مخنيت وكريغ ميللر، يقولان فيه إن جمال خاشقجي في الأشهر الأخيرة التي عاشها في المنفى ظلت تلاحقه المخاطر التي هرب منها من السعودية.
ويشير التقرير، إلى أنه في يوم من تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عندما كان خاشقجي في زيارة لصديق له يعيش في حي من فرجينيا، أضاء هاتفه بمكالمة قادمة من الرياض، وعلى الجانب الآخر كان سعود القحطاني، أحد جنرالات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي كان وأزلامه يقومون بحملات ملاحقة واعتقالات للنقاد والمنافسين وإسكات المعارضين.
ويقول الكاتبان إن “خاشقجي كان ممنوعا من الكتابة أو حتى كتابة تغريدات على (توتير)، والخوف مما كان ينتظره هو الذي دفعه للهجرة إلى الولايات المتحدة، وكان القحطاني مؤدبا في المكالمة وأخبر خاشقجي أن تعليقاته حول الإصلاحات، بما فيها قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، أسعدت ولي العهد، إلا أن الرسالة الضمنية في مكالمة القحطاني هي أن خاشقجي، وإن لم يعد يقيم في السعودية، إلا أن ولي العهد يتابع ما يكتبه ويغرد به على (تويتر)”.
وتقول الصحيفة إن رد خاشقجي بعصبية وخوف ميزا الأشهر الأخيرة من حياته، وتحدى جمال القحطاني حول الناشطين والناشطات الذين يعرفهم، لكن الصديق الذي شهد المكالمة لاحظ أن يد خاشقجي التي كانت تحمل الهاتف كانت ترتجف، قائلا: “رأيت يد جمال ترتجف وهو يحمل الهاتف”.
ويلفت التقرير إلى أنه بعد عام كان جمال ميتا، والقحطاني ومحمد بن سلمان متهمان بقتله على يد مجموعة من القتلة الذين أرسلوا إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، وذلك ما توصلت إليه المخابرات الأمريكية ومجلس الشيوخ.
ويجد الكاتبان أن الجريمة كشفت عن الجانب المظلم من محمد بن سلمان، الذي كان من المفترض أن يمثل مستقبل السعودية المنير، وكشفت عن حرص دونالد ترامب على حماية حليف وتقديمه على القضايا الإنسانية، مشيرين إلى أن قضية خاشقجي أخذت بعدا دوليا، فكان قبل مقتله مشاركا في صحيفة “واشنطن بوست”، وله تأثير متواضع لم يتعد الشرق الأوسط، لكنه تحول في موته إلى رمز للمقاومة من أجل حقوق الإنسان، ومثال مثير للخوف عن الوحشية التي تقوم بها الأنظمة القمعية بإسكات المعارضين.
وتقول الصحيفة إن “حياة خاشقجي وعمله، خاصة في السنوات الأخيرة من حياته، كانت معقدة، ولا يمكن وضعها في إطار مثالي، ولا تزال الحقيقة حول حياته غير مكتملة؛ نظرا للجهود السعودية في التستر على الأحداث، التي تشمل معلومات مزيفة إلى مديري (واشنطن بوست) في الأيام التي تبعت وفاته”.
ويلفت التقرير إلى أن الرواية عن الـ 18 شهرا من حياته في المنفى ومقتله، تقوم على مقابلات مع عدد من المطلعين والأصدقاء والمسؤولين من عدة دول، منها السعودية والولايات المتحدة وتركيا حيث قتل خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر.
ويفيد الكاتبان بأن “خاشقجي كان يؤمن بالإصلاح، لكنه لم ينظر لنفسه على أنه معارض، ولا كونه شخصا يمكنه تحقيق التغيير الراديكالي في بلد تحكمه منذ 8 عقود ملكية مطلقة، وأحب الاهتمام الذي بدأت تحظى به مقالاته وأفكاره من المستمع الغربي، لكنه قاوم الرغبة من الذين يعرفهم بأن يقوم بالنقد الشديد للمملكة، وكان يشعر بالكآبة لفراق بلده والضغط الذي تركه عمله وكتابته على عائلته، وظل خاشقجي في المنفى مواليا للسعودية، ومترددا في قطع العلاقة مع البلاط الملكي، وفي أيلول/ سبتمبر 2017، وفي الوقت الذي بدأ فيه عمله كاتب مقال في صحيفة (واشنطن بوست)، فإنه كان يتابع مشروعا بمليوني دولار لإنشاء مركز بحثي للحكومة السعودية، اقترح أن يديره في واشنطن، بحسب الوثائق التي أطلعت عليها الصحيفة، والمقترح الذي قدم لوزارة الإعلام”.
وتكشف الصحيفة عن أن خاشقجي أرسل رسائل إلى السفير السعودي في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، عبر فيها عن ولائه للمملكة، وأخبره عن ما يقوم به من نشاطات في الولايات المتحدة، بحسب النسخ التي اطلعت عليها الصحيفة.
وبحسب التقرير، فإنه في واحدة من الرسائل أخبر خاشقجي السفير أن عميلا في “أف بي آي” يعمل نيابة عن عائلات ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر اتصل به، وقال إنه سيلتقي به، و”يؤكد براءة البلد وقيادته”، لكن في ظل مناخ نظريات المؤامرة التي تميز الشرق الأوسط، فإن خاشقجي تعرض للشكوك المتزايدة بسبب علاقاته التي أقامها طوال السنين مع من اعتبرتهم الرياض أعداء لها.
ويبين الكاتبان أنه كان من بين أصدقاء خاشقجي في الولايات المتحدة أفراد لهم علاقة متخيلة أو حقيقية مع جماعات إسلامية، مثل الإخوان المسلمين، وجماعات للدفاع عن المسلمين، مثل مركز العلاقات الأمريكية الإسلامية، الذي دعم الربيع العربي، بالإضافة إلى أنه أقام علاقات مع مسؤولين بارزين في الحكومة التركية، الذين نظر إليهم حكام السعودية نظرة شك، مشيرين إلى أن خاشقجي حاول في أثناء إقامته في أمريكا الحصول على دعم لعدد من المشاريع، منها مركز لقياس أداء الدول العربية وتصنيفها بحسب معيار الديمقراطية.
وتذهب الصحيفة إلى أن العلاقة الأكثر إثارة للإشكال هي علاقته مع منظمة مرتبطة وممولة من عدوة السعودية، قطر، أي مؤسسة قطر الخيرية، التي أسهمت مديرتها ماغي ميتشل سالم في اقتراح عدد من الموضوعات التي كتب عنها خاشقجي، ودفعته للكتابة بشدة عن الحكومة السعودية، بل إنها قدمت مسودات في بعض الأحيان، بالإضافة إلى أن الباحثين والمترجمين الذين اعتمد عليهم في مقالاته كانوا على علاقة مع المؤسسة التي تدعم مشاريع تعليمية ثقافية عربية في الولايات المتحدة.
وينقل التقرير عن المحررين في قسم الآراء، وهو منقسم عن غرفة الأخبار، إنهم لم يكونوا واعين بهذه الترتيبات، ولا جهوده لإنشاء مركز بحث، وقال محرر القسم في الصحيفة فريد هيات: “الدليل على استقلالية جمال هي في عمله الصحافي.. كانت لديه كل الفرص للتقرب والحصول على حياة مريحة لنفسه، لكنه اختار المنفى، ومن يقرأ مقالاته لا يشعر أنه مخدوع “.
ويورد الكاتبان نقلا عن سالم، وهي دبلوماسية سابقة تعرف خاشقجي منذ عام 2002، قولها إن الدعم الذي قدمته له كان من صديقة تريد مساعدته في النجاح في الولايات المتحدة، ولاحظت أن قدرات جمال في اللغة الإنجليزية لم تكن جيدة، وقالت إنها لم تدفع له لقاء كتاباته، ولم تقم بالتأثير عليه نيابة عن قطر، وأضافت: “تحدثت أنا وهو عن موضوعات الساعة عندما يلتقي أي شخصين مهتمين بذلك الجزء من العالم.. لم يكن جمال موظفا أبدا ولا مستشارا أبدا للمؤسسة أبدا”، فيما لم يكن معلوما إن كانت الحكومة السعودية تعلم بعلاقات خاشقجي بمؤسسة قطر الخيرية، مع أنها كانت تراقب نشاطات المعارضين لها.
وتقول الصحيفة إنه بالنسبة للأصدقاء وعائلة خاشقجي، فإن علاقاته كانت تعبيرا عن فضوله الثقافي، ورفضه للجمود القومي والديني والحدود الأيديولوجية، فسافر بشكل مستمر، وشارك في عشرات المؤتمرات، وأقام علاقات طويلة مع أشخاص كانت مواقفهم معارضة لآرائه، لافتة إلى أنه كان يعلم أن كتاباته وعلاقاته تحمل مخاطر، وقال لأصدقائه ومعارفه إنه سيعتقل في حال عودته السعودية، وتحدث بشكل مستمر عن قلقه على أبنائه الأربعة، ومن بينهم ابنه الذي ظل في المملكة، وتعرض لتحرشات مستمرة من السلطات.
ويجد التقرير أن خاشقجي أساء في النهاية تقدير ما يمكن للسعوديين عمله عندما دخل القنصلية في اسطنبول للحصول على أوراق كان يريدها لبناء حياة جديدة مع امرأة تركية، وقال الصديق الذي شهد مكالمته مع القحطاني: “كان خوفه الأكبر هو السجن لا القتل.. لم يخطر على باله هذا الأمر”.
ويبين الكاتبان أن مكالمته مع القحطاني في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، كانت جزءا من عدة مواجهات مع الرجل الذي برز بصفته واحدا من أهم مساعدي ولي العهد، ومنح مهمة واسعة لحماية صورة محمد بن سلمان أو “أم بي أس”، من خلال ضخ رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام الوسائل التجسسية، ومنع من يشك في ولائهم، مثل خاشقجي، من الكتابة، مشيرين إلى أن نشاطات القحطاني شملت سجن العشرات من الناشطين المعارضين.
وتنوه الصحيفة إلى أن القحطاني، الذي كان يتابعه مليون شخص، عرف بملك الذباب الإلكتروني، وحتى قبل أن يحاول “أم بي أس” تأمين ولاية العرش كان القحطاني ناشطا من أجل تأمين وسائل التواصل الاجتماعي، فكشفت وثائق ويكيليكس عن قيام شخص بالاسم ذاته بمحاولة شراء برنامج تجسس إلكتروني من شركة إيطالية، مشيرة إلى أنه كان يعمل لإسكات صوت خاشقجي منذ عام 2016.
ويفيد التقرير بأن خاشقجي، الصحافي المولود في المدينة، عاش حياة صعبة لكنها حافلة بالأحداث، حيث بدأ حياته مراسلا صحافيا في أفغانستان، وقابل أسامة بن لادن، وعزل مرتين حين كان محررا لصحيفة “الوطن”، وعمل مستشارا للأمير تركي الفيصل، عندما كان سفيرا في لندن وواشنطن، وكانت أول مواجهة بينهما في نهاية عام 2016، عندما كان خاشقجي يكتب عمودا في صحيفة “الحياة”، حيث حذر من انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ويكشف الكاتبان عن أن القحطاني اتصل بخاشقجي في أثناء حضور الأخير لمؤتمر في قطر، ليخبره أنه “غير مسموح له بالتغريد على (تويتر)، ولا الكتابة، أو الحديث”، بحسب صديق له، وأضاف القحطاني: “لا تستطيع عمل أي شيء، لقد انتهيت”.
وتبين الصحيفة أن الثمانية أشهر التي تعرض فيها الكاتب للمنع، شهدت مؤامرات عدة لتعزيز موقع “أم بي أس”، وبناء قدرات مثل “فريق النمر”، والمكلف بعمليات اختطاف معارضين في الخارج، والتحقيق مع السجناء، مشيرة إلى أنه من الصعب المقاربة بين هذه النشاطات ومهمة القحطاني بصفته مديرا لمركز الدراسات الإعلامية.
ويذكر التقرير أن خاشقجي غادر في نيسان/ أبريل 2017، السعودية متوجها إلى لندن للإقامة مدة ثلاثة أسابيع مع صديقه والمستشار السابق للأمير تركي نواف عبيد، الذي كانت له خلافاته مع الديوان الملكي، وناقش الاثنان رغبة خاشقجي في الانتقال إلى الولايات المتحدة، إلا أن القحطاني اتصل به وهو في لندن مخبرا إياه أنه لن يحدث له شيء لو عاد إلى الرياض، وكانت هذه طريقة القحطاني بالوعد والوعيد.
ويفيد الكاتبان بأن “أم بي أس” وأتباعه قاموا في حزيران/ يونيو بعملية للسيطرة على السلطة، حيث احتجزوا ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي خرج من الاحتجاز ليعلن ولاءه لنائبه الأصغر منه محمد، متخليا عن ولاية العهد، لافتين إلى أن هذا الحادث أضاف لمخاوف خاشقجي، الذي قام بالتخطيط لخروجه، وحزم أمتعته وسافر في أول رحلة إلى واشنطن.
وتقول الصحيفة إن رحيله استدعى محاولة ثانية لإعادته لبيت الطاعة، وهذه المرة من وزير الإعلام، الذي أخبره أن المنع عن الكتابة قد رفع، وان الحكومة تفكر في منحه المال لإنشاء مركز أبحاث لها في واشنطن، وبعث الوزير عواد العواد، الذي عمل سفيرا في المانيا، رسالة “غير مريحة” لخاشقجي، يقول فيها: “ولي العهد يريد مقابلتك”، بحسب أحد زملاء الصحافي الذي استمع للمحاورة.
ويستدرك التقرير بأن المسؤولين السعوديين ينفون ذكر الوزير اسم ولي العهد، مشيرا إلى أن خاشقجي ظل يعيش نزاعا بين منفاه وولائه، ولهذا السبب قدم رؤية حول المركز الذي سيطلق عليه اسم “مجلس الأبحاث السعودي” في واشنطن، بميزانية أولية بقيمة مليوني دولار، وبحسب المقترح، فإن الخطة هي بناء علاقات مع مؤسسات مؤثرة من أجل تصحيح سمعة المملكة في الخارج، ولاحظ أن السعودية تعرضت لهجمات خبيثة من الصحافة اللامسؤولة، وأن المجلس قد يسهم في إعادة الصورة الإيجابية للمملكة.
ويشير الكاتبان إلى أن الخطة اقترحت تشكيل فريق مهمته “رصد الأخبار السلبية”، بما في ذلك الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، التي “قد تنفجر”، و”أخبار وزارة الإعلام في الرياض”، لافتين إلى أن الفكرة جذبت أعضاء العائلة، خاصة صلاح، الذي كان يعمل في بنك، وعانى من تحرشات السلطات، وشجعت العائلة خاشقجي على متابعة فكرة المركز، إلا أن الصحافي تعرض لدفع من آخرين لرفض الخطة، ومن غير المعلوم إن كانت الوزارة مستعدة للمضي في تحقيق الفكرة، لكنه توصل لقرار مصيري بقطع علاقته مع البلد الوحيد الذي كان يعرفه وطنا، وانهار زواجه، ورفض ابنه الأكبر التواصل معه لشهور، وبدا خاشقجي في حواراته يراوح بين اليأس والأمل، وقال لأحد أصدقائه: “أنا حر وسأغير السعودية”.
وتلفت الصحيفة إلى أن وصول خاشقجي إلى واشنطن تزامن مع محاولات “واشنطن بوست” البحث عن أصوات جديدة على موقعها “الآراء الدولية”، وكانت واحدة من محرريه، وهي كارين عطية، اتصلت مع خاشقجي لتطلب منه الكتابة عن القوى التي تقلق السعودية، وظهر أول مقال له في 18 أيلول/ سبتمبر 2017، وافتتحه بالقول: “عندما أتحدث عن الخوف والاستفزاز والاعتقالات وفضح المثقفين والقادة الدينيين الذين يتجرأون على الحديث بصراحة واخبركم أنني من السعودية فستندهشون”، وعبر فيه عن استقلاله، قائلا: “لقد تركت وطني وعائلتي ووظيفتي لأرفع صوتي.. أريدكم أن تعرفوا أن السعودية لم تكن دائما كهذا ونحن السعوديون نستحق شيئا أفضل”.
ويبين التقرير أن “الحديث كهذا من كاتب سعودي كان نادرا، بالإضافة إلى أن ظهور الكلام على صحيفة بارزة كان مثار فزع على ما يبدو لمن حول ولي العهد، الذي صور نفسه في واشنطن على أنه مصلح، وأقام علاقة قوية مع إدارة ترامب، خاصة مع صهره جارد كوشنر، فأصبح خاشقجي يكتب في صحيفة يمكنها أن تناقض رواية ولي العهد في واشنطن، وخلال هذه الفترة تلقى خاشقجي المكالمة التي جعلت يده ترتجف”.
وينوه الكاتبان إلى أن خاشقجي مدح في بعض الأحيان ابن سلمان، خاصة إصلاحاته، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، لكنه أصبح أكثر حدة في نقده، مشيرين إلى أن خاشقجي قارن في تشرين الثاني/ نوفمبر بين “أم بي أس” وفلاديمير بوتين من ناحية القمع، خاصة بعد عملية الريتز كارلتون واحتجاز الأثرياء والأمراء وتعذيب بعضهم، وانتقد سياسات السعودية في لبنان، وضرب اليمن، وحصار قطر، وقمع حرية التعبير.
وتقول الصحيفة إن خاشقجي لم يكن موظفا في صحيفة “واشنطن بوست”، وحصل على 500 دولار عن كل مقال كتبه، وعددها 20 مقالا على مدار عام، وعاش في شقة قرب تايسونز كورنر، في فيرفيكس كاونتي، التي اشتراها عندما كان يعمل في السفارة، مشيرة إلى أنه عانى مع مرور الوقت من الوحدة، وأقام علاقات جديدة، وقام بالزواج من امرأة مصرية اسمها حنان العتر في حفلة عقدت في ضاحية من فيرجينيا، ولم يقم بإتمام الأوراق القانونية وانتهت العلاقة سريعا.
وبحسب التقرير، فإن خاشقجي بحث عن مغامرة أخرى، وهي إنشاء منظمة “الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن”، وبحث عن دعم من رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية نهاد عواد، مشيرا إلى أن عمل “كير” للدفاع عن المسلمين في أمريكا، إلا أن دعمه للثورات العربية جعل السعودية تنظر إليه على أنه عدو.
ويفيد الكاتبان بأن خاشقجي أقام علاقات مع أشخاص من جماعة الإخوان، التي انضم إليها عندما كان طالبا في الجامعة في أمريكا، لكنه ابتعد عنها بعد ذلك، مشيرين إلى أن خاشقجي قبل مساعدة من سالم التي قامت بمراجعة مقالاته بالإنجليزية، واقترحت عليه في بداية آب/ أغسطس كتابة مقال عن تحالفات السعودية من “واشنطن إلى القدس إلى الأحزاب اليمينية الصاعدة في أوروبا، بشكل يضع نهاية للنظام الليبرالي العالمي الذي يهدد انتهاكاتهم في الداخل”، وتردد خاشقجي في المقالة، وسألها: “هل لديك وقت لكتابتها”، فردت: “سأحاول”، لكنها حثته على كتابة مسودة، وظهرت مقالة تعكس هذا النقاش في 7 آب/ أغسطس، فيما يبدو أنه استخدم بعض مقترحات سالم، كما يبدو من الرسائل المتبادلة على “واتساب” بينهما.
وتكشف الصحيفة عن أن المؤسسة دفعت لباحث يعمل مع المؤسسة قام بمساعدة خاشقجي، وساعد مترجم عمل معها في السابق خاشقجي لتصحيح مقالاته.
وينقل التقرير عن محرر القسم هيات، قوله إن مقالات خاشقجي لا تظهر إنه كان يميل نحو قطر أو الدفاع عنها، “فهو لم يهاجم حملة السعودية ضد قطر كما أرادت الأخيرة.. لم يتبن إصلاحات (أم بي أس) بشكل كامل كما كان يحب الأخير، وعلى خلاف هذا فقد وقف بشجاعة مع المعارضين السعوديين، ودافع عن قضية الحرية في المنطقة، فيما كان يحاول دفع الإصلاح بالاتجاه الصحيح”.
ويقول الكاتبان إن سالم وخاشقجي كانا يعرفان خطورة علاقة الصحافي مع كيان قطر، حيث كانا يذكران بعضهما بضرورة الحفاظ على التواصل بشكل سري، وخاف خاشقجي على عائلته لو تم الكشف عن هذه العلاقة، مشيرين إلى أنها انتقدته في مقالته في آب/ أغسطس التي لم يكن قويا فيها، “وابتعد عن الموضوع، وكتب لها في اليوم التالي أنه بعث المقال معلقا (سيشنقوني عندما يظهر)”.
وتذكر الصحيفة إلى ولي العهد السعودي أمر في تموز/ يوليو بالبحث عن طرق لإعادة الصحافي المعارض بحسب الرسائل التي اعترضتها المخابرات الأمريكية، وحانت الفرصة عندما ذهب إلى القنصلية يطلب فيها أوراقا تتعلق بزاوجه، حيث طلب منه العودة بعد أسبوع، وقال إنه سيعود في يوم الثلاثاء التالي.
ويشير التقرير إلى أن خاشقجي كان في لندن، التي شارك فيها في مؤتمر، ثم وصل إلى اسطنبول في صباح 2 تشرين الأول/ أكتوبر، والتقى خطيبته خديجة جنكيز على الفطور وأخبرها بخطته، وبسبب قلقها عليه فقد قررت عدم الذهاب للجامعة ومرافقته، وعندما دخل القنصلية ترك معها هاتفيه، وكانت هذه المرة الأخيرة التي شاهدته فيها، فكان في انتظاره فريق حضر إلى تركيا على متن طائرتين، والتقى أفراد الفريق بالقحطاني قبل سفره، بحسب مسؤول سعودي، وعين ماهر المطرب مسؤولا عن الفريق، وهو حارس شخصي لولي العهد، وعمل في السفارة السعودية في لندن، في الفترة ذاتها التي كان فيها خاشقجي يعمل فيها.
ويقول الكاتبان إنه “من غير المعلوم ماذا حدث داخل القنصلية سوى تسجيلات التقطتها أجهزة تنصت زرعتها المخابرات التركية داخلها، التي التقطت حوارات المشاركين في العملية قبل وصول خاشقجي، ويبدو أنه شعر بالخطر عندما عرض عليه أحد أعضاء الفريق تناول الشاي، فأجاب بنعم، وكان يعلم أن وراء هذا اللطف أمرا غير سار ينتظره، فأخبر أحد أفراد الفريق أنه سينقل إلى السعودية، بحسب مسؤول غربي قال إن خاشقجي اكتشف في تلك اللحظة أنه سيختطف، وقام الفريق السعودي بإخراج إبرة فيها مادة مخدرة وقاتلة”.
وبحسب الصحيفة، فإن “التسجيلات تكشف عن عدم وجود نية للفريق لنقل خاشقجي حيا، وهي شهادة عدد من المسؤولين، والتقطت التسجيلات الكاتب وهو يشهق من الاختناق في مقاومة جسدية انتهت بالصمت، وقطع السكون صوت موتور كهربائي، ربما كان صوت المنشار، وقام خبير طب شرعي من وزارة الداخلية بالإشراف على تقطيع الجثة، فيما يؤكد السعوديون أن لا منشار أحضر من السعودية، وأن الفريق استخدم الأدوات المتوفرة في القنصلية، بحسب الشهادات التي أخذوها من أعضاء الفريق، ولم يتم الكشف عن جثة خاشقجي، وقال السعوديون إنهم أعطوها لمتعهد تركي، وينتظر المسؤولون الأتراك معلومات عن هوية هذا الشخص ومكان الجثة”.
ويفيد التقرير بأن اختفاء خاشقجي كان مدعاة للبحث عنه من خطيبته التي أخبرت السلطات التركية، فيما طلب ناشر صحيفة “واشنطن بوست” فريد ريان من المسؤولين في البيت الأبيض المساعدة، وكذلك من وزارة الخارجية، وكتب ريان رسالة إلى الأمير محمد أرسلت عبر القنوات الدبلوماسية بعد يوم من اختفاء خاشقجي، وكان المسؤولون في الإدارة متعاونين أثناء الأيام الأولى، وبعدها تغير الموقف فجأة واختفى التعاون، “ربما لأن المسؤولين الداعمين لمحمد في البيت الأبيض اكتشفوا أن خاشقجي لن يعثر عليه حيا يرزق، وأن ما يواجهونه ليس قضية صحافي اختفى، بل أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق”.
ويقول الكاتبان إنه بعد أيام من الاتصال مع السفير السعودي في واشنطن، وافق الأمير خالد بن سلمان على مقابلة ريان في منزله في جورج تاون، ووصل في الساعة التاسعة من مساء الأحد، 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أي بعد خمسة أيام من اختفاء الصحافي، وقال إنه يقوم بجمع المعلومات من الرياض، وبأن خاشقجي لم يكن تهديدا “وكان دائما صادقا.. لم ننظر إليه على أنه رصيد دولة معاد أو أي شيء”، وقدم السفير سلسلة من المعلومات التي ناقضت التفاصيل القادمة من اسطنبول، فنفى السفير المعلومات عن طائرتين سعودتين في اسطنبول وقت دخول خاشقجي القنصلية، وفي الحقيقة كان الفريق قد أنهى المهمة وعاد إلى الرياض بعد ساعات من مقتل خاشقجي، وعندما سئل عن تقديم أدلة تشير لمغادرة خاشقجي القنصلية، رد خالد بأن الكاميرات لم تكن تسجل نظرا لخلل فني، وكان رد ريان: “يمكنك المشي حول البناية هناك وستظهر صورتك على عدة كاميرات.. لا أفهم هذا الأمر”.
وبحسب الصحيفة، فإن السلطات السعودية توصلت إلى أن الكاميرات قد تم تعطيلها قصدا، وسأل ريان السفير عن التناقض في الرواية السعودية، من مثل خروج خاشقجي من الباب الخلفي للقنصلية، في الوقت الذي كانت فيه خطيبته تنتظره أمامها، ولماذا يغير طريقة الدخول التي فعلها عندما زار القنصلية أول مرة، وكان السفير مصمما على أن الاتهامات عن تورط سعودي “لا أساس لها وسخيفة”، وقال إن المحققين السعوديين وصلوا إلى القنصلية، وحققوا مع الموظفين، مشيرا إلى أنه لا يوجد هناك تستر لا يعرف عنه.
ويورد التقرير نقلا عن بيان لمدير الاتصالات في السفارة سعود الكلبي، قوله إن السفير لم يحاول تضليل ريان، وبأن المعلومات التي قدمها له هي ما توفر عن الجريمة في ذلك الوقت، “وللأسف ثبت خطأها”.
ويشير الكاتبان إلى أن المقابلة انتهت بعد ساعة، حيث علق ريان قائلا إنه لو ثبت خطف خاشقجي أو قتله فسيكون ذلك “من أكثر الأعمال فسادا وقمعا ضد صحافي التاريخ الحديث”، لافتين إلى أنه في مقابلة مع الناشر فإنه استعاد ما قيل له معلقا: “ظهرت أدلة الواضحة تؤكد أن كل ما قالوه لنا كان كذبا”.
وتلفت الصحيفة إلى أن السعودية اعتقلت 21 شخصا، أما القحطاني فعزل من منصبه، وتوصلت المخابرات الأمريكية بدرجة متوسطة إلى عالية الثقة إلى أن الأمير محمد أمر بعملية القتل، مشيرة إلى أن ترامب حاول حماية الأمير بالقول إنه “ربما كان يعرف وربما لم يعرف”.
وينوه الكاتبان إلى أن السلطات التركية حددت القحطاني بالمسؤول، وأنه الذي تلقى رسالة من الفريق تطلب منه إخبار سيده أن المهمة أنجزت، ويشير المسؤولون السعوديون إلى أن القحطاني هو الذي خلق الأزمة بدفع خاشقجي إلى الخروج من المملكة ليرى كيف أصبح ناقدا مهما، ثم قام بعد ذلك بالتخطيط لاختطافه، في محاولة لتجنب غصب ولي العهد.
وتعلق الصحيفة قائلة إن هذه رواية تبدو من المنظور السعودي محاولة لحماية ولي العهد وتحليله من المسؤولية، مشيرة إلى أن المخابرات الأمريكية تنصتت على محادثات بين ولي العهد والقحطاني قبل مقتل خاشقجي وبعده، وشاهدت الصحيفة نسخة من هذه المحادثات، التي اشتملت على مناقشة لمشروع الطاقة الشمسية وتعليقات مسؤول أجنبي، فيما لم يتم التأكد من صحة هذه الاتصالات.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالإشارة إلى قول مقربين من خاشقجي، إن هناك فرقا بين القحطاني ومحمد، “فالقحطاني كان شريرا وبلطجيا وكذابا وابن حرام”، لكن في كل مرة كان يستهدف فيها خاشقجي فإنه كان ينفذ أوامر سيده.
.
المصدر:عربي21
كشفت وسائل إعلام، الثلاثاء، عن وقوع فضيحة صحية كبيرة عرفت بـ"قضية عصابة حديثي الولادة"…
لقي سائق سيارة انقلبت في خندق على طريق سيفرك - هيلفان السريع في شانلي…
رد مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، الثلاثاء، على الادعاءات بشأن مقترح أردوغان…
أثارت أسعار المأكولات في أول مطعم للشيف التركي الشهير بوراك، حالة واسعة من الجدل في…
نشرت شركة PİAR للأبحاث والدراسات، الثلاثاء، عن معدلات التصويت للأحزاب التركية في الانتخابات المقبلة. …
قالت محررة الأرصاد الجوية في قناة NTV المحلية، ديليك تشاليشكان، أنه ربما تتساقط الثلوج…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.