ماكرون.. ليتكَ كنتَ في تركيا

قبل أيام قليلة أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة رسمية لعبد الفتاح السيسي الذي يترأس مصر منذ انقلابه الدموي الذي قام به على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر محمد مرسي.

ماكرون الغارق بممارسة إرهاب دولة ضد متظاهري بلاده منذ عدة أسابيع، والمنظّر قبل أيام بدروس ساذجة بالديمقراطية للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يتعرض لمحاولة انقلابية أمريكية غربيّة وقحة بالرغم من فوزه بالانتخابات الشعبية.

هذا الـ”ماكرون” لم يكتف بدعم الانقلابات هنا وهناك، بل وقف إلى جانب انقلابي في أبرز عاصمة إسلامية “القاهرة” ليهاجم الإسلام ويصفه بأنه “دين إرهاب”، دون أن يجد أي رد من مستضيفه ومن الطبقة التي تدعي الثقافة والعلم والفهم والدين في تلك الأرض.

من قلب العالم الإسلامي وقف ماكرون، وغرّد ماكرون على “تويتر” قائلا “الإرهاب الإسلامي”… إنها حركة منه تؤكد حقيقتين اثنتين، الحقيقة الأولى عنجهية الغرب وحقده على الإسلام والمسلمين، والحقيقة الثانية وصول المسلمين إلى درك منحدر جدا من الضعف والهوان على كل المستويات.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلنذكرك يا سيد ماكرون بإرهاب بلادك في إفريقيا وغيرها.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك يوم أن احتلت مصر دخل جنودُها المجرمون “الأزهر الشريف” بالخيول وداسوا فوق المصاحف وأعدموا العلماء وطلبة العلم في أروقة هذا الصرح الإسلامي العظيم.

ولكن الخزي والعار أن تأتي اليوم وتتهم الإسلام بـ”الإرهاب” وأنت تقف على بعد أمتار من “الأزهر الشريف” الشاهد على إرهاب فرنسا وحقدها على الإسلام والمسلمين… وأين الأزهر؟!

قبل أن تتهجم على ديننا.. نذكّرك يا سيد ماكرون بالمجازر المخيفة التي تعرض لها سكان مقاطعة “فانديه” الفرنسية إبّان ما تسمونه بـ”الثورة الفرنسية” بين العامين 1793 و1794م، وراح ضحيتها نحو 117 ألف قتيل من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك جمعت 400 ﻋﺎﻟم ﻣﺴلم ﻭﻗﻄﻌﺖ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻮﺍﻃﻴﺮ ﻋﺎﻡ 1917ﻡ، ﺃﺛﻨﺎﺀ اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﺗﺸﺎﺩ.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك ﺣﻴﻨﻤﺎ احتلت ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻷﻏﻮﺍﻁ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1852ﻡ ﺃﺑﺎﺩﺕ ﺛﻠﺜﻲ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺣﺮﻗﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك ﺣﻴﻦ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻋﺎﻡ 1962ﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺯﺭﻋﺖ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻐﺎﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ يومها.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻟﻤﺪﺓ 132 ﺳﻨﺔ، قتلت وأبادت خلالها ملايين المسلمين.

اقرأ أيضا

استقالة تثير الجدل في تركيا

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن بلادك ارتكبت المجازر بحق الأبرياء في أفغانستان والعراق وسوريا والبوسنة والهرسك والعديد من الدول الإفريقية.

قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أننا لو أردنا أن نعدد جرائمكم وإرهابكم بحق البشرية لاحتجنا لمجلدات من الكتب، ولكن لا تنسَ أن “حضارتكم” المزعومة التي تخدعون العالم بأنها “جوهرة”، قامت على قتل وظلم وإبادة الملايين من البشر وخاصة على جماجم الأفارقة المضطهدين… إذهب وابحث تحت أرصفة باريس وستجد العار الذي تحاولون طمسه بأكاذيبكم وخداعكم.

> قبل أن تتهجم على ديننا.. فلتعلم يا سيد ماكرون أن الإسلام لم يقم ـ مثلكم ـ على دماء وجماجم الأبرياء، فالإسلام دين محبة وسلام لا يدعو للعنف، كما تحاولون أن تصوروه مع عملائكم في الشرق الأوسط.

الإسلام لا يدعو للقتل والتدمير والحرق، بل يدعو للبناء والتنمية والحضارة والعدالة والإنسانية… أنتم تعلمون حقيقة هذا الدين الحنيف ولذلك تتعمّدون تشويه صورته، وأنتم تركبون على ظهور عملائكم وعبيدكم في بلاد المسلمين، وتؤرجحون أرجلكم.

فلتعلم يا سيد ماكرون أنك تطاولت اليوم على الإسلام ـ وأنت تدعي الحريات والديمقراطية ـ ومن قلب عاصمة إسلامية كبيرة تفتقد اليوم لزعيم شريف يوقفك عند حدك ويلزمك أدبك ويجبرك على طأطأة رأسك عند التلفظ بكلمة “الإسلام”.

فلتعلم يا سيد ماكرون أن فرحتك هذه بتطاولك على الإسلام من ذاك المكان لن تدوم طويلا، وأن ظلام الإنقلابيين الذين تدعمهم أنت وأمثالك لن يدوم طويلا، وستعود تلك العاصمة لمجدها العظيم.

ذاك الخنوع وتلك العمالة عند الانقلابيين، أعطتك فرصة أن تكون وقحا مُبديًا لحقدك وبغضائك، ولكن نقول لك “ليتك كنتَ في تركيا وتفوّهت بهذه الكلمات” لكنتَ وجدتَ من يعرّفك حجمك الصغير ويخرسك ويلقنك درسا في الأدب والاحترام ومبادئ الديمقراطية والحريات.

ونذكّرك هنا بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم أن تجرّأت قبل فترة وارتكبت نفس وقاحتك أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة التركية أنقرة، فما كان من أردوغان إلا أن أسكتها وقاطعها بشدة في الكلام والتعبير رافضا اتهاماتها للإسلام بأنه “إرهاب”.

وقال أردوغان لميركل يومها “لا يمكن ولا نقبل باستخدام عبارة (الإرهاب الإسلامي) التي تؤلمنا بشكل كبير، فلا يمكن الربط بين الإسلام والإرهاب… وإذا التزمنا الصمت، فهذا يعني أننا نقبل بالأمر، لكنني كمسلم وكرئيس مسلم، لا أستطيع القبول به”.

هنا الفرق بين رئيس قوي منتخب يعتز بدينه، وبين انقلابي يقتل شعبه ويحارب دين الله ويدمر بلده وينفذ أوامر أسياده، فليتكَ كنتَ في تركيا يا ماكرون لكنتَ عرفت ما هو الإسلام، ولكنتَ أرغِمتَ على تذكّر إرهاب وجرائم بلادك، ولسمعت ما يحسّن تربيتَك، ولكنتَ رأيتَ بأمّ عينيْك المسلمَ الحقيقي، لا كما رأيت عند الانقلابيين “مسلما بلاستيكيا”.

.

أقرأ أيضا: خطاب أردوغان… تلويح بالسيف

 الكاتب/ حمزة تكين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.