فجر الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية السابق، وسفير الرياض سابقا لدى الولايات المتحدة، مفاجأة جديدة عن رئيس النظام السوري بشار الأسد في حواره مع صحيفة “الإندبندنت” البريطانية بالنسخة العربية، أمس الثلاثاء.
وكشف الأمير بندر في حواره للصحيفة تفاصيل الساعات الأولى لتولي رأس النظام بشار الأسد، السلطة في سوريا، وعرض خلالها تفاصيل صادمة عن الساعات الأخيرة لحياة الأسد الأب، وفق رواية ابنه “بشار”.
يقول الأمير بندر عن آخر أيام حافظ الأسد: “في العام 2000، كنت في واشنطن، وجاءنا خبر وفاة حافظ الأسد، استأذنت من الرياض لحضور العزاء وأُخبِرت بأن الملك عبدالله سيحضر، ورتبت نفسي لأصل إلى دمشق في توقيت متزامن، أو قبل وصول الملك بساعة”.
وأضاف أنه في اليوم الثاني بعد وفاة حافظ، وصلت المطار، وتأخرت طائرة الملك عبدالله إذ كان في جدة في لقاء مع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، بشأن اتفاقية الحدود، والتي وقعها في ذلك العام.
وتابع قائلا : إن تأخير طائرة العاهل السعودي دفعه للقاء مباشر مع بشار دون موعد يستبق وصول الملك عبدالله بن عبد العزيز، حيث أكد في روايته : “وأنا جالس في الطائرة، قالوا لي إن العماد مناف طلاس عند الباب يريد رؤيتك، قلت له: تفضل، فردَّ: أهلاً بندر – وكنت قد التقيته مرة واحدة، في السيارة حيث كان بشار يقودها وهو معنا، تلبية لدعوة بشار على العشاء، وكان يريد أن يطلعني أن الوضع آمن ولا توجد حراسات، لكن أين ما تلتفت تجد حراسة سرية ورشاش الكلاشنكوف في الخلف، وحين دخلنا المطعم وقف الجميع، واستغربت وقتها بكل هذا للباس المدني والرشاشات خلف ظهورهم.
وأخبره مناف طلاس عن اجتماعات قيادات البعث وتغيير بنود الدستور لأجل صغر سن الرئيس وقتها ، فأجابه الأمير بندر قائلا : ” كيف تم كل هذا في ساعات”.
ووسط المفاجأة قال له مناف طلاس: “الرئيس يريد رؤيتك”…يقول الأمير بندر: “أخبرته أنني أنتظر الملك، فقال هو يريد رؤيتك قبل رؤية الملك، وقلت لعلها خيرة وأعرف منه أمراً ما”.
ويستطرد الأمير بندر في حديثه قائلا : وحين وصات وجدت بشار،وبدأ الحديث: “وكما يقال اذكروا محاسن موتاكم، وأثناء ذكري لمحاسن الرئيس الراحل حافظ الأسد، قاطعني بشار وقال بلهجته (ايه ايه خير)، المهم، كيف سنبدأ العمل مع الأمريكيين، هل من الممكن أن تنقل لهم رسالة بأننا جاهزون.
وأوضح أنني نظرت إليه وقلت له لم تدفنوا والدك حتى هذه اللحظة أخ بشار، الملك مشغول عليك جداً، أنت متأكد؟ قال متأكد من ماذا؟ قلت له من نفسك، قال أها، تقصد الملك خائف علي، لا لا تخف… في الشهرين الماضيين، لم يعد والدي يذهب إلى المكتب فصارت تأتيني المعاملات إلى البيت، وأنا آخذها له ونوقع ما يحتاج توقيع وبعدها أعطيه للمرافق، وأذهب أنا إلى النادي للتمرين ثم أذهب للعمل”.
وعن الساعات الأولى لتولي بشار الأسد رئاسة سوريا وقبل وصول الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيزيقول الأمير بندر : “أجبته: طيب؟ قال: صباح أمس جئت بالأوراق و”سلّمت على ماما وأختي بشرى، وقالت أبوك متعب قليلاً، فدخلت وكان بالكاد يفتح عينه وجسست النبض واختفى النبض – أقسم الأمير فجأة أن هذا الكلام حرفياً حدث – وقلت للوالدة إنه نام، أغلقت الباب.
وتابع:”ذهبت إلى النادي وتمرّنت، وأخبرت ماهر الأسد ومناف طلاس بخطة لضبط الأمن، وطلبت منهم أن يغلقوا منافذ دمشق بالدبابات، وجاءت مجموعات أمنية، وأتوا بـ 10 عمادات مع قادة المناطق ودخلت عليهم وقاموا بإلقاء التحية وبعضهم يترحم، وقلت لهم: اششش … أنت ستغادر غداً، وأنت هذه السنة الأخيرة لك، أنت ستبقى، ما سمعته على لسانك عني أعجبني، أنت سأقطع لسانك أنت أخذت كم مليون دولار سنحاسبك وأنت كذا وكذا.”
وأشار الأمير بندر إلى أن بشار بدأ بتوزيع الـ “أنت” وبعدها ما سيفعله بكل عماد – والعماد هو أعلى رتبة عسكرية- ، ومن هول الصدمة من سرد بشار لكل هذه التفاصيل وهو لم يدفن والده بعد سألته مرة أخرى :هل تضمن بأن القوات المسلحة معك؟ قال نعم، من هي القوات المسلحة، هذه كل القوات المسلحة، القيادات التي أتيت بها، استغربت وقلت في نفسي بالعامية “عز الله الجولان لن يتحرر ما دامت هذه قيادات الجيش”.
يقول الأمير بندر : وعدت إلى الطائرة، انتظرت طائرة الملك، ووصلت ونزل منها، وإذ ببشار الأسد في المطار يستقبله، لم تتسنّ لي فرصة التحدّث إلى الملك وإخباره بما حدث، حيث دخل الملك عبدالله مع بشار الأسد المجلس، ومعه ممن أذكر، الأمير مقرن بن عبد العزيز والأمير سعود الفيصل والدكتور غازي القصيبي.
وأكد أنه بعد قليل قال الملك عبدالله لبشار دعنا نتحدث على انفراد، وأسرع الملك باتجاهٍ معين ظن أنه باب يؤدي إلى مكتب، وحين فتحه وجدها غرفة نوم الضيف، فقال ألا يوجد مكتب هنا؟ قال بشار: كيف لا يا جلالة الملك، المكتب من الجهة الثانية.
قال الملك تعال أنت مثل ولدي ودخلا، وأجلَس الملك بشار على كرسي أمامه وبدأ الحديث وبنكتة من هنا وهنا، وامتد الحديث إلى قرابة الساعة.
أخبرت الأمراء مقرن وسعود الفيصل وكذلك غازي القصيبي بما حدث، قال غازي القصيبي لم لم تخبر الملك؟ قلت له شاهدتم ما حدث. ثم التفت إلي الأمير سعود الفيصل وقال أخبرهم”.
وعن تلك اللحظة يقول الأمير: “انتظرنا حتى خرج الملك، وأصر بشار على توديعه، خرج الملك، وأسرعت إليه وقلت له إنني تحدثت معه قبل وصولكم، ولم تسنح الفرصة لإخبارك.
قال الملك: “هذا غليّم ما يعرف يحكي، أقول لك هذا ما يعرف يحكي سألته من عندك من الرجال والمستشارين، ما يعرف يحكي، سوريا تهمنا، ما نبغاها تسقط”.
وعن آخر أيام حافظ الأسد يقول الأمير بندر : بدأت حالته المرضية تسوء، وذهب إلى جنيف للقاء الرئيس الأميركي بيل كلينتون ثم عاد إلى دمشق، وتردت حالته الصحية (…) زرته، ولم يكن يركز بشكل جيد، وكنت مضطراً لتكرار الحديث وإعادة ما قلته له حتى يلتقط الموضوع، وانتهينا من موضوع زيارتي له، وفجأة قال لي: لم يؤلمني أكثر من رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين، وكان اغتيل وقتها.
.
وكالات