ليست المشكلة عندما يحاربنا بديننا من لا ينتمون له، ولكن المعضلة الكبرى وما لا يقبله عقل أن يحاربنا بديننا قوم “يرفعون” شعارات الإسلام ورايات التوحيد، باعوا دينهموتخلوا عن قيمهم الأخلاقية، فقط لأنهم يكرهون شخصا واحدا وهم مستعدون للتحالف مع الشيطان ليتخلصوا من هذا الشخص.
والمعضلة الأكبر في هذا الأمر أن كل هذا الحقد “المتأسلم” لا ينصب اليوم على شخص لا يؤمن بالإسلام، بل على شخص مسلم بل وليس بمسلم عادي، بل مسلم عامل أصبحعند كثير من المجتمعات في مشارق الأرض ومغاربها، رمزا للعمل والعطاء والصدق والإنجاز والعدالة والتنمية.
كلنا شاهدنا تلك المقاطع المصورة التي انتشرت من ساحة تقسيم في إسطنبول لفعالية نسائية استغلت ما يسمى بـ”يوم المرأة العالمي” قبل 3 أيام، والتي أظهرت محاولة واضحةووقحة لمئات “السيدات” – بعضهن محجبات يرفعن شعارات إسلامية – لإخفات صوت الأذان الذي كان ينادي لصلاة العشاء، وذلك برفعهن أصواتا وصفارات بطريقةشيطانية فوق صوت الأذان… ولكن بقي صوت أذاننا هو الأقوى الأعلى، وظل صوت صراخهن هو الأضعف الأدنى.
لم تشارك في هذه الفعالية، التي رُفعت خلالها شعارات تنادي بما ينافي الطبيعة البشرية بين الذكور والإناث فضلا عن لافتات كتبت عليها عبارات قذرة وشتائم فظيعة، أخجلمن نقل محتواها، لم تشارك فيها “سيدات” من غير المسلمات أو المحاربات للإسلام وأهله فحسب، بل أيضا “سيدات” يرفعن شعارات إسلامية ويدّعين دفاعهن عن الإسلام!!
لم ينته مسلسل هؤلاء هنا، بل لاقت هذه الفعالية ترحيبا من “متأسلمين” آخرين خارج حدود الجمهورية التركية، قوم “متأسلمون” دعموا هذا التحرك وما تضمنه من إساءةللأذان والإسلام والمسلمين، دعموه إعلاميا وتأييدا ومعنويا رغم معرفتهم أنه تحرك لم يُسئ إلا للأذان والإسلام.
“المتأسلمون”، سواء مَن اجتمع في ساحة تقسيم أو من أيدهنّ من الخارج، كانوا يعرفون أن هذا التحرك مسيء للأذان والإسلام، ولكنهم شاركوا فيه ودعموه وطبلوا له حقداعلى شخص واحد وكرها بشخص واحد وما يمثله من مبادئ ومشروع وحاضر ومستقبل، هو رجب طيب أردوغان.
كرههم لهذا الرجل أعمى قلوبهم وأذهب عقولهم وجعلهم يناصرون فئات معادية لكل ما يمت للإسلام بصلة، والطامة الأكبر أنهم ليسوا بأفضل منه، فهو مسلم يعرف مبادئالإسلام وأصوله وهم لا، هو عامل يريد بناء وطن وهم لا، هو يريد أن تكون أمته عزيزة وهم لا، هو يريد أن تصنع أمته كل احتياجاتها وهم لا، هو لديه مشروع واضحللعدالة والتنمية وهم لا.
يعادونه دون أن يقدّموا مشروعا بديلا، ودون أن يكون لديهم مجرد تصور عما تريده الشعوب الإسلامية من قادتها في سبيل تطوير حاضرها ومستقبلها، يحلمون فقط بإزالتهدون أي فكرة يعرضونها على الأمة تكون بديل عنه، مستعدون لمعاداته ومخاصمته مهما فعل من خير، فقط لأنه رجب طيب أردوغان.
لهؤلاء “المتأسلمين” الحق بعدم دعم رجب طيب أردوغان أو مناصرته، ولكن من أين أتوا بفتاوى تكفيره وتفسيقه وجعله عميلا لأعداء الأمة؟! وإن كان هو كما يدعون، فهلهم المخلصون لهذه الأمة؟!، كيف ذلك ونحن الذين لم نر منهم إلا ما يتسبب بتخلف الأمة وشبابها!
إختلفوا مع رجب طيب أردوغان ولكن فلتبقَ قلوبكم ـ على الأقل ـ مرتبطة بأمر اسمه الإسلام، فلا يدفعكم حقدكم على من يعرّي تقصيركم وخذلانكم وتبعيتكم لأن تسيئوا للأذانوالإسلام، فإن هذا معيب بحقكم ولا يزيدكم إلا انحدارا في أعين المسلمين المخلصين التواقين لعزة جديدة قد خسرناها قبل أكثر من 100 عام بسبب أجدادكم أنتم.
هذه الدعوة لأولئك “المتأسلمين”، أما من شاركوا بهذا التحرك في الداخل ومن دعموه من الخارج من غير أبناء المسلمين، فنسألهم هنا سؤالا واحدا، وهم طالما صدّعوارؤوسنا بمفاهيم الحرية والكرامة والاحترام والإنسانية… أنتم أحرار بمعتقداتكم وآرائكم وتوجهاتكم وحبكم أو بغضكم للإسلام ورجب طيب أردوغان، ولكن لماذا تريدون أنتكون الحرية مفصلة على مقاسكم وحسب؟!
لماذا وأنتم تمارسون حريتكم، لا تدعوننا نمارس حرية معتقدنا وأذاننا وصلاتنا؟! لماذا تريدون نيل الحرية أنتم فقط ولا تريدوننا أن ننال حريتنا أيضا؟! وبالتالي لماذا تحاولونمنعنا من حرية الأذان؟! ألستم تدعون الديمقراطية والاحترام وكل هذه المفاهيم؟!
أم أن دعواتكم لهذه المفاهيم ما هي إلا شمّاعة لمحاربة الإسلام؟! ألا تخجلون من أنكم وأنتم تدعون الحرية تحاولون في الوقت نفسه قمع حريتنا؟!… عليكم بأنفسكم ودعوناوشأننا!
ولكن ورغم أننا مع كل هذه المفاهيم ومع مبادئ الديمقراطية وحرية التعبير، ومن هذا المنطلق أصلا نقول لكم ولكل من يسيء لشعائرنا الإسلامية سواء من “المتأسلمين” أومن غير المسلمين: إفعلوا ما يحلوا لكم ودوسوا على مفاهيمكم ومبادئكم فقط كرها بالإسلام ورجالاته الأقوياء، ولكن عليكم أن تدركوا جيدا أن زمنكم قد ولى.
لن تستطيعوا بعد اليوم ولو كانت معكم قوى الشر كافة ومليارات الدولارات، من تحقيق أحلامكم بإطفاء نور الإسلام الحقيقي أو إضعاف رجالات الإسلام الحقيقيون… لننسمح لكم ـ ومهما كلفنا الأمر ـ بأن تسكتوا أذاننا أو تدوسوا علمنا.
إنه ميدان الصراع بين الحق والباطل… ونحن الحق مهما حاولتم تشويه صورتنا وسمعتنا ومشروعنا القائم على العدالة والتنمية، وأنتم الباطل مهما حاولتم التغطي بشعاراتالإسلام واللحى السوداء والبيضاء، وإن غدا لناظره قريب.
.