تمكن مواطن تركي من الجمع بين الإمامة لأحد مساجد إسطنبول، محققا بذلك حلم عائلته، وبين ممارسة الفن الذي يعشقه.
وأصبح عدنان يلدريم الذي نشأ في كنف عائلة محافظة حلمت أن تراه إماما لأحد مساجد مدينة “وان” (شرق)، إماما لمسجد الإمام الشافعي في حي عمرانية بمدينة إسطنبول، دون أن يتخلى عن شغفه وحبه للرسم الذي اكتشفه في نفسه منذ صغره، فأصبح أيقونة تركية يشار إليها بالبنان.
ولد الإمام الفنان عام 1972، وبعد الزلزال الذي ضرب مدينته “وان” عام 2011، اضطر وعائلته إلى الانتقال لمدينة إسطنبول، بعد أن دُمر منزله ومسجد الحي.
استقر الحال بالرجل في إسطنبول، مستكملا عمله إماما وخطيبا في مسجد، إلى جانب استمراره في هوايته المفضلة.
بدأت قصته مع الفن عندما طلب منه مدرس الفنون في الصف الثالث الابتدائي رسما للفصل، لكن المفاجئة كانت بدقته وحرفيته، ما أثار حيرة المدرس حتى أنه اتهمه بالغش آنذاك.
ومنذ تلك اللحظة اتخذ الصبي من الرسم هواية له، وشغفا يرافقه في مراحل حياته.
ويروي يلدريم أنه كان مولعا بالرسم، لكنه لم يشأ كسر رغبة والده في أن يصبح إماما وخطيبا، بعد أن بذل والده قصارى جهده في سبيل ذلك.
وكان أن تحقق للوالد ما حلم به بعد فوز ابنه في مسابقة مكتب الولاية، ليبدأ الأخير العمل أولا إماما لأحد أكبر مساجد مدينة “وان” عام 1989، قبل انتقاله إلى إسطنبول.
وخلال عمله إماما سنحت له الفرصة لزيارة معرض الفنون المعاصرة في طهران عام 2001، وكان لتلك التجربة الدور الأبرز في تحول حياته.
فبعد عودته من طهران كرّس جل وقته للفن، حتى أنه باع متجرا خاصا به، وقام بتجهيز ورشة للأعمال الفنية.
بدأ يلدريم تعلم مبادئ فن الرسم على يد فنانين إيرانيين، حتى أصبح ينظم نشاطات اجتماعية خاصة بالفنون برعاية مكتب ولاية “وان”، ليقدم من خلالها أعمالا فنية ومحاضرات حول الفنون والدين.
ويقول إنه كرّس حياته للدين والفن، فأمسى يقضي معظم أوقاته بين المسجد وورشته الفنية، وتدريس الطلاب تعاليم القرآن الكريم، بالإضافة إلى أساسيات الفن.
واستطاع يلدريم إقامة العديد من المعارض الفنية في السنوات الأخيرة، قدم خلالها قرابة 63 عملا فنيا، معبرا فيها عن مشاعره وما يجول في خاطره، محاولا إيصال رسائله إلى الجمهور.
وفي أحدث خطوة خلال مسيرته الفنية، أقام يلدريم في 14 يناير / كانون الثاني الجاري معرضه الفني الجديد “سحر الألوان” برعاية مركز الثقافة، والمركز الفني في عمرانية، والذي يستمر على مدار شهر كامل.
ويؤكد يلدريم أن كل لوحة يقدمها في هذا المعرض تحمل رسالة روحية قد يكون فيها الفرح أو الحزن أو ما لم يستطيع قوله.
ويواصل يلدريم عمله حاليا إمام مسجد، مع الاستمرار في الأنشطة الفنية، مؤكدا أن “الدين الإسلامي لا يمنع ممارسة الفن الهادف”.
يقول “إسطنبول هي المكان الذي يجتمع فيه الفن مع الدين، وأنا سعيد بقيامي بكلتا الوظيفتين معا”.
.
المصدر/الاناضول